«حرب الأغنياء» على النازحين في اليمن بلا محاسبة
تتفاقم أزمة النازحين في اليمن بسبب استمرار القصف الجوي والغارات التي ينفذها طيران تحالف العدوان السعودي الأمريكي على المناطق الآهلة بالسكان، علاوة على انقطاع المياه وصعوبة الحصول عليها وعدم توفر الإمكانات الصحية والأدوية، خاصة مع سيطرة مرتزقة العدوان السعودي على الكثير من المناطق، ما يمنع وصول المساعدات الإنسانية للسكان إلى مناطقهم التي هجروا منها. جاء في تقرير نشر في عدد اليوم ب (الثورة) الورقية بإدارة التحقيقات ص4
ومنذ بداية العدوان الذي شنه التحالف الأمريكي السعودي عقب إعلانه من واشنطن في مارس 2015م، نزح أكثر من 4 ملايين مدني من مناطقهم إلى مناطق أخرى في اليمن، يقدر خبراء أن نصف النازحين هم نساء وأطفال، تضطر الأسر إلى النوم في العراء أو تسعى لإيجاد مأوى في المباني العامة، «كما أدى القصف الجوي من قبل طائرات تحالف العدوان للخدمات إلى تدهور المنظومة الصحية وخدمات الصرف الصحي في كثير من المناطق، وذلك ضاعف النزوح حيث دفع السكان للنزوح.
تسببت الغارات العدوانية على المناطق المكتظة بالسكان إلى نزوح محلي لمئات الآلاف من المواطنين من مناطقهم ومساكنهم، كما أن العمليات الهجومية على المدن والقرى التي شنها مرتزقة العدوان مسنودين بقصف جوي وبحري في المناطق الساحلية عرَّض المدنيين لمخاطر الموت تحت النيران والقصف العشوائي أدى ذلك إلى زيادة النزوح للمواطنيين الذين تركوا مناطقهم ومدنهم خشية الموت بقذائف وغارات تحالف العدوان السعودي، إضافة إلى أن فقدان السكان للأمن والأمان في المناطق التي استولى عليها مرتزقة العدوان بسبب التنكيل اليومي والممارسات الإجرامية وأعمال القتل والتصفيات والانتقامات قد دفعت العديد من المواطنين في المخا والخوخة والتحيتا وميدي وحرض وبن حسن ومناطق أخرى إلى الهجرة والنزوح إلى مدن ومناطق آمنة خوفا على حياتهم.
الضربات الجوية التي شنتها طائرات العدوان أدت في كثير من الأحيان إلى خسائر فادحة من المدنيين، وبينهم أطفال ونساء فقد لقي أكثر من 10 آلاف مدني حتفهم بينما هم في بيوتهم وأصيب حوالي 40 ألفاً آخرين بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء.
لا يتوفر في مخيمات النزوح الحد الأدنى من مقومات الحياة، علاوة على ذلك فإن المعاناة النفسية من تداعيات مشاهد القصف وعذابات النزوح للنازحين وأسرهم وبالأخص الأطفال قصة أخرى مضافة لعذاب النزوح والتشرد، إضافة إلى العيش في أماكن لا تتوفر فيها أبسط ضرورات الحياة.
مخيمات لا تصلها المساعدات ولا تنقطع عنها طائرات العدوان السعودي
في الطريق الذي يربط مدينة الأمان بمحافظة حجة بمديريات عبس وحرض وميدي -والأخيرتين باتتا أثرا بعد عين فقد أتى عليه طوافي القاذفات السعودية والأمريكية وأبادوها عن بكرة أبيها- تستقبلك على طول الطريق مخيمات ومساكن من العشش وسحنة سمراء ومظاهر بؤس وفقر، نازحون من جحيم الحرب في ميدي وحرض في تجمعات متناثرة، بمديريات عبس وحيران ومستبا وخيران المحرق وبكيل المير، مئات الآلاف من الأسر النازحة اتخذت مساكن من طين وقش، وأخرى تسكن في العراء أو في خيام مهترئة أو تحت الطرابيل الممزقة، مساكن لا تقي قاطنيها شمس النهار ولا صقيع الليل، نساء وأطفال يعيشون وسط معاناة متفاقمة ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة من غذاء ودواء، وفوق ذلك تتعرض للغارات الجوية السعودية بشكل متكرر.
لا تصل مساعدات ما يسمى الملك سلمان البغيض إلى هذه المخيمات الفقيرة التي تقع على مقربة من حدود مملكة مدن الملح والنفط والدولارات، لكن الطائرات المذخرة بأحدث وأفتك الأسلحة الأمريكية والبريطانية تصل إليها وتوزع حمولاتها على سكان الخيم والعشش يوميا وبشكل لم يتوقف، لا يحزم أطفال النزوح حقائبهم إلى المدارس، لكنهم يحملون حزم الحطب التي قضوا ساعات من نهارهم في اقتطاعها من الأشجار في البراري، وحتى جمع الحطب بات محرما في اليمن، إذ شنت الطائرات السعودية في العام 2017/م غارات جوية على الحاجة «حمدة» بائعة حطب، ونازحة أبناء مارب وقتلت أهلها وزوجها وأبناءها.
وعادة ما تلجأ النساء في مخيمات النزوح إلى تربية الأغنام والماعز، وتتقاطر الفتيات بحثاً عن الماء في الآبار التابعة أو في ناقلات مياه تأتي بين حين وآخر من فاعلي الخير، وغالبا ما تأتي الطائرات الأمريكية والسعودية والبريطانية لتحلق على رؤوس الساكنين وتسقط ذخائر وأسلحة، تهتز الخيم والطرابيل الفارغة حتى من مساعدات المنظمات التي نسمع جعتجها ولا نرى طحينها.
الهرب من المنازل إلى المخيمات لم يكن كافيا للنجاة من غارات الطيران السعودي الأمريكي
في يومها الخامس 30 مارس 2015، أفرغت الحرب العدوانية التي أعلنت من واشنطن في مارس 2015 بقيادة أمريكا والسعودية على اليمن، صواريخها على مخيّم للنازحين في منطقة المزرق بمحافظة حجة، أدت الغارات الجوية إلى مقتل 45 مدنياً، وجرح نحو 200 آخرين، كان في مخيم المزرق بمحافظة حجة منذ العام 2009، 4 آلاف شخص نزحوا بعد عملية «الأرض المحروقة» التي قادها نظام علي عبدالله صالح، بدعم سعودي على أبناء محافظة صعدة في أغسطس من العام ذاته، لم يعد المخيم حاليا يؤوي أحداً فالتحالف العدواني السعودي الأمريكي شن هجمات مركزة على المخيم وعلى كافة المناطقة الأهلة بالسكان على الحدود، وهنا بدأت قصة تشرد جديدة لمشردين كان يؤويهم مخيم المزرق.
وعلى إثر الغارات الأربع التي نفذها طيران تحالف العدوان ليلة 30 مارس 2015واجهت سيارات الإسعاف صعوبات في الوصول إلى المخيم بسبب قصف الطريق المؤدية إليه وملاحقة السيارات من قبل الطيران ذاته، أدانت الأمم المتحدة والهجرة الدولية العمليات العدوانية من طائرات عاصفة الحزم السعودية الأمريكية، غير أنّ القصف على مخيمات النزوح وعلى المدنيين جواً وبحراً، لم يتوقف منذ ذلك الحين حتى اليوم، قتل وأصيب 50 ألف مدني ونزح حوالي 4 ملايين من مناطهم صوب محافظات ومناطق أخرى.
لا ماء اليونيسف ولا طحين الأغذية يصل إلى النازحين!
ويؤدي استمرار الحصار والعدوان إلى زيادة معاناة النازحين، نقل الماء من أماكن بعيدة تحول إلى روتين يومي لأطفال ونساء نزحوا بسبب الحرب العدوانية السعودية على اليمن، غالبية المخيمات لا تحصل على مياه نظيفة ورغم هذه التحديات، قامت اليونيسف بوقف المساعدات لتشغيل مضخات المياه النظيفة وهو ما يضيف إلى التحديات مخاطر ستؤثر بشكل مباشر على النازحين في المخيمات، ويهدد بانتشار الأوبئة والأمراض المعدية.
تقول النازحة غالية من مديرية حرض : «نأتي للحصول على الماء مرتين في اليوم، في الصباح أملأ ستة جالونات وبعد الظهيرة آتي مرة أخرى لأملأ ستة جالونات أخرى.. لا توجد مضخات مياه أخرى في المنطقة، المسافات البعيدة التي يجب قطعها من أجل إيصال المياه للأسرة والتي تصل إلى العشرين كيلومترا في بعض الأحيان ليست التحدي الوحيد بالنسبة للنازحين اليمنيين، فالمياه الموجودة حاليا ليست صالحة للشرب.
ويقول علي محمد – وهو أب لطفل مريض: «الأطفال يشربون الماء ثم يمرضون.. لهذا السبب نذهب للمستشفى، فلا وجود للمياء النظيفة.. المياه متوفرة إما في الأحواض وإما في خزانات، وهي تتسبب بمرض الأطفال، وهكذا فإن زيارة المراكز الطبية ضعيفة التجهيز وقليلة الإمكانات باتت من الزيارات الطبيعية للعوائل النازحة وغير النازحة على حد سواء، ومعالجة الأطفال من الأمراض المعوية تحولت إلى أزمة في ظل نقص الأدوية التي لا تصل إلى ما لم يخرب من مراكز صحية بسبب استمرار العدوان والحصار.
وبحسب التقارير الرسمية فإن نحو ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم نحو 29 مليون نسمة لا يحصلون على مياه شرب نظيفة، خاصة وأن شبكات الصرف الصحي ومراكز نقل ومعالجة المياه في معظم مناطق البلاد إما دُمرت بشكل كامل في غارات العدوان السعودي وإما أنها تضررت، فيما يتوقع خبراء أن قرار اليونيسف بتوقيف المحروقات عن مضخات المياه، ومحطات كهرباء المعالجة لمياه الصرف الصحفي سيؤدي إلى مضاعفة الكارثة الحاصلة، وعلى وجه أخص بحق النازحين.