التحالف يحرم آلاف الصيادين من رزقهم
اعتاد الصيادون اليمنيون الإبحار على شواطئ يصل طولها إلى أكثر من 2500 كيلومتر. ممتدة عبر واجهتين بحريتين، من البحر الأحمر إلى بحر العرب، مروراً بمضيق باب المندب. مئات السنين، لا بل أكثر، وأجداد سامي مرعي وغيره من الصيادين يمخرون عباب البحر، من دون قيد، بحثاً عن رزقهم.
وفي قصة لصياد يمني من أبناء المكلا ضمن تحقيق نشره (قشن برس) تحكي معاناة الصيادين اليمنيين سواء في الحديدة او المهرة أو حضرموت جراء العدوان والحصار في حظر الاصطياد ومنعهم من الوصول الى مناطق الاصطياد .
تقول القصة منذ عام 2016، وشباك سامي مرعي خاوية اعتاد سامي، الذي يقيم في مدينة المكلا بحضرموت شرق اليمن، النزول إلى البحر لمدة 15 عاماً، إلى أن تم منعه من الإقتراب من مناطق على سواحل مدينة الشحر، حيث يعتاش من مينائها أكثر من أربعة آلاف صياد.
كذلك أبو عباس المهري الذي يمتهن الصيد منذ تسعينيات القرن الماضي، مُنع أيضاً من الاقتراب من أماكن محددة في البحر، ونتيجة هذا المنع الذي تضرر منه الصيادون، “تجد الصياد، غير قادر على توفير قوت يومه”،ويضيف أن بعض الصيادين الذين يصل دينهم إلى 400 أو 500 ألف ريال يمني يعجزون عن السداد.
العدوان كان له أضرار مباشرة على الصيادين اليمنيين و تأتي مدينة المكلا في صدارة المدن المتأثرة، حيث يقول الصيادون إنهم مُنعوا من الاقتراب من البحر في المنطقة الواقعة بين مطار الريان وميناء الضبة النفطي، بمبرر وجودها “قرب مواقع عسكرية ونفطية”، وذلك اعتباراً من نيسان/أبريل 2016.
وتظهر صور الاقمار الاصطناعية قوارب الصيادين مرمية على شواطئ مدينة المكلا التي تغنى بها الشعراء، في دلالة على غياب النشاط البحري في المناطق المحظورة، منذ أن قامت قوات تحالف العدوان بإصدار تعليمات تمنع الصيادين من الوصول للبحر، والدخول الى أعماق معينة وبالتالي حرمانهم من مصدر رزقهم، علما أن غالبيتهم لا يعرف مهنة إلا الصيد.
وبعد إجراءات منع الصيد في المناطق المذكورة واجهتهم قوات تحالف العدوان والمرتزقة بالقمع والتهديد، كما يقول الصياد أبوعبدالله. “عندما نقوم أو نعتزم عمل وقفات احتجاجية يتم تهديدنا بالاعتقال من قبل الاستخبارات التابعة للمنطقة الثانية (الموالية للعدوان) وذلك بإيعاز من قوات الإمارات المتواجدة في المطار”..
ويضيف مرعي والذي كان يملك قاربين، إن قرارات الحظر “انعكست علينا بالضرر، والدخل ما عاد يساعد والصياد ما يشتغل صيد لوحده”. ويضيف “بعدما تم إغلاق البحر من قبل التحالف تركت مزاولة المهنة واشتغلت في مهن ثانية من شان نعيش، نشتغل فرزة أو محل سندوتش ونمشي.. نمشي”.
ويظهر تحليل صور الأقمار الصناعية للمهرة استحداث تحالف العدوان 11 موقعا عسكريا، على طول الشريط الساحلي، وبالقرب من 11 مركز إنزال سمكي من بين 12 مركزاً هي إجمالي مراكز الإنزال في المحافظة. تم إنشاء أول قاعدة عسكرية قرب مركز نشطون في أب/ أغسطس 2018 وأول معسكر قرب ميناء قرحيت السمكي في أيلول/ سبتمبر من العام ذاته. وواصل التحالف إنشاء المعسكرات خلال عام 2019، مضيفا ثماني معسكرات جديدة وعدد من القواعد العسكرية.
وبحسب تأكيدات ابو عباس المهري فإن وجود هذه النقاط، زاد من حدة الحصار على الصيادين ومنع الأسمدة الزراعية من الدخول، بالإضافة إلى التحكم بكل ما يمر إلى المهرة بحراً .
رئيس ملتقى الصياد التهامي بمحافظة الحديدة محمد الحسني، أوضح أن خسائر الصيادين ليست في ضياع مواسم الصيد فقط، بل يضاف إليها تعرضهم للاعتقال، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 1104 صيادين اعتقلوا من جانب تحالف العدوان
و ذكر التقرير ان غارات العدوان بين محافظتي الحديدة وتعز، أدت إلى مقتل 125 صياداً يمنيا وإصابة 75 آخرين .
وأفاد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش نُشر في آب/ أغسطس 2019 بمقتل 47 صياداً يمنياً على الأقل، جراء خمس هجمات، شاركت فيها سفن حربية ومروحيات، كما أشار التقرير نفسه، إلى احتجاز أكثر من 100 صياد يمني من قبل القوات السعودية لفترات تتراوح من 40 يوما إلى عامين ونصف، في مراكز الاحتجاز والسجون في السعودية، ووثق التقرير شهادات لمعتقلين سابقين أفادوا بتعرضهم للـ”التعذيب أثناء الاحتجاز في السعودية”.
أما في المكلا، تبلغ المساحة المحظورة على الصيادين 12 ميلاً بحرياً، وفق تأكيدات سالم بادؤود، رئيس جمعية الصيادين في المدينة. ويكشف بادؤود للمرة الأولى كواليس استدعائه من قبل السلطات في المكلا إلى جانب آخرين، بعد خروج “القاعدة” في نيسان/ أبريل 2016، بهدف تحديد مناطق الصيد المحظورة .
ويوضح بادؤود أن القوات التي اتخذت من مطار المدينة مقراً لها، قامت باستدعاء المسؤولين عن قطاع الصيد البحري لتبلغهم أنه نظراً لترتيبات أمنية جديدة فقد تم حظر مناطق من البحر على الصيادين، وهي مناطق غنية بالأسماك وتشكل مصدر رزق هائل للعاملين في البحر، وهذا ما أكده رئيس الإتحاد التعاوني للصيادين بالمكلا عمر قمبيت.
يخلص الصياد اليمني علي سودة، وهو في الـ70 من العمر، وأب لـ11 ابنا وابنة، أغلبهم يعملون في مهنة الصيد، إلى أن الوضع الذي آلت إليه البلاد، قد جعل “ابن الوطن محروماً”، حيث كيلو السمك الديرك، يصل سعره إلى 10 آلاف ريال (ارتفع لنحو ضعفين في السنوات الأخيرة). في حين لا تقتصر سلسلة من الأحداث والتحولات المؤسفة، بالنسبة لسودة، على الجانب السمكي، بل إن البحر، الذي يشير إليه يقول “انظر كيف صار ملوثاً”، ويشدد على أن ما يحتاج إليه وضع القطاع السمكي هو “دولة (سلطات) تحميه زيما الدول الأخرى”.