ضربات أميركا بالشرق الأوسط قتلت آلاف المدنيين
كشفت وثائق جديدة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحرب الأميركية الجوية في الشرق الأوسط، منذ عام 2014، اتسمت بمعلومات استخبارية معيبة للغاية، واستهداف متسرع وغير دقيق، وفي كثير من الأحيان أدت إلى مقتل آلاف المدنيين.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الوثائق تظهر أن التعهدات بالشفافية والمحاسبة أفسحت مجالا للتعتيم والإفلات من العقاب.
واستعرضت -في تقريرها- حالات قتل فيها مدنيون، ولم ينتج عن أي منها إقرار بارتكاب خطأ. وذكرت واقعة مقتل 120 قرويا سوريا في ضواحي قرية توخار في ضربة قال البنتاغون وقتها إنها استهدفت تجمعا لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
وجاء في مثال آخر تنفيذ ضربة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بمنطقة الرمادي في العراق بعد رصد شخص يجرّ “غرضا مجهولا وثقيلا” إلى موقع تابع لتنظيم الدولة، وتبيّن في تقرير أعد بعد مراجعة أن الغرض كان طفلا قُتل في غارة.
وفي الآونة الأخيرة، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن مزاعم بأن سيارة دمرتها طائرة بلا طيار بأحد شوارع العاصمة كابل في أغسطس/آب كانت محمّلة بقنابل.
وقد تبين لاحقا أن ضحايا الضربة كانوا 10 أفراد من عائلة واحدة.
وأوردت الصحيفة الأميركية أن مجموعة من الوثائق السرية -التي تم الحصول عليها مؤخرا- تتناول أكثر من 1300 تقرير عن الخسائر في صفوف المدنيين تقوّض ما تروّج له الحكومة عن حرب تُخاض بالقنابل الدقيقة.
وأضافت نيويورك تايمز أنه “لم يخلص ولو سجل واحد إلى خطأ ارتُكب أو إلى إجراء تأديبي” مشيرة إلى أن هذا ما كشفه النصف الأول من الوثائق.
وفي الوقت الذي سبق الإبلاغ فيه عن عدد من الحالات التي أفادت بها الصحيفة، أوردت نيويورك تايمز أن تحقيقاتها أظهرت أن عدد القتلى المدنيين تم التقليل منه على نحو كبير.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن ضعف لقطات المراقبة، وعدم كفايتها، غالبا ما يؤديان إلى إخفاقات ينتج عنها سقوط قتلى من خارج نطاق الاستهداف.
ويوضح أن كثيرا من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أميركية، وبقوا على قيد الحياة، يعانون إعاقات تتطلب علاجا مكلفا، وأن أقل من 12 منهم تلقوا تعويضات مالية.
وردا على استفسار من نيويورك تايمز، قال المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية الكابتن بيل أوربان “الأخطاء واردة الحدوث حتى مع أفضل التقنيات في العالم”.
وتابع “نعمل بجد لتجنّب أضرار كهذه. ونجري تحقيقا في كل حالة ذات صدقية. ونأسف لكل الخسائر في أرواح الأبرياء”.
وشهد اعتماد الولايات المتحدة، على الضربات الجوية بالشرق الأوسط، تسارعا كبيرا السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، بعدما تضاءل التأييد الشعبي للحروب البرية.
ووصف أوباما المقاربة الجديدة القائمة على استخدام طائرات مسيّرة بأنها “الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ” وقال إنها قادرة على إبقاء عدد القتلى في صفوف المدنيين في حده الأدنى.
لكن القوات الأميركية نفّذت خلال 5 سنوات أكثر من 50 ألف ضربة جوية في أفغانستان والعراق وسوريا، وفق التقرير.
وأوردت نيويورك تايمز أن مراسليها “زاروا أكثر من 100 موقع من تلك التي سقط فيها ضحايا، وأجروا مقابلات مع عشرات من السكان الناجين ومسؤولين أميركيين حاليين وسابقين”.