برعاية اليونيسف وجهات حكومية ومؤسسات المجتمع المدني في مصر، حملة لرعاية الأطفال الذين يعانون من مشاكل قانونية
لا تزال عدة دول أطراف في اتفاقية حقوق الطفل، تسعى لاحترام بنود الاتفاقية باتخاذ تدابـير تشريعية لمعالجة مشـاكل الأطفـال الموجودين في نـزاع مع القانـون أو ما يعرف بقضاء الأحداث، وقد كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، بالدعوة لحقوق الطفل وحمايتها.
وتسترشـد منظمة الأمم المتحدة للطفولـة في عملها باتفاقيـة الأمم المتحدة لحقـوق الطفل التي تحمي الأطفال الموجودين في نزاع مع القانون. ويعد قضاء الأحداث جزءا من التزامات منظمة الأمم المتحدة للطفولة بشـأن حماية الأطفال، وهو مجال يهتم بمنع العنف ضد الأطفال وسـوء معاملتهم واسـتغلالهم وبالرد على هذه الأمور، وتشـهد أغلب البلدان التي تعمل فيها منظمة الأمم المتحدة للطفولة أنشـطة متزايدة لتشـجيع الأنظمة القضائية الخاصة بالأطفال الموجودين في نزاع مع القانون. ويتم هذا العمل في أوسـاط قانونية واجتماعية مختلفة بما في ذلك المناطق التي تعرف نزاعا مسـلحا، حيث يجد الأطفال أنفسهم في نزاع مع القانون من جراء الاسـتغلال الآلي الذي يتعرضون له والذي يهدد حقوقهم في المحاكمة وفق الأصول القانونية.
وفي مصر تنفذ يونيسف-مصر حملة للتوعية بحقوق الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون ومن هم على ذمة قضايا.
مراسلنا في مصر خالد عبد الوهاب يلقي الضوء على تلك الحملة التي تستهدف تدريب هؤلاء الأطفال واتخاذ تدابير بديلة للاحتجاز والايداع:
تتبنى منظمة اليونيسف بمصر برنامج العدالة من أجل الأطفال، بالتعاون مع وزارتي العدل والتضامن الاجتماعي وبعض مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وذلك بهدف التعامل الجيد مع الأطفال الذين يقعون في نزاع مع القانون من خلال نظام قضائي يراعي حقوقهم ويحافظ على المصلحة الفضلى للطفل، كما تقول الاستاذة رنا يونس مسؤولة برنامج حماية الطفل ووصول الأطفال للعدالة بيونيسف-مصر:
“بالنسبة للأطفال في نزاع مع القانون، فبحسب اتفاقية حقوق الطفل فإن حرمان الأطفال من حريتهم هو الملاذ الأخير. وهذا يتفق مع ما جاء في قانون الطفل المصري بأن إيداع الأطفال بمؤسسات الرعاية الاجتماعية يتم استخدامه كإجراء أخير. ونحن في يونيسف-مصر ننفذ برنامج العدالة من أجل الأطفال، ونسعى لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل ومواد قانون الطفل وتفعيل آليات التدابير البديلة للاحتجاز وإيداع الأطفال في المؤسسات. ونتعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية في تقديم الدعم لكل طفل في نزاع مع القانون، مع مراعاة سنه وظروفه والجريمة التي ارتكبها، بهدف تعوده على تحمل المسؤولية بإدماجه في المجتمع. وطبقا لقانون الطفل المصري هناك مجموعة من التدابير البديلة للاحتجاز من ضمنها إلحاق الطفل بالتدريب والتأهيل والعمل للمنفعة العامة، والهدف من ذلك أن يفهم الأطفال عواقب تصرفاتهم ومن ثم يتحملون المسؤولية ويلتزمون بتطبيق الإجراءات التي تقررها المحكمة حتى لا يرتكبوا جريمة مرة أخرى، وفي ذلك حماية للمجتمع”.
وتتعاون منظمة اليونيسف مع عدد من منظمات المجتمع المدني، منها مؤسسة تيردي زوم مصر، لدعم إصلاح قضاء الأحداث الأطفال وتربية الناس على حقوق الأطفال، وتلتزم بضمان حماية خاصة لأكثر الأطفال حرمانا. وهذا ما تؤكده الأستاذة إلهام محمود مديرة مشروع نحو العدالة بمؤسسة تيردي زوم مصر:
“هدفنا في مشروع (نحو عدالة الأطفال) الذي ننفذه من خلال مؤسسة تيردي زوم مصر هو تشجيع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة في تأهيل ودمج الأطفال بالمجتمع، ومنحهم فرصة أخرى للاندماج بشكل أفضل يحقق المصلحة الفضلى للأطفال. ونركز على توفير أماكن لتوفير التدابير البديلة مع توفير الدعم الفني للمهنيين العاملين بمحاكم الطفل”.
وتؤمن منظمة اليونيسف بأن السـجن والاحتجـاز آخر ما يمكن اللجـوء إليه فيما يتصل بالأطفال الموجودين في نزاع مـع القانون. ويركز عمل المنظمة على تغيير بناء مهارات الأطفال وتقديم خدمات إعادة الإدماج والتقليل من اعتماد التجريد من الحرية عبر تشجيع العقوبات غير الاحتجازية، وهو ما يحدث في مركز تدريب القوصية بمحافظة أسيوط، كما يشرح السيد محمد عبد الرحيم المشرف بالمركز:
“مع أول يوم نستقبل فيه الطفل بالمركز نرحب به ونطمئنه ونعطيه فكرة عن مركز التدريب والمميزات التي يحصل عليها أثناء التدريب وما الذي يمكن أن يصل إليه بعد التدريب، ونحقق نتائج إيجابية مع الأطفال خاصة الذين لديهم استعداد للتعلم والتدريب بحب وإخلاص”.
ويقول الأستاذ رفعت رمضان الخبير الاجتماعي بمحكمة الطفل بمحافظة أسيوط إن حملة التوعية بحقوق الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون تتضمن إصلاح الأنظمـة القانونية من خلال مسـاعدة العاملين المحليين عـلى مراجعة وتنفيذ تشريع يتماشـى مـع المعايير الدوليـة وبناء قدرات العاملـين في مجال قضاء الأحـداث حتى يجعلوا عملهم قائما على منهج (أساسـه) حقوق الطفل، ومضى قائلا:
“بالنسبة للتدابير البديلة هي أفضل من الإيداع والحبس، لكن الشائع لدى القضاة هو وضع الطفل تحت الاختبار القضائي لمدة قد تتراوح من أسبوع لشهر أو ستة أشهر أو سنة. ونحن نفضل أن يلتحق الطفل بمراكز التدريب المهنية، وهذا فيه مصلحة للطفل ولنا كي نتابعه بشكل دقيق في مركز التدريب الذي يقدم خدمة ملموسة للطفل، وهنا نستطيع مقابلة الطفل وإكسابه مهارات جديدة وتغيير سلوكه وتعليمه حرفة يستفيد بها مستقبلا”.
ومن خلال برنامج العدالة من أجل الأطفال الذي تنفذه يونيسف مصر، التقينا بمجموعة من الأطفال ممن هم في نزاع مع القانون، تعرفنا كيف استبدلوا لهم تدابير الاحتجاز بإدماجهم في مراكز التدريب المختلفة:
“طفل يقول حين أتيت للجمعية ومركز التدريب تعلمت أشياء كثيرة وجديدة”.
“وطفل آخر يقول الآن لم أعد أجلس وأتسامر مع أصدقائي، وإنما كل همي في العمل. كما أن سلوكي مع أهلي تغير للأفضل وأصبح هناك تفاهم معهم، نتحاور ونتجاذب أطراف الحديث”.
“وآخر يقول أنا الآن أفضل، أكد وأعمل، وبنهاية اليوم أذهب إلى بلدي وأهلي بدلا من الحجز والإيداع”.
حملة التوعية بحقوق الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون ومن هم على ذمة قضايا، والتي تتبناها منظمة اليونيسف بمصر بالتعاون مع عدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، تتفق مع ما جاء باتفاقيـة الأمم المتحدة لحقـوق الطفل التي تحمي الأطفال الموجودين في نزاع مع القانون.