السياحة بمحافظة صنعاء بين تحديات العدوان ومتطلبات النجاح
تقرير: جميل القشم
يتكبد القطاع السياحي في اليمن منذ أكثر من ست سنوات، خسائر بمليارات الدولارات جراء العدوان والحصار وتداعياتهما.
ونتجت عن تعرض مناطق ومواقع السياحة في مختلف المحافظات، لقصف ممنهج من طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي، أضرار مادية مباشرة وغير مباشرة توقفت على إثرها إيرادات ومنشآت وخدمات السياحة بشكل كلي.
محافظة صنعاء تعد أحد أهم روافد القطاع السياحي، بما تزخر به من مناظر طبيعية ساحرة وشلالات وسدود ومناطق فريدة يقصدها آلاف الزوار من مختلف المحافظات، لقضاء أوقات الإجازات والعطلات والمناسبات والاستمتاع بالأجواء الخلابة.
خدمات السياحة في مختلف مديريات المحافظة تعطلت، وتضررت مواقع أثرية وتاريخية عديدة، وما تزال مواقع أخرى بحاجة للتأهيل والاستثمار وتوفير الخدمات لما تمثله من أهمية في تزايد إقبال الزائرين عليها.
يكافح مكتب السياحة بالمحافظة لاستعادة نشاطه في تفعيل وتنمية السياحة الداخلية واستغلال المقومات الطبيعة وعوامل الجذب السياحي كرافد للاقتصاد الوطني، إلا أن غياب الامكانات يقف حجر عثرة في تحقيق ذلك.
ورغم غياب الخدمات في مواقع السياحة وظروف البلاد الراهنة، بلغ عدد الزائرين للمناطق السياحية “شلال بني مطر وحمام جارف وسدود سيان وشاحك ومختان ومقولة ووادي رجام” وغيرها من المواقع أكثر من 500 ألف زائر خلال عيد الفطر المبارك هذا العام.
وتفتقر السياحة الداخلية في غالبية مناطق المحافظة للخدمات الأساسية من مطاعم واستراحات ونظافة ومراكز اسعاف وخدمات أمنية وتوعية وترفيه وحدائق ألعاب الأطفال وغيرها من الخدمات الضرورية.
إذ تشكل السباحة في المواقع السياحية مثل سد سيان وغيره من السدود والشلالات، خطراً على حياة الأسر والأطفال نظرا لوجود تربة لزجة تتسبب في حوادث الغرق، حيث تعرضت حالات كثيرة للغرق والوفاة مايستدعي تأمين تلك المواقع للحفاظ على سلامة مرتاديها.
وتظل مشكلة غياب الاستثمار في قطاع السياحة العنصر الأبرز لاستغلال البيئة السياحية المتاحة في ظل الإقبال المتزايد على منتجعات ومواقع السياحة في المحافظة.
آلاف الزوار يشكون من غياب الخدمات، وتصطف طوابير طويلة من السيارات في الأعياد على الخط الرئيسي في مديرية بني مطر ويتسبب الازدحام على الشلال هناك في إعاقة حركة السير لعدم وجود مواقف للسيارات، فضلاً عن احتياج المنطقة للخدمات.
تدفق الزائرين خلال عيدي الفطر والأضحى على المواقع السياحية الشهيرة، يستدعي لفتة من الجهات الرسمية والمبادرات المجتمعية وتعاون القطاع الخاص لتأمين السدود والشلالات وتوفير متطلبات الزوار واحتياجات السياحة، كجزء من متطلبات وخيارات مواجهة التحديات الماثلة لتنمية قطاع السياحة وتحفيز بيئة آمنة للاستثمار في هذا القطاع.
تواجه قيادة المحافظة تحديات جمة في النهوض بقطاع السياحة والاستفادة من موارد السياحة الداخلية وتحقيق تطلعات الزوار ومساندة مكتب السياحة في ترجمة الرؤى الهادفة إلى تأهيل وتطوير المواقع السياحية وتوفير احتياجاتها.
حيث بدأت قيادة المحافظة تنفيذ بعض الخطوات التي تشكل نقطة ضوء لتفعيل قطاع السياحة كمؤشر إيجابي يحتاج للمزيد من التعاون والدعم، من خلال تأمين مواقع السياحة ضمن خطة مرحلية بمساندة مكاتب الأشغال والصحة والنظافة والإعلام وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
وفي هذا الصدد اعتبر محافظ المحافظة عبدالباسط الهادي، الاهتمام بقطاع السياحة أولوية ضمن رؤية قيادة المحافظة لتحقيق التنمية.
وأشار إلى توقف الكثير من المشاريع الاستثمارية في القطاع السياحي نتيجة العدوان وما ترتب عليه من خسائر للاقتصاد الوطني، مؤكداً أهمية النظر إلى السياحة بمفهومها الحديث، كناتج محلي لمنظومة تحقق التكامل بينها وبين القطاعات الاقتصادية والخدمية.
وذكر أن التحديات المادية واستمرار العدوان والحصار، ينبغي ألا تكون عائقاً أمام تحقيق التطلعات والطموحات والنهوض بالتنمية والخدمات.
واعتبر محافظ صنعاء، السياحة مورداً سيادياً لا يختلف عن النفط والغاز .. مبينا أنه تم وضع مصفوفة عملية لخطة تفعيل السياحة الداخلية تتضمن عدة مراحل لمواجهة احتياجات هذا القطاع بتعاون الجهات ذات العلاقة.
ودعا رجال الأعمال إلى الاستثمار في المناطق السياحية بالمحافظة .. لافتاً إلى أن صنعاء محافظة سياحية بحصونها الأثرية وقلاعها ومدنها التاريخية ومناطقها الجبلية وشلالاتها التي تشجع على الاستثمار.
من جانبه أشار وكيل المحافظة لقطاع الخدمات فارس الكهالي إلى الاحتياج لمشاريع خدمية في المناطق السياحية كالفنادق والمطاعم والحدائق وغيره، لافتاً إلى ما تعانيه المحافظة من شحة في الإمكانات.
وأكد حرص قيادة المحافظة والسلطة المحلية على تذليل الصعوبات للاستثمار في المناطق والمواقع السياحية.
بدوره دعا مدير مكتب السياحة بالمحافظة ناصر صبر المكاتب المعنية ومدراء المديريات، إلى التعاون في تنفيذ توجيهات قيادة المحافظة وما تم الاتفاق عليه من مخرجات لمساندة مكتب السياحة في تنفيذ المرحلة الأولى من تغطية أهم متطلبات السياحة الداخلية.
وذكر أن القطاع السياحي تكبد خلال سنوات العدوان خسائر بالمليارات .. مؤكدا الحاجة لتوفير المنشآت الخدمية وإعادة تأهيل بعض المواقع في ظل ما تشهده المحافظة من تنامٍ للسياحة الداخلية.
ويشكل الاهتمام بقطاع السياحة في محافظة صنعاء أولوية خلال المرحلة الراهنة، تستدعي من الجهات المعنية، سيما قطاع الاستثمار التحرك لإعداد دراسات ذات جدوى لتشجيع المستثمرين وتدشين مهرجان سياحي سنوي للتعريف بما تزخر به المحافظة من مواقع خلابة وواعدة وتنفيذ برامج تساعد على إنعاش السياحة ومواردها.