الدكتور عابد شنان:1,5 مليون يمني يعانون من اضطرابات نفسية
إيمان الربع
في ظروف صعبة كالتي تعيشها اليمن مذ بدء العدوان والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد جراء الحصار والأزمات الكثيرة التي تعاني منها البلاد , تعاني الكثير من الأسر من ضغوطات نفسية جراء الأوضاع التي وصلت إليها حياتهم كالنزوح وتعرض منازلهم لقصف ناهيك عن مشاكل حياتيه كان العدوان والحياة الصعبة سبباً فيها .
وفي هذا الصدد ألتقت” 26 سبتمبر نت ” بالدكتور عابد شنان – طبيب نفسي واستشاري في الأمراض النفسية في مستشفى الامل للأمراض النفسية والعصبية ليحدثنا عن واقع الطب النفسي في اليمن وكيف أثرت هذه الأوضاع الصعبة على المرضى فقال ” على الرغم من انتشار الوعي المجتمعي خلال العقد الماضي بأهمية الطب النفسي وبالخدمات التي يمكن أن يقدمها، إلا ان الواقع الحاضر يشير إلى الحاجة الى مزيد من الوقت ليزداد الوعي أكثر ويتضح للمجتمع بأن الاضطرابات النفسية هي عبارة عن أمراض يصاب بها الشخص، ولها من التدخلات العلاجية مالا يختلف عن الاضطرابات العضوية والجسدية، وأنه لا وجود لشيء يسمى “مجنون” في مصطلحات الطب النفسي، وانما يوجد اضطراب او مرض نفسي. وأن الاضطرابات النفسية ليست اضطرابا واحدا او اثنان بل هي كثيرة وتختلف أسبابها بل قد تختلف الاعراض التي قد تظهر على المرضى لنفس الاضطراب من مريض الى آخر.
ونتيجة لهذه الحاجة تولد لدى المجتمع الطبي عزوف عن الانخراط في هذا المجال، مما خلق فجوة في تلبية احتياجات المجتمع اليمني لخدمات الطب النفسي والتي ازدادت بشكل مفاجئ وملحوظ لا سيما خلال العقد الماضي.
ويضيف الدكتور شنان “تتركز خدمات الطب النفسي في المدن الرئيسية وتكاد تكون معدومة في المناطق الأخرى كالقرى والمدن الصغيرة، وهذا بلا شك يساهم بشكل سلبي في تقديم أي خدمة طبية في المجال النفسي لفئات كثيرة من المجتمع. والذين ايضا سيجدون صعوبة في الوصول الى هذه الخدمات، وبالرغم من حرص وزارة الصحة العامة والسكان و المتمثلة ايضا في حرص معالي وزير الصحة الاستاذ الدكتور طه المتوكل على ايصال خدمات الطب النفسي لكل فرد ولكل المناطق في الجمهورية، الا ان قلة الموارد و الحصار المستمر على اليمن كان ولا يزال يحول دون تحقيق هذه الغاية.
احصائيات عدد المرضى:
واشار الدكتور عابد شنان انه لا توجد اي احصائيات رسمية في الجمهورية توضح اعداد المرضى بشكل مفصل، ولكن بناء على بعض الاحصائيات غير الرسمية فإن هناك مالا يقل عن ١.٥ مليون يمني يعانون من اضطرابات نفسية بحاجة الى العلاج. وبلا شك يزداد هذا الرقم يوما بعد يوم. وبالمقارنة مع الدول الاخرى التي تعيش اوضاعا مستقرة ولا تعاني مجتمعاتها من ويلات الحرب فإن متوسط انتشار الاضطرابات النفسية لا يقل عن ٢٥%، فما بالكم باليمن التي ترزح تحت ظل العدوان والحصار منذ العام ٢٠١٥ وحتى الان. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن واحدا من كل خمسة اشخاص يعيش في مناطق الحروب، سيكون عرضة للاضطرابات النفسية.
عدد الدكاترة والمراكز المتخصصة:
وحول عدد الدكاترة قال”إن العجز المخيف في عدد اطباء ومقدمي خدمات العلاج النفسي يشكل معضلة كبيرة لدى المنظومة الصحية في اليمن. ففي حين أن الأرقام تشير لوجود مالا يزيد عن ٤٤ طبيبا فقط مختصا في الطب النفسي داخل اليمن (ما يعني وجود طبيب واحد لكل نصف مليون شخص!!) مع وجود زيادة مستمرة في عدد الحالات خلال السنوات الماضية سيتضح لنا مدى صعوبة وضع خدمات الطب النفسي في اليمن. أضف الى ذلك الوضع الراهن لليمن والذي يشكل عائقا في توفير التجهيزات والأدوية والموارد والمنشآت المتعلقة بتقديم خدمات الصحة النفسية.
عدد المسجلين لديكم و طرق العلاج:
وحول عدد المسجين يقول”يتوافد على مستشفى الامراض النفسية والعصبية في صنعاء بشكل يومي الكثير من طالبي خدمات المستشفى، ولكونه مستشفى مرجعي للطب النفسي و اكبر المستشفيات المتخصصة في الطب النفسي فإنه يستقبل المراجعين من كافة محافظات الجمهورية وتبدأ خدمات المستشفى بالتقييم الشامل لكل مراجع ثم التشخيص والاحتياجات و الطرق العلاجية المناسبة ، ويساعد في هذا الامر توفر كادر من الاطباء المتخصصين في الطب النفسي و معالجين نفسيين مؤهلين وتوفر مختبر نفسي لمختلف الاضطرابات النفسية و الفئات العمرية ؛ تبدأ الطرق العلاجية بتقديم الدعم النفسي ، جلسات العلاج النفسي ، العلاج الدوائي ، ويجب التنويه الى انه ليست كل الحالات تتطلب التدخل الدوائي والذي يوجد لدى المجتمع تصورا خاطئا تجاهه بأن الادوية النفسية تؤدي الى الادمان وهذا اعتقاد خاطئ تماما.
و يقدم المستشفى الخدمة للمرضى الذين يتطلب علاجهم داخل المستشفى بتوفير خدمة العلاج الداخلي (الرقود) والذي يشمل متابعة طبية مستمرة ورقابة ومتابعة مستمرة من قبل ممرضين نفسيين ذوي خبرة وجلسات العلاج النفسي (الفردية، الجماعية، الاسرية) و برامج التأهيل النفسي و برامج الارشاد الديني الى غير ذلك من البرامج والطرق العلاجية التي يتميز بها مستشفى الامراض النفسية والعصبية.
أكثر المناطق التي يوجد بها مصابين:
وحول المناطق التي يوجد فيها المصابين ..قال الدكتور عابد شنان”لا توجد بيانات كافيه توضح انتشار الاضطرابات النفسية بحسب المناطق. وذلك يعود لتمركز مستشفيات الصحة النفسية في المدن الكبرى والرئيسية والتي من البديهي ان تظهر تواجد أكبر للحالات النفسية في هذه المناطق حيث توجد الرعاية النفسية التي يتوافد المصابون اليها من مختلف المناطق.
وعن تأثير القات على الحالة النفسية قال” من المعلوم ان القات يحتوي على مادة منشطة (كاثينون) ومما لا شك فيه ان مثل هذه المواد تعود بالضرر على متعاطيها. لما لهذه المادة من تأثير نفسي مثل الارق والقلق وقد يصل الى ظهور اعراض نفسية أكثر شدة مثل الاعراض الذهانية. ومن الملاحظ ان بعض الاضطرابات النفسية قد ترتبط بشكل مباشر او غير مباشر مع التأثيرات النفسية لتعاطي القات.
وعن اهم اسباب الحالات النفسية قال” ان اسباب الاضطرابات النفسية كثيرة و متنوعة من اضطراب الى آخر، وقد تعود اسباب بعض الاضطرابات الى فترة الحمل و الطفولة وايضا من الاسباب وجود عوامل وراثية (جينية) وجود اسباب الحيوية والعصبية. من الاسباب الهامة ايضا هي العوامل البيئية والاجتماعية فمثلا تساعد الظروف السلبية التي يمر بها اليمن من حرب وضعف الحالة الاقتصادية للمجتمع بشكل عام في ظهور الاضطرابات النفسية فقد وجد ان ٨٠% من الاطفال الناجون في مناطق النزاع يعانون من اضطراب كرب ما بعد الصدمة وهذه نسبة ليست بالقليلة مقارنة بالمجتمعات الاخرى.
وحول للعدوان واثاره في زيادة حالات الاضطرابات النفسية قال” لا شك في ذلك فقد ذكرت انفا بعضا من هذه الاثار و أصبح هذا الاثر واضحا للمجتمع الدولي فقد اسهبت المنظمات الدولية و المدنية في ذكر هذه الاثار والتي تبدأ من ازدياد في حالات بعض الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب و تستمر الى عرقلة الموارد المطلوبة للحد من هذه الاثار. ولا تقتصر هذه الاثار على الوقت الراهن بل ستستمر عواقبها لفترة طويلة من الزمن، على المجتمع بشكل عام وعلى المصابون بالاضطرابات النفسية وعلى خدمات الرعاية النفسية بشكل عام.
وقدم الدكتور عابد نصائح للأسر التي لديها مصابين بالامراض النفسية وقال”يعلم الجميع ما يحمل الاضطراب النفسي من وصمة مجتمعية تصيب المريض النفسي. ولكن اذا ما قورنت عواقب هذه الوصمة بعواقب العزوف عن تلقي العلاج. سيجد ذوي المريض النفسي ان نتيجة العزوف عن العلاج هي الأشد والاكثر ضررا للمريض ولمن حوله.
أن يعود المصاب بمرض نفسي شخصا طبيعيا وفعالا في مجتمعه هو ما يهدف اليه الطب النفسي و يجب ان يعي ذوي المصابون بالاضطرابات النفسية بأن الطب النفسي هو علم مثبت و ان الاضطرابات النفسية هي امراض يصاب بها الشخص مثل اي مرض عضوي آخر، وكما لها طرق علاجية مختلفة فإن لهذه الاضطرابات مضاعفات إذا لم يتم معالجتها مثل ظهور السلوك اندفاعي او العدائية الجسدية وقد تصل الى الانتحار.
فانصح جميع الأسر وافراد المجتمع بعدم التردد في طلب المساعدة للمريض النفسي والوعي قد ازداد بشكل ملحوظ في العقد الاخير ويعود الفضل في ذلك الى البرامج التوعية التي تقوم بها مشكورة وزارة الصحة العامة والسكان، اضافة الى البرامج التي تقوم مراكز الطب النفسي وعلى رأسهم مستشفى الأمراض النفسية في صنعاء من خلال الوسائل الاعلامية المختلفة وبرامج التواصل الاجتماعي. ونأمل ان تستمر هذه البرامج في نشاطها بتوعية المجتمع وبما يمكن أن يتم تقديمه للمريض النفسي.