صحيفة الاندبندنت البريطانية: ضحايا اليمن أكثر بـ6 أضعاف مما كان يعتقد سابقا
نشرت صحيفة “إندبندنت” يوم امس تقريرا للكاتب باتريك كوكبيرن، يقول فيه إن عدد الأشخاص الذين قتلوا في الحرب في اليمن ارتفع ليبلغ 3 آلاف شخص في شهر واحد لأول مرة، ليصبح عدد الضحايا أكثر من 60 ألفا منذ بداية عام 2016، مشيرا إلى أن هذا الرقم أكبر بست مرات من الرقم الذي يستشهد به الإعلام والسياسيون.
وينقل التقرير، عن الباحث المتخصص في اليمن في مشروع الموقع وبيانات الأحداث للنزاعات المسلحة (ACLED)، الذي كان مقره في جامعة ساسيكس، الذي يقوم بدراسة الصراعات، ويسعى لتوثيق المستويات الحقيقية للضحايا، أندريا كاربوني، قوله: “لقد سجلنا 3068 شخصا قتلوا في تشرين الثاني/ نوفمبر، ما يرفع عدد الضحايا اليمنيين الذين قتلوا في أعمال العنف إلى 60223 منذ كانون الثاني/ يناير 2016”.
ويشير كوكبيرن إلى أن هذه الأرقام لا تشمل اليمنيين الذين ماتوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، فالبلد على شفير المجاعة، بحسب الأمم المتحدة، أو من أمراض تسببت بها الحرب مثل الكوليرا.
وتقول الصحيفة إن هذا العدد من اليمنيين الذين يموتون في الحرب تم التقليل من شأنه لدى التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، الذي يحظى بدعم عسكري فعال من كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وهو مهتم بالتقليل من التكلفة البشرية للنزاع، مشيرة إلى أن التحالف حاول منذ آذار/ مارس 2015 أن( يعيد السلطة لعبد ربه منصور هادي، الذي أطاح الحوثيون بحكومته في أواخر عام 2014).
ويورد التقرير نقلا عن كاربوني، قوله إن الأرقام الأخيرة الصادرة عن ACLED))، التي تم نشرها يوم الثلاثاء، مستقاة بشكل رئيسي من المعلومات الواردة في مئات الصحف المنشورة على الإنترنت والمواقع الإخبارية في اليمن، لافتا إلى أنه يؤخد في عين الاعتبار احتمال الانحياز السياسي لتلك المصادر، فيما تتم مقارنة التقارير المختلفة مع أكثر الإحصائيات تحفظا للوصول إلى الأرقام النهائية.
وينقل الكاتب عن المديرة التنفيذية لمشروع (ACLED) كليوناد راليخ، قولها: “إن تقدير (ACLED) لعدد الضحايا المباشرين للنزاع في اليمن أعلى بكثير من التقديرات الرسمية، وحتى هذه فهي تقديرات أقل من الواقع، وعدد الضحايا هو مجرد تقريب للمأساة الكبيرة والإرهاب الذي فرض على اليمنيين”.
وتؤكد الصحيفة أن رقم 60223 لمن قتل في القتال هو أقل من عدد الضحايا الكامل في اليمن منذ أن بدأ ولي العهد محمد بن سلمان التدخل السعودي في آذار/ مارس 2015؛ لأن (ACLED) بدأ إحصائياته في أوائل عام 2016.
ويستدرك التقرير بأن المنظمة تقوم الآن بإجراء عد لمن قتلوا في 2015، الذين يقدر عددهم كاربوني بأنه “ما بين 15 ألفا و20 ألفا”، وهذا يعني أن العدد الكامل لضحايا النزاع على مدى السنوات الأربع سيرتفع إلى ما بين 75 ألفا و80 ألفا.
ويلفت كوكبيرن إلى أن العدد الكبير للضحايا هذا العام يعود للهجوم على ميناء الحديدة، الذي يعد المدخل الوحيد للإمدادات الإنسانية التي تصل الشعب اليمني، وهو ما أدى إلى زيادة في عدد الضحايا بنسبة 68% في الأحد عشر شهرا الأولى من هذا العام إلى 28115، بحسب (ACLED).
وتقول الصحيفة إن عدد المتوقع وفاتهم جوعا ومرضا قد يتجاوز عدد من قتلوا في الحرب، فهناك حوالي 20 مليون شخص لا يحصلون على طعام كاف -70% من عدد السكان- ولأول مرة هناك 250 ألف شخص يواجهون “كارثة”، بحسب مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، الذي عاد مؤخرا من اليمن.
ويورد التقرير نقلا عن لوكوك، قوله إن هناك “تدهورا مهما ودراماتيكيا” للوضع الإنساني لليمنيين المعرضين للجوع والموت في أربع محافظات يتركز فيها القتال، هي الحديدة وصعدة وتعز وحجة.
ويبين الكاتب أن التغير الكبير في الصراع في اليمن هو أن الدور السعودي في الحرب أصبح تحت المجهر منذ مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، على يد فريق سعودي في اسطنبول، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرا إلى أن الاشمئزاز الدولي الذي تسبب به مقتل خاشقجي أدى إلى زيادة التركيز والانتقاد للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والكارثة الإنسانية التي تسببت بها.
وتفيد الصحيفة بأن الوفدين اللذين يمثلان الحوثيين والحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية يناقشان في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في السويد توسيع الهدنة المتزعزعة في الحديدة، لافتة إلى أنه بحسب هذه المقترحات، فإن القوات كلها تنسحب من المدينة، وبعدها من المحافظة، تاركة الأمم المتحدة لإدارة مرحلة انتقالية، وقال المبعوث الأممي لليمن مارتين غريفيثس بأنه يريد “إخراج الحديدة من الحرب”، حتى يمكن توصيل المساعدات.
وبحسب التقرير، فإن هناك مؤشرا آخر على التهدئة في الحرب جاء يوم الثلاثاء، حيث تبادلت الحكومة المدعومة سعوديا و(الحوثيين) قوائم بأسماء حوالي 15 ألف سجين؛ لفتح الباب أمام اتفاقية تبادل، مستدركا بأن المحادثات، التي يفترض أن تستمر حتى 13 كانون الأول/ ديسمبر، لم تحقق بعد تقدما بشأن الخلافات حول الهدنة في الحديدة، وإعادة فتح المطار في العاصمة صنعاء، وتعزيز وضع البنك المركزي.
ويذكر كوكبيرن أنه سيتم تبادل الأسرى في 20 كانون الثاني/ يناير، من خلال مطار صنعاء في اليمن الشمالي ومطار سيؤون في الجنوب، وستشرف الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر على عملية التبادل، مشيرا إلى قول غالب مطلق، من وفد الحوثيين: “لقد تبادلنا أكثر من 7 آلاف اسم من كل جانب، بما في ذلك حوالي 200 ضابط برتبة عالية”.
وتجد الصحيفة أن إدارة ترامب تدفع ثمنا سياسيا عاليا في أمريكا وخارجها بسبب استمرارها في دعم ولي العهد السعودي والحرب في اليمن، التي تتعرض لانتقادات شديدة من الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن، فيما تقول الإدارة إنها ستستمر في دعم التحالف الذي تقوده السعودية، مدعية بأن ذلك ضروري لمكافحة النفوذ الإيراني والأصوليين الإسلاميين.