القيامة تقوم على المعاقين اليمنيين
مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي
الحربُ أفسدت كل ما هو جميل في حياتي وحياة الآلاف من المعاقين، وقتلت الأمل الذي كنا ننسجه نحن ذوي الاحتياجات الخاصة، ظروفنا قاهرة: نعاني الفقر والإعاقة وانقطاع الرعاية والمساعدات والعلاج، وكثيرٌ منا يعيش حياة اللجوء، وبلا مأوى.
بهذه الكلمات المريرة لخص “إبراهيم قاسم” أحد ضحايا العدوان العبري في “حضرموت” الحبيبة في حديث له مع موقع DW عربية، بتاريخ 11 ديسمبر 2016، “الألم” الذي تعيشه هذه الشريحة الاجتماعية في اليمن، في ظل عدوانٍ غاشم لم يرعى حرمة لشيئ، ومجتمع دولي منافق وغير مكترث بما يجري في اليمن من جرائم يقشعر لها جلد جن بني الأصفر.
تركت سنوات العدوان السبع نُدوباً جسدية وروحية ونفسية وعقلية وحركية ستبقى آثارها لعقودٍ قادمة، عشرات الضحايا ينظمون يومياً الى قوافل المعاقين، في بلدٍ هو الأكثر فقراً بين شعوب المنطقة، والأكثر إكتواءاً بالصراعات المتناسلة من رحم الأطماع الاستعمارية، والأكثر تقديماً للضحايا من أجل الحرية والكرامة، وعانا في عقوده الستة الأخيرة الكثير من ويلات حكامه المتعاقبين، وكانت شريحة المعاقين الأكثر تأثراً ومعاناة، بينما أضافت لهم سنوات الحقد العبري السبع عبئاً فتح عليهم كل أبواب الجحيم، وجعل تأثير الحرب عليهم أشدّ مرارة من تأثير الإعاقة.
المعاناة تضاعفت والعبئ أثقل كاهل أسر المعاقين، ومنظمات الفيد الأممية ما تزال تسبح في عالم الغياب السرمدي، والضمير العالمي في إجازةٍ مفتوحة.
ملايين الأشخاص من هؤلاء يتعرضون “للتجاهل والخذلان” في بلد فقير دمرته سبع سنوات من الحرب، بشهادة “منظمة العفو الدولية”، في أول تقريرٍ لها عن معاقي اليمن منذ بدأ حفلة “الزار” العبرية، نشرته في 3 ديسمبر 2019 تحت عنوان “حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وسط النزاع المسلح في اليمن”.
سنوات العدوان أضرّت بالكثير من اليمنيين، لكنها سلبت بشكلٍ خاص من الذين فقدوا أطرافهم، جراء الحرب، “مستقبلهم واستقلالهم وحريتهم”، فاليمنيين الذين فقدوا منازلهم يأملون في إعادة بنائها، والعاطلين عن العمل يأملون في العودة إلى أعمالهم، لكن الذين فقدوا أرجلهم أو أجزاء منها بسبب النزاع لم يعد بإمكانهم الأمل في المشي بشكل طبيعي مجدداً، حسب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، 28 مارس 2021.
العدوان لم يوفر شيئاً، ولم يرعى حُرمة لشيئ، قذائف وصواريخ حقده كانت أكثر إمعاناً في معاقبة مُعاقي اليمن، وإضافة قائمة طويلة من المعاقين الجدد إليهم، وتدمير بنيتهم التحتية ومقراتهم ومراكز إيوائهم وأماكن رعايتهم، كمركز النور في العاصمة صنعاء 5 يناير 2016، مما خلَّف عشرات الضحايا من الجرحى، إضافة إلى إعاقاتهم السابقة والآثار النفسية التي نتجت عن ذلك الاستهداف الإجرامي.
عندما تتحدث الأرقام:
سجلت اليمن خلال الفترة “1962 – 2014” نحو “2500000 – 3800000” من ذوي الاحتياجات الخاصة، بسبب الثارات والصراعات والحروب، والتي قاربت 14 نزاع مسلح، أبرزها: حرب التدخل المصري في اليمن، وما خلّفه من مآسي وألغام لا يزال اليمنيون يكتوون بنارها الى اليوم، وأخر تلك الألغام انفجر قبل أسابيع بمنطقة المحابشة في حجة، ما أثار رُعب الأهالي، وقد رأينا بعض الصواريخ المصرية التي لم تنفجر بعد، بأم العين في إحدى مزارع تلك البلاد قبل نحو العقدين ونصف، ناهيك عن مخلفات الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين، والحرب بين الشمال والجنوب، وحرب صالح والإصلاح العبثية في جنوب اليمن 1994، وعدوانهما الآثم على محافظة صعدة 2004 – 2007، ..ألخ.
وفي تقديرات منظمة العفو الدولية في العام 2020 نحو 4500000 معاق، واستندت في ذلك على تقديرات عالمية، بسبب عدم وجود بيانات يُعتد بها.
وينضم 50 – 100 شخص، يومياً إلى فئة المعوقين، لأسبابٍ كثيرة، أبرزها قذائف وصواريخ العدوان وأدواته المحلية، وسوء التغذية لدى الأطفال والتشوه الخُلقي، وأمراض التقزُّم، والفشل الكلوي، ..ألخ.
ويستقبل مركز الأطراف والعلاج الطبيعي في صنعاء “100 – 150” حالة جديدة كل يوم، بحاجةٍ إلى علاج طبيعي وأطراف صناعية، نتيجة الغارات الجوية، وفقاً للاختصاصي في العلاج الطبيعي “أحمد السقاف”، 24 ديسمبر 2019.
6000 – 8000 شخص تم تسجيلهم خلال الفترة “مارس 2015 – ديسمبر 2016″، أصيبوا بإعاقات متفاوتة، أغلبهم بسبب انفجار أو لغم أو طلقة نارية، حسب تقارير محلية، نصفهم من الأطفال والنساء في أكبر كارثة تشهدها الإنسانية، في عصر أدعياء حقوق الإنسان.
56 – 92 ألف معاق تم تسجيلهم خلال الفترة “مارس 2015 – نوفمبر 2016” وفقاً لإحصاءات الاتحاد الوطني لجمعية المعاقين.
100 ألف شخص معاق خلال الفترة “مارس 2015 – يوليو 2019″، حسب المتحدث باسم وزارة الصحة بصنعاء الدكتور “يوسف الحاضري”، 26 يوليو 2019.
5500 قتيل منذ عام 2015، بسبب الأجسام المتفجرة عن بُعد، 80 % من هذه الخسائر البشرية وقعت منذ العام 2017 وفقاً لتقريرٍ أصدره مشروع تتبع بيانات ومواقع الصراعات المسلحة عبر العالم “ACLED”، 28 مارس 2021.
وتسبب العدوان الظالم في قطع مرتبات 13 ألف معاق يعملون في الجهاز الحكومي، وحرمان 150 ألف معاق من الضمان الاجتماعي كانت الدولة تقدمه لهم كمساعدة، ومعاناة 2500000 معاق من الجوع وانعدام الغذاء والدواء، ونزوح 17 ألف معاق في جميع محافظات اليمن، يعيشون أوضاعاً مُزرية في أماكن النزوح وسط مخاطر تُهدد حياتهم، حسب الاتحاد الوطني لجمعية المعاقين، 1 ديسمبر 2019.
ومن الصور الكارثية لهذا العدوان البربري تسبب قصفه لـ “جبل عطان”، 20 أبريل 2015، بـ”القنبلة الفراغية”، و”الصالة الكبرى” بصنعاء، 10 أكتوبر 2016، في إصابة 1000 إنسان بإعاقات متفاوتة، منهم 40 شخصاً، تعرضت بعض أطرافهم للبتر، وكم هي مجالس العزاء والأعراس والمناسبات المختلفة التي صب عليها العدو نيران حقده العبري.
وتحدثت ندوة علمية أقيمت بصنعاء في 13 ديسمبر 2018 تحت عنوان “واقع حال ذوي الاعاقة بين الحماية المفقودة والاغاثة المشتتة”، عن تضرُر 5 – 6 مليون معاق، ومازالت أعداد المعاقين تزداد بسبب الحرب.
الإعاقات تفاوتت بين كُليةٍ، وجُزئية، وسمعية، وبصرية، وبتر أطراف، وحركية في الرأس، وإصابات في العمود الفقري والحبل الشوكي، واختلال في المخ، وكلها خطيرة ومعقدة.
ناهيك عن حالات الخوف جراء الغارات الجوية وانفجارات الصواريخ، وارتفاع حالات الفشل الكلوي، وتفتت الكبد من شدة الخوف، والحياة تحت استخدام الأدوية، وهي إعاقة مستمرة لأي مرض مزمن، ولنا بحث مبسوط حول ضحايا العدوان من مرضى الكلى منشور على موقع وكالة الأنباء اليمنية بصنعاء وصحيفة السياسية.
وتتركز أكثر حالات الإعاقة في مناطق الساحل الغربي والحديدة تليها محافظة صعدة وحجة وأمانة العاصمة وتعز وإب.
50 % من الجرحى والمعاقين الجُدد لم يُسجّلوا في سجلات الجهات المعنية، وفقاً للأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، 17 مايو 2018، مؤكداً بأن الأمومة والطفولة أكثر شرائح المجتمع اليمني تضرُراً من العدوان، حيث تفيد المؤشرات أن معظم الجرحى من هذه الشريحة تطورت حالاتهم إلى الإعاقة الدائمة السمعية أو البصرية أو الشلل أو بتر الأطراف، كما أكدت النتائج الأولية للدراسات الدقيقة لآثار العدوان والأسلحة المستخدمة في الحرب على وجود تشوهات خُلقية في مواليد الثلاثة الأعوام الأولى من العدوان، ما يعني إضافة إعاقات خُلقية جديدة إلى ملايين المعاقين المدنيين بسبب الأسلحة المحرمة دولياً.
في تعز كنموذج بسيط بلغ عدد المُقيدين في سجلات صندوق رعاية المعاقين نحو 10128 مُعاقاً ومعاقة، حسب مدير الصندوق “صبري طارش المعمري”، 28 نوفمبر 2019، منهم 4 آلاف معاق حركياً، و80 % أطفال، وهذه الإعداد لا تشمل ضحايا العدوان، مُتوقعاً تجاوز عدد المعاقين في تعز وحدها 20 ألف مُعاق ومُعاقة.
على مستوى المحافظات الجنوبية والشرقية يُؤكد المدير التنفيذي لرعاية وتأهيل المُعاقين في عدن “محمد الشاعري”، 23 نوفمبر 2021، عدم وجود إحصائية دقيقة للمعاقين في محافظات عدن، ولحج، وأبين، والضالع، وشبوة، لكن العددي الفعلي يتجاوز 10 ألف إعاقة.
هذه الأرقام المُرعبة لعدد المعاقين حركياً وبصرياً وسمعياً، خلال السنوات السبع الأخيرة جعلت موقع “دويتشه فيله” الألماني في تقريرٍ له عن ضحايا الحرب في اليمن نشره نهاية العام 2017 يجزم بأن “أعداد ما خلفته الحرب من معاقين جُدد في اليمن يُضاهي عدد سكان دول خليجية، مُعتبراً حرب العاصفة بمثابة “يوم القيامة” على شريحة المُعاقين اليمنيين.
حتى الأطفال لم يسلموا:
بلغ عدد ضحايا القصف المباشر للعدوان في أوساط الاطفال 2000 مُعاق، حسب المتحدث باسم وزارة الصحة بصنعاء، 26 يوليو 2019، مُضافاً لهم 400 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، يتوفى منهم طفل كل عشر دقائق، وهؤلاء إذا لم يتم معالجتهم بصورة عاجلة سيصابون بإعاقات دائمة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتحدث ناطق الصحة في 9 ديسمبر 2019، عن 800 طفل مُعاق حركياً بصورة دائمة جراء الغارات الجوية، وإصابة 80 ألف طفل بحالات نفسية وعصبية متعددة بسبب القصف المباشر لمنازل المواطنين.
وتُعد أمراض سوء التغذية من العوامل الرئيسية المسببة للإعاقة، والتي تؤدي الى ضمور العضلات لدى هؤلاء الأطفال الذين لا يحصلون على الغذاء بشكل كافٍ وبالتالي تُسبب لهم إعاقة ذهنية وعقلية وجسدية كاملة.
خدمات غائبة ومعاناة متفاقمة:
تتحدث إحصائيات صندوق رعاية المعاقين عن 2 مليون مُعاق، لم تعد تصلهم أي خدمات صحية أو اجتماعية منذ بداية العدوان، وفي إحصائية لمؤسسة “بوميد” الأكاديمية للأبحاث، نُشرت بتاريخ 25 سبتمبر 2020، أكدت فيها وجود 4 ملايين مُعاق يمني، يحتاجون للوصول إلى خدمات إعادة التأهيل واستخدامها.
90 % من إجمالي عدد الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون تحت خط الفقر، حسب الاتحاد الوطني لجمعية رعاية المُعاقين، 3 مارس 2019، وحِرمان 40 % من المعاقين من تلقي العلاج المستمر، ما جعلهم عُرضة لانتكاسات صحية خطيرة بسبب الحصار العبري الجائر المفروض على استيراد الأدوية، ومنع سفر المعاقين للخارج، رغم حرج معظم الحالات، ما تسبب في حدوث مضافات خطيرة لدى الكثير منهم.
إغلاق 185 – 350 مركزاً ومنظمة وجمعية ومعهداً متخصصاً في رعاية وتدريب وتأهيل المُعاقين، من أصل 450 جمعية ومركزاً، منها 30 مؤسسة واتحاد وجمعية ومعهد بالمحافظات الجنوبية والشرقية.
120 ألف مُعاق ومُعاقة، مسجلين رسمياً في سجلات صندوق رعاية المعاقين حتى عام 2015، تسبب العدوان في توقف خدمات الصندوق المقدمة لهم، و250 ألف معاق ومعاقة كانوا يتلقون تعليمهم بمدارس التعليم العام والجامعات اليمنية، حسب إحصاءات رسمية، غير أن العدوان اضطرهم الى الانقطاع عن التعليم.
190 ألف معاق ومعاقة، انقطعت عنهم خدمات التعليم والعلاج، حسب مدير عام الخدمات التعليمية لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، “حنان الثور”، 5 يوليو 2018، ولم يتبقَ سوى 750 طالب وطالبة من ذوي الإعاقات المختلفة، لا زالوا يواصلون دراستهم في الجامعات اليمنية في ظل ظروف صعبة، ومُعرضين للانقطاع عن التعليم بسبب عجز الصندوق عن تسديد رسوم الدراسة منذ العام 2015، وعجزه عن توفير المواصلات بصورة مستمرة.
وتسبب الارتفاع المخيف في نِسب الفقر والاحتياج للسلع الأساسية كالغذاء ومياه الشرب والدواء، في توقف الكثير من الأسر عن تعليم أبنائها المصابين بإعاقات مختلفة، حسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ويزداد الوضع سوءاً في المناطق الريفية نتيجة وعورة الطرق وعدم ملائمة المنازل، وغياب الخدمات الصحية التي يحتاج إليها كثيرون بصورة مستمرة.
وذكرت مؤسسة “بوميد” الأكاديمية للأبحاث، في تقرير لها نُشر بتاريخ 25 سبتمبر 2020، أن خدمات إعادة تأهيل المعاقين مثل العلاج الطبيعي والأطراف الصناعية وتقويم العظام والعلاج المهني غير متاحة في اليمن، بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالنظام الصحي والبنية التحتية، ناهيك عن الافتقار للوصول إلى خدمات إعادة التأهيل واستخدامها، ما يجعل الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على استعادة أدوارهم الاجتماعية والاقتصادية، مما سيكون له آثار سلبية كبيرة على أسرهم ومجتمعهم.
ويعاني كثيرٌ من المعاقين من التقرحات والجروح بسبب الجلوس لفترات طويلة، نظراً لشُح الأدوية وتردي أوضاعهم المعيشية، وغلاء أسعار المواد الغذائية والأدوية المتوفرة، ناهيك عن تفاقم معاناة ذوي الإعاقة الحركية في مراكز النازحين وعدم حصولهم على أي شكلٍ من أشكال الرعاية، حسب رئيس الاتحاد الوطني لجمعية المعاقين “عثمان الصلوي”، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التحرك السريع لإنقاذ هذه الشريحة وحمايتها.
ومن أهم الصعوبات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة:
1 – توقف عمل مراكز الرعاية المتخصصة بالتدريب والتأهيل، والذي ألقى بضلاله على توقف الخدمات الطبية والعلاجية.
2 – انقطاع الموارد وشِحة الإمكانيات بسبب استهداف العدوان للمؤسسات والشركات التي كانت تقدم الدعم للمعاقين وصندوق المعاقين مما أدى الى تراجع في إيرادات الصندوق مقابل زيادة عدد طالبي الخدمة.
3 – تجفيف الحرب مصادر الدخل لذوي الاحتياجات الخاصة، ودفعهم للنزوحِ من منازلهم، حيث لا يجدون حتى الحد الأدنى من الخدمات.
4 – تردي الخدمات المتعلقة بالمعاقين وندرة الجمعيات والمنظمات الأهلية التي من المفترض أن تُراعي أوضاعهم.
ويعتمد الكثير من المعاقين على الصدقات أو يُعيلون أنفسهم، وسقط بعضهم في هُوة الفقر، مما جعلهم عاجزين عن شراء المتطلبات الأساسية، مثل الأدوية أو حفاضات البالغين، بل اضطر بعضهم إلى التسوُّل من أجل إعالة أنفسهم، وهو ما يُعرِّضهم لمخاطر إضافية، في ظل تقاعس وخذلان المنظمات الدولية، وعدم قيامها بواجبها الإنساني تجاههم، والتدخل الفاعل لتحسين أوضاعهم.
ويُخصص القانون اليمن نسبة معينة من مبيعات مصانع الاسمنت وشركات السجائر وشركات الطيران لصالح صندوق رعاية المعاقين، لكن العدوان العبري تسبب في تدمير وإعطاب هذه الشركات، وبالتالي توقف إيراداته، ما تسبب في عجزه عن تمويل المؤسسات والمعاهد والمراكز الخاصة بالمعاقين، وتراجع خدمات هذه المؤسسات الى أدنى المستويات.
ومن أسباب تفاقم الوضع المالي للصندوق، أيضاً:
1 – نقل البنك المركزي اليمني الى عدن، وتحويل مسار الإيرادات عن المركز الرئيسي بصنعاء.
2 – توقف المستشفيات الحكومية والخاصة ومراكز العلاج الطبيعي ومخازن الأدوية عن تقديم الأدوية والأجهزة المُساعدة لذوي الإعاقة في العاصمة صنعاء، لعدم قدرة الصندوق على سداد الديون السابقة، وتراجُع موارده إلى حدود توقف حسابه في البنك المركزي، الأمر الذي انعكس على الطلاب من ذوي الإعاقة في السكن الداخلي لعدد من المراكز والجمعيات التي عجزت عن توفير الطعام والمتطلبات المعيشية لطلابها، حسب القائمين على الصندوق.
3 – إلغاء عدد من الشركات عقود توريد الأدوية للصندوق، وتنصلها عن التزاماتها والمناقصات التي أُقرت سلفاً، بحُجة الحصار وارتفاع كلفة النقل والتأمين.
كما تعاني المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال من رفض بعض الجهات الحكومية كالجمارك والطيران والمرور والشركات صرف المبالغ المخصصة لصندوق رعاية المعاقين، بالمركز الرئيسي في عدن، وفقاً لمديره التنفيذي “محمد الشاعري”، 23 نوفمبر 2021، وتوريد تلك المبالغ الى حساباتها الخاصة.
وتراجعت موازنة الصندوق من 6 مليارات ريال سنوياً (16 مليون دولار) قبل العدوان السعودي الاماراتي إلى مليار ونصف المليار ريال (4 ملايين دولار) في العام 2017، وفقاً لمديره التنفيذي، المهندس “محمد الديلمي”، 19 أكتوبر 2017، وبلغت نسبة التراجع 70 % وفقاً للصحافي المتخصص في قضايا المعاقين “عادل أحمد”، 5 يوليو 2018، وتوقفت 53 % من إيراداته، ما أدى إلى توقفه عن دعم معظم الجمعيات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوقف عدد من الجمعيات ومراكز العلاج الطبيعي، خاصة في المناطق المشتعلة، منها 32 جمعية ومركز علاج طبيعي بتعز، و12 جمعية ومركز علاج في شبوة، و9 جمعيات ومراكز للعلاج الطبيعي في أبين، بحسب الكاتب اليمني “إبراهيم محمد الهمداني”، 25 أكتوبر 2019
بل ووصل به الحال الى مرحلة العجز عن شراء أو استيراد الأدوية، بسبب شحة الإيرادات، والحصار المفروض على اليمن، وصعوبة إدخال الأدوية.
ويتلقى نحو 54 ألف معاق أدوية من الصندوق، للأسف غالبيتهم لم يعُد قادراً على شرائها من السوق بعد عجز الصندوق عن توفيرها.
الوضع الذي وصلت اليه هذه الشريحة المنكوبة يُدمي القلب، والمستقبل الذي ينتظرهم قاتم، هكذا يراه الشاب “أنور رفيق”، وهو طالب جامعي معاق: “الحرب زادتنا إعاقة، وقتلت مستقبلنا، خروجي من المنزل شبه مستحيل في ظل غياب المواصلات التي كان الصندوق يوفرها سابقاً، لا أدري ماذا يحمل المستقبل لي؟، ولست واثقاً أصلاً من وجود مستقبل لي ولزملائي من المعاقين في البلد في ظل استمرار الحرب”.