بسبب الفيتو الروسي، مجلس الأمن يفشل في تبني قرار بشأن المناخ والأمن

بعد فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، في تبني مشروع قرار بشأن المناخ والأمن بسبب استخدام روسيا حق النقض (الفيتو)، قالت السفيرة الأيرلندية جيرالدين بيرن ناسون إن المجلس أضاع فرصة “للاعتراف لأول مرة بواقع العالم الذي نعيش فيه”.
وحظي مشروع القرار، الذي صاغته أيرلندا والنيجر وأيدته 113 دولة عضو أخرى، بتأييد 12 صوتا، وصوتت ضده روسيا والهند، فيما امتنعت الصين عن التصويت.
وقبل التصويت، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن المشاركيْن في تقديم مشروع القرار لا يريدان الاستماع إلى التوضيحات أو الحجج، واصفا النص بأنه غير مقبول. وقال إن روسيا تعارض إنشاء مجال عمل جديد للمجلس والذي ينشئ علاقة تلقائية عامة بين تغير المناخ والأمن الدولي، وتحويل القضية العلمية والاجتماعية والاقتصادية إلى مسألة مسيسة.
وقال نيبينزيا، مخاطبا رئاسة المجلس، التي تتولاها حاليا النيجر:
“إنه لمن المحزن بشكل خاص، سيدي الرئيس، أن نرى هذه المحاولة لإدراج مشروع القرار هذا في وقت نرى فيه نقصا واضحا في توافق الآراء بين أعضاء مجلس الأمن. وفي وقت تحاول البلدان الاتفاق على كيفية تنفيذ اتفاق باريس في غلاسكو وعلى التدابير الضرورية حقا لمكافحة تغير المناخ. يجب أن توفر خطة المناخ دورا موحدا بغية تحقيق النجاح النهائي في الأنشطة الفردية والمشتركة وليس زرع الفتنة، وخاصة لأغراض سياسية”. 
أيرلندا: استخدام الفيتو اليوم تذكير بأن مجلس الأمن بحاجة ماسة إلى الإصلاح 
وقالت السفيرة الأيرلندية جيرالدين بيرن ناسون إن المسودة كانت بمثابة خطوة أولى متواضعة لتعزيز قدرة المجلس على البدء في تحمل مسؤوليته بشأن التحدي المصيري الذي يواجه هذا الجيل.
وقالت إنه كان ينبغي للمجلس، ومنذ فترة طويلة، أن يتحمل مسؤولية دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ عبر أعمال حل النزاعات والوقاية والوساطة.
وعبرت السفيرة الأيرلندية عقب التصويت عن خيبة أمل بلادها العميقة، ومضت قائلة:
“اليوم كان يمكن أن يمثل نقطة تحول. كان ينبغي أن يمثل نقطة تحول. اليوم كان فرصة للمجلس ليعترف، لأول مرة، بحقيقة العالم الذي نعيش فيه والتي مفادها بأن تغير المناخ يضاعف من انعدام الأمن ويؤدي إلى عدم الاستقرار. إنه يشكل تهديدا حقيقيا وقائما لصون السلم والأمن الدوليين. كان بإمكاننا تحمل مسؤوليتنا لقبول هذا الواقع في عملنا”.
وأعربت ناسون عن أسفها لقرار استخدام حق النقض لمنع تبني ما وصفته بأنه قرار رائد. وأضافت بالقول:
“نأسف لاستخدام حق النقض في جميع الظروف، ونأسف بشدة لاستخدامه اليوم. من المعلوم أن غالبية أعضاء الأمم المتحدة، 113 دولة، قد شاركت في رعاية مشروع القرار الذي رفضه هذا المجلس الآن. واليوم تذكير آخر، كما لو كنا بحاجة إلى تذكير، بأن مجلس الأمن هذا بحاجة ماسة إلى الإصلاح”.
وشددت السفيرة الأيرلندية على ضرورة أن تتفهم الأمم المتحدة وتتخذ إجراءات بشأن التداعيات الأمنية لتغير المناخ. وقالت إن دعم 113 دولة عضو لمشروع القرار يوضح توقع غالبية أعضاء الأمم المتحدة بأن مجلس الأمن يتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار المخاطر الأمنية لتغير المناخ في عمليات صنع القرار.
(من الأرشيف) يعاني الصومال من آثار تغير المناخ المتطرفة بشكل شديد، مثل الجفاف والفيضانات. في الصورة، راع في شمال البلاد فقد نصف قطيعه بسبب الجفاف.
UNICEF/Sebastian Rich
(من الأرشيف) يعاني الصومال من آثار تغير المناخ المتطرفة بشكل شديد، مثل الجفاف والفيضانات. في الصورة، راع في شمال البلاد فقد نصف قطيعه بسبب الجفاف.
الهند: مشروع القرار هو خطوة إلى الوراء 
بدوره، قال السفير الهندي تي إس تيرومورتي إن بلاده تأتي في المقام الأول فيما يتعلق بالعمل والعدالة المناخيين، لكنه شدد على أن مجلس الأمن ليس المكان المناسب لمناقشة أي من القضيتين.
وقال إنه يبدو أن الدافع وراء مشروع القرار هو الرغبة في التملص من المسؤولية في المنتدى المناسب، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) وتشتيت انتباه العالم عن عدم الرغبة في الإنجاز حيثما كان ذلك ضروريا.
وقال تيرومورتي: “مشروع القرار هذا هو خطوة إلى الوراء عن تصميمنا الجماعي على مكافحة تغير المناخ. ويبدو أنه يسلم هذه المسؤولية إلى هيئة لا تعمل من خلال توافق الآراء ولا تعكس مصالح البلدان النامية. الهند لم يكن لديها خيار سوى التصويت ضد مشروع القرار”.
وأضاف السفير الهندي أنه في سبيل المضي قدما، بشكل حاسم، في العمل المناخي، أصبح الوصول ميسور التكلفة إلى تمويل وتقنيات المناخ أمرا بالغ الأهمية، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة لم تف بوعودها، مضيفا أن محاولة اليوم لربط المناخ بالأمن تسعى إلى التعتيم على عدم إحراز تقدم بشأن القضايا الحرجة في إطار عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
روسيا: محاولة غير ديمقراطية لتجاهل آراء 80 عضوا في الأمم المتحدة
وقال السفير الروسي نيبينزيا إنه بينما يشير مقدما مشروع القرار إلى 113 دولة أيدت القرار، هناك 80 دولة لم تؤيده.
وأضاف: “المجتمع الدولي منقسم بشدة حول المناخ. كان هذا واضحا في غلاسكو عندما كانت هناك حاجة إلى توافق، لكن ذلك دفع زملاءنا في الغرب إلى التصرف بشكل ديمقراطي والنظر في آراء الدول الأخرى. الآن نرى محاولة غير ديمقراطية لتجاهل آراء 80 عضوا في الأمم المتحدة لم يؤيدوا النص… وهذه خطوة إلى الوراء في محاولة مكافحة تغير المناخ”.
ووصف نيبينزيا حق النقض بأنه جزء أساسي من التأمين ضد هذا النوع من السيناريو غير المقبول، مضيفا أن الهيمنة الغربية للمجلس أصبحت أكثر وضوحا في محاولة للابتعاد عن تحمل مسؤوليتها تجاه أفعالها.
وأقر السفير الروسي بحقيقة أن هناك مجموعة من المشاكل المختلفة منسجمة مع بعضها البعض بما في ذلك تغير المناخ، والكوارث الطبيعية، والفقر، وضعف السلطات المحلية، والإرهاب والتي تشكل عبئا ثقيلا للغاية على بعض البلدان والمناطق. ومع ذلك، شدد على أن كل حالة فريدة من نوعها.
فتاة شابة تقف على سطح سد في جنوب زيمبابوي، حيث اعتادت على جلب المياه من هذا المصدر، قبل أن يضرب الجفاف القاسي المنطقة بسبب تأثيرات ظاهرة النينيو.  (صورة من الملف)
UNICEF/Mukwazhi
فتاة شابة تقف على سطح سد في جنوب زيمبابوي، حيث اعتادت على جلب المياه من هذا المصدر، قبل أن يضرب الجفاف القاسي المنطقة بسبب تأثيرات ظاهرة النينيو. (صورة من الملف)
الولايات المتحدة: استخدام حق النقض ضد هذا القرار يشكل خذلانا للعالم
سفيرة الولايات المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قالت إن روسيا ومن خلال استخدام حق النقض ضد مشروع القرار، منعت أهم هيئة في العالم معنية بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين من اتخاذ خطوة صغيرة وعملية وضرورية لمكافحة آثار تغير المناخ. وقالت إن أزمة المناخ أزمة أمنية تشكل تهديدا لكل شخص، في كل دولة، وفي كل قارة.
وقالت توماس غرينفيلد إن الولايات المتحدة ترفض رفضا قاطعا فكرة أن عمل مجلس الأمن يقوض اتفاق باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، مشددة على أن المجلس يمكن وينبغي له أن يكمل ويدعم ويعزز العمل الجماعي بموجب الاتفاقيتين بالطرق الضرورية لمكافحة هذا التهديد الأمني.
ومضت السفيرة الأمريكية بالقول:
“كان هذا القرار أقل ما يمكن أن نفعله، بالنظر إلى جسامة التحدي. اليوم، أدى استخدام حق النقض ضد هذا القرار إلى خذلان العالم، وليس هناك أي مبرر لاتخاذ هذا الإجراء”.
الصين: جعل تغير المناخ تحديا أمنيا رئيسيا ليس علميا
وقال السفير الصيني جينغ شوانغ إن بلاده تولي أهمية كبيرة لمعالجة تغير المناخ ولعبت دورا مسؤولا وبناء، مشيرا إلى أن تغير المناخ هو نتيجة ثانوية لنمط التنمية البشرية غير المستدامة منذ الثورة الصناعية، وبالتالي فإن معالجة المشكلة بشكل جذري تكمن فقط في عملية التحول الأخضر والتنمية المستدامة.
قال شوانغ إن تغير المناخ لديه القدرة على التأثير على السلام والأمن، لكن العلاقة بين الاثنين معقدة للغاية، مضيفا أن جعل تغير المناخ التحدي الأمني الرئيسي ليس علميا وقد يعيق جهود حل النزاعات.
ودعا السفير الصيني الدول المتقدمة إلى تنفيذ التزاماتها في مجالات تمويل المناخ ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات. وقال إن قيمة عمل المجلس بشأن قضية المناخ لا تعتمد على الأقوال والتقارير المكتوبة، مبينا أن المطلوب هو بذل جهود حقيقية لتقديم مساعدة حقيقية للبلدان والمناطق التي تعاني من النزاعات.
وأضاف: “ما يحتاجه مجلس الأمن ليس استعراضا سياسيا. إذا كانت بعض الدول تهتم حقا بتغير المناخ، فعليها أن تدعم مجلس الأمن في استخدام سلطته الفريدة لإنشاء آلية مراقبة ومساعدة الدول المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها”.
 النيجر: لن يفي المجلس بولايته إذا لم يتكيف 
في حديث للصحفيين عقب الاجتماع، نيابة عن بلاده وأيرلندا، قال سفير النيجر، عبدو أباري، إن القرار كان سيكون خطوة تاريخية وضرورية للمجلس في وقت حرج. وأوضح أن مشروع القرار يتعلق بالنظر في دور مجلس الأمن في العالم الحالي وشدد على أن مقدمي المشروع لم يكونا يبحثان عن حق النقض.
وأضاف أباري: “تظهر الأبحاث والأدلة على الأرض بوضوح أن تغير المناخ يزيد من انعدام الأمن وعدم الاستقرار. ولن يفي المجلس أبدا بولايته الخاصة بالسلام والأمن الدوليين إذا لم يتكيف. يجب أن يكون انعكاسا للحظة التي نعيشها الآن والتهديدات الحالية التي تواجه السلام والأمن الدوليين”.
وقال سفير النيجر إنه لا يزال من الضروري أن يدمج المجلس المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ في عمله والسعي لفهم تأثير تغير المناخ على جدول أعماله.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) قدمت مساعدات غذائية طارئة للأسر في النيجر للتغلب على آثار الجفاف.
©FAO/Giulio Napolitano
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) قدمت مساعدات غذائية طارئة للأسر في النيجر للتغلب على آثار الجفاف.
قد يعجبك ايضا