“جريمة أمريكا في القرن الحادي والعشرين” جعلت أكثر من ثلثي سكان اليمن فقراء
تظهر البيانات الرسمية تدهورا مفزعا في المستوى المعيشي للسكان على المستوى الوطني ككل ، خلال قرابة ست سنوات من العدوان والحصار، وأخطر من ذلك بحسب مختصين أن العدوان والحصار لا يضع في حسابه صناعة مجاعة مرعية دوليا فقط بل يعمد لترسيخ ظاهرة الفقر وتأخير التعافي الوطني منها على المدى البعيد .
للسنة الثانية على التوالي يشارك الطفل نصر الشعوري والده جهد توفير لقمة العيش مقدما ذلك على مواصلة الدراسة ودائما ما يجهد للتوفيق بين الأمرين، قادنا نصر إلى منزل بسيط تستأجره أسرته في حي جبل عطان من العاصمة صنعاء، وهو يحدثنا أن أسرته تصارع لأجل البقاء وأنها تشتري إمدادات الغذاء بالكيلو فقط يوميا..
على امتداد ست سنوات مضت تصاعدت معاناة أسرة نصر، فلا تدري هذه الأسرة متى ستحصل على الوجبة التالية، يقول نصر “بنشتغل الآن في بيع الغسوس أنا وأخي وأبي لأجل نوفر الأكل “، سألته: هل يملك والدك عملاً أفضل؟، فرد عليا ” كان معه عمل لكن تعب، يشتغل طول الليل في التطريز وما بش فائدة وزد مرض وتوقف بعد ما فعل عملية وتدين واحنا الآن نفاصي ــ نقضي ــ الديون “.
هاجم الفقر اليمنيين دون هوادة وكما يقال المصائب لا تأتي فرادى، عوائد عمل والد هذا الطفل لا تغطي الاحتياجات الأساسية للأسرة – بما فيها إيجار المنزل -، وتلك معضلة، وأخرى أن والده استدان لتغطية نفقات عملية جراحية أجراها سابقا كما أكد نصر، وأسرته ليست وحيدة في المعاناة بل هي من ضمن شريحة كبيرة من المواطنين تحت رحى مجموعة معقدة من ضغوط المعيشة.
عصفت سنوات الحصار بالطبقتين الوسطى والفقيرة وتركت أثرا كارثيا، يؤكد سلامي مرشد السلامي – مدير عام الدراسات السكانية بقطاع الدراسات والتخطيط والتعاون الدولي – أن ” الطبقة المتوسطة في اليمن تلاشت تحت ضغوط العدوان والحصار ” ويضيف ” هذا أعلى مؤشر لمخاطر الوضع الراهن، والعقاب الممارس ضد اليمن جماعي وشامل ويمس مختلف الشرائح الاجتماعية ” وحين سألناه عن مؤشرات الفقر أكد السلامي – وهو خبير اقتصادي – أن ” مستوى الفقر في اليمن في ظل المرحلة الماضية من العدوان والحصار ارتفع بشكل مخيف جدا من 48 % في العام 2014م إلى 80 % من السكان بحلول العام 2021 م “.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر المدقع ارتفعت بنسبة تصل إلى 40% من السكان مع نهاية العام الماضي مقارنة بالعام 2014 ذلك تقدير الحد الأدنى للتأثير كما يحذر وكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط، د. عادل الحوشبي ” إحصاءاتنا تشير إلى أن نسبة الفقر المدقع تصل إلى 60 % من السكان مع نهاية العام الماضي مقارنة بنحو 20 % في العام 2014م ونتوقع ارتفاع التدهور المفزع في المستوى المعيشي للسكان في حال استمرار العدوان والحصار”.
هذه المؤشرات المرعبة وضعت اليمن ثانيا في معدلات الفقر الدولية ويتوقع معها أن تعاني البلاد من أكبر فجوة فقر – المسافة بين متوسط الدخل وخط الفقر – في العالم.
عوامل وأسباب ارتفاع نسبة الفقر في اليمن، تتعلق بالعدوان والحصار وما تعرض له الاقتصاد الوطني من تداعيات منهكة وما خسر من أنشطته منذ عام 2015، فضلا عن تعطيل الأسواق والمؤسسات وتدمير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي فلا حل بحسب خبراء الاقتصاد وغيرهم لوقف هذا التدهور المفزع والآثار الكارثية المترتبة عن ذلك إلا بوقف العدوان على اليمن ورفع الحصار بشكل كلي وعاجل والذهاب إلى مشاورات جادة تنجز اتفاقا شاملا وعادلا، وفي هذا السياق يؤكد المسؤولون في وزارة التخطيط أن “استمرار العدوان والحصار لا يضع في حسابه صناعة مجاعة مرعية دوليا فقط، بل يعمد لترسيخها لمدى طويل ولتأخير التعافي من ظاهرة الفقر وآثارها المرتبطة بحاضر ومستقبل التنمية المستدامة “وهو ما سبق ونص عليه تقرير سابق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ” أكثر من أربع سنوات من القتال أعاقت التنمية البشرية لمدة 21 عامًا “.