“أم ريّان” …. امرأة تصارع خذلان الحياة وتكافح من أجل البقاء

“عشت مرارة الحياة وألم الفقد، لم أشعر يومًا واحدًا في حياتي أنني أنثى”

بهذه الكلمات  تسرد (أم ريان- 35 عامًا) من محافظة الحديدة، فصول معاناتها، بعد أن كانت تحلُم بأن تكون تلك الأنثى المدللة التي تسمع عنها دائمًا، والتي تحمل في طيات حياتها السعادة والعيش الكريم.

تقول(أم ريان): “كان أبي يقول دائمًا أن البنت ليس لها إلّا بيت زوجها، وبسبب فقرنا الشديد قام بتزويجي وأنا صغيرة، حينها بدأت برسم حياتي المستقبلية مع زوجي، حياة ظننتها مليئة بالسعادة والخير والرفاهية وعشت واقعًا مأساويًا غير الذي بنيت عليه أحلامي وآمالي، فقد أُجبرت على الزواج في عمر مبكر نتيجة تردي الأوضاع المادية لأسرتي وعدم قدرتهم على تلبية رغباتي كفتاة وطالبة.

“خذلتها الحياة مرّة أخرى”

لم تكن(أم ريان) تتصور أن الحياة ستخذلها مرة أخرى، حيث كانت قد حملت بعد زواجها بشهر واحدٍ فقط، وبدأت تعيش أجواء الأمومة بكل فرح مع زوجها، ولكن كانت الأيام تخبّئ طعنةً أخرى لصدرها..

وبعينين تملؤهما دموع المعاناة، تتحدث قائلة: ” بعد شهر أصبحت تظهر عليّ أعراض الحمل بطفلي(ريان)، وكانت تملؤني السعادة بشعور أنني سأصبح أُمًّا، حتّى زوجي فرح حينها فرحًا شديدًا، لكنّ فرحتنا لم تكتمل؛ فقد قرر زوجي الغربة خارج البلاد من أجل تأمين لقمة العيش لنا ولابننا الذي لم يكن قد وُلد بعد”.

وفقًا لما ترويه (أم ريان) أنه على الرغم من وجود أهلها وأهل زوجها إلّا أنها تعبت كثيرًا أثناء حملها بطفلها، فلم تجد من يشعر بحجم الأسى والشوق الذي ينتابها بعد غربة زوجها، وماهية الألم والفقد الذي تعانيه.

 

 

بنبرة واهنة هدَّها جور الأيام تقول(أم ريان):”أختفى زوجي فجأة، ولمدة طويلة، ولم نعد نسمع عنه شيئًا، مرة الأيام والأسابيع والشهور حتّى علمنا أخيرًا أن مسجون في السعودية، والسبب أنه دخل تهريب من غير ترخيص للعمل كما هو حال آلاف اليمنيين المغتربين، كمجهولين”.

وتضيف :”خمس سنوات قضاها زوجي في السجن، وعشت خلالها مع أطفالي  أسوأ ما يتوقعه بشر، حياة ممزوجة بالتعاسة والفقد والوجع، لم أكن أجد لقمة عيش كريمة سوى قليل من الفتات من أهلي وأهل زوجي الذين هم أيضًا من الأسر الفقيرة جدًا”.

 

“مشوار الكفاح”

 

لم يطب لـ(أم ريان) أن تعيش على ذلك الحال المدقع فقرًا وجوعًا؛ فقرَّرت اكتساب مهنة تسدُّ حاجتها وجاحة طفلها.. “تعلمتُ كيفية صناعة البخور، وتسلّفتُ من إحدى صديقاتي تكاليف أول عملية إنتاج البخور، ونجحت فيها”.

 

تواصل محدثتنا القول : “مع مرور الأيام، بدأت بالتسويق للبخور وبيعه على النساء اللاتي كنَّ يأتين من أجل شرائه للمنزل، وتوسعتُ حتّى أصبحت معروفة عند عدد لا بأس به من الأسر، وأصبح عملي يدرُّ عليَّ دخلًا أستطيع به تغطية بعض احتياجات المنزل”.

 وتضيف :”حينما خرج زوجي من السجن عاد والأوضاع قد تأزمت في بلادنا، وانعدمت فرص العمل، خاصةً وأن زوجي لا يملك شهادة أو مؤهلًا جامعيًا بل كان يعمل على باب الله”.

ولأن (أم ريان) امرأة مثابرة ومن تلكم القلائل اللاتي يساندن أزواجهن؛ فقد حاولت أن تزيد من إنتاجها للبخور، وتقف مع زوجها في المحنة التي مَرَّ بها والحالة النفسية التي تجرعها نتيجة السجن والحرمان.

تعيش (أم ريان) وأسرتها -وقد أصبح لديها ثلاثة أطفال- حياةً سعيدة يحفها الود والعيش الكريم بإمكانياتهم المحدودة من بيع البخور وإن كانت لا تكفي، وتحلم  في تنمية مشروعها والتسويق له على نطاق واسع مما يساعدها على تغطية احتياجات أسرتها وأطفالها ، وحلم زوجها هو شراء دراجة نارية لدفع إيجارات المنزل من مردودها.

قد يعجبك ايضا