المنظمات بين الدور الاستخباري والعمل الانساني
كشف مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة ” 26 سبتمبر ” في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي الكثير من الحقائق حول المنظمات العاملة في اليمن قائلا :
” انطلاقاً من تعاملنا مع المنظمات العاملة في اليمن سواءً التابعة للأمم المتحدة أو غيرها منذُ إنشاء المجلس الأعلى، يمكن أن نُقيم هذا الدور من خلال استعراض العديد من المحددات المرتبطة بشكل مباشر بأداء ودور هذه المنظمات في الميدان وهي كالآتي:
1 ـ نوعية المشاريع الممولة من هذه المنظمات: تُركز معظم المشاريع الممولة من هذه المنظمات على مشاريع غير مستدامة بنسبة كبيرة جداً، حيث نجد أن أهداف العمل في هذه المشاريع تظل في الاستجابة لمرحلة الطوارئ، ولكن استمرار مرحلة الطوارئ دون الأخذ بعين الاعتبار المبالغ الطائلة التي يتم إنفاقها من مبالغ الدعم الخاصة باليمن يعتبر إشكالية كبيرة جداً تؤثر على الدعم في مرحلة التعافي أو الإنعاش.
2 ـ تُشارك دول العدوان بنسبة كبيرة من موازنات المنظمات، وبالتالي فإن هذه المنظمات يتم الضغط عليها لإنفاق هذه المبالغ في مشاريع أو أنشطة في ظاهرها مساعدات، ولكن باطنها يعمل على تحويل المواطن إلى عالة وبطالة ينتظر متى تصله هذه المساعدة بدلاً من تحويله إلى عنصر منتج.
3 ـ على الرغم مما توضحه التقارير الخاصة بالوضع الإنساني في اليمن، والذي أوضح خلال سنوات متتالية أن الأزمة الإنسانية في اليمن تُعد أكبر أزمة إنسانية في العالم، إلا أننا من جانبٍ آخر نجد الآتي: قام برنامج الأغذية العالمي بتخفيض مساعداته الغذائية في اليمن بنسبة 50% منذُ شهر أبريل 2020م, وتم إيقاف العديد من مُنح المنظمات الدولية بعد توقيع اتفاقياتها مع المجلس الأعلى، وتم إيقاف مساعدات الآلاف من المواطنين بعد البدء في تنفيذ بعض أنشطتها، وهذه المشاريع كانت ممولة من (USAID) الأميركية، وتم إيقافها بناءً على توجيهات مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية بعد تصريحات “ترامب” ووزير خارجيته.
وقال :” على الرغم من الاحتياجات الكبيرة في كافة القطاعات، إلا أن التدخلات التي تتم من المنظمات لا يمكن أن تغطي الاحتياج الفعلي حتى وإن كان تقييم الاحتياج قد تم تنفيذه من هذه المنظمات نفسها، وبالتالي فإن عدم التدخل الكامل يهدف إلى إيجاد سخط في الميدان مهما كان حجم التدخل، لأن التدخل لم يشمل كافة المحتاجين”.
وأضاف :” لاتزال العديد من المنظمات الأممية تتجنب التنسيق مع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، وتقوم بدلاً عن ذلك بالتنسيق المباشر مع بعض الجهات الحكومية (للأسف) مع عدم توقيع حتى اتفاقيات يمكن أي جهة من مراجعتها لاحقاً أو الاستناد إليها في تحديد رقم الدعم المقدم لليمن، وبالتالي فإن هذه المنظمات لم تكتفِ برفض التنسيق مع المجلس الأعلى فحسب، بل تعدى ذلك إلى محاولة إيجاد خلافات بين أجهزة الدولة المختلفة”.
ولفت الى أنه :” لايزال اعتماد نوعية المشاريع من المنظمات يعتمد على آليات لا تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الفعلية على الواقع وفقاً للتغيرات التي جرت على الساحة اليمنية منذُ بدء العدوان، ولكنها تعتمد على دراسات تمت خلال سنوات سابقة وعلى آليات غير واضحة، وهذا ما أوضحه تمديد خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للفترة من (يوليو – ديسمبر 2020م), ولاتزال العديد من المشاريع الممولة تنفذ من قبل منظمات دولية أخرى بدلاً من تأهيل منظمات مجتمع مدني قائمة منذُ سنوات، وبالتالي فإن أجزاء من الموازنات تذهب كنفقات تشغيلية”.
وتابع :” هناك مشاريع يتم استقطاع جزء كبير من موازناتها للمكاتب الرئيسية للمنظمات العاملة خارج اليمن كجزء من إجراءات حصول هذه المنظمات على الدعم. وبالتالي وبالرغم مما قامت به المنظمات من تنفيذ مشاريع (وفقاً لما يصدرونه في تقاريرهم) على الساحة اليمنية خلال المرحلة السابقة، فيمكن تقييم أدائهم بأنه لايزال سلبياً، وذلك للأسباب الآتية, وهي عدم العمل على الاستجابة وفقاً لأولويات احتياجات المواطن, وعدم الرغبة للانتقال إلى مشاريع التمكين بدلاً من العمل المستمر في إطار الطوارئ, وعدم جدية المنظمات الأممية لمواءمة نسبة التدخلات مع نسبة الاحتياج الذي يتكلمون عنه أو يصدرونه في تقاريرهم، بل على العكس نجد أن التدخلات تتناقص مع زيادة الاحتياج, وعدم العمل بحيادية أو بمبدأ عدم الانحياز في العمل الإنساني, ومحاولة إيجاد سخط في الميدان بين المجتمع بسبب عدم تنفيذ الاستجابة وتغطية الاحتياج على مستوى كل منطقة, ومحاولة إيجاد تصادم بين أجهزة الدولة بعضها مع بعض من خلال محاولة التنسيق مع جهات غير مخولة بالتنسيق.
وقال أحمد حامد ” لقد شاهد الجميع عبر وسائل الإعلام في تقارير لا حصر لها تلك المواد الغذائية والدوائية الفاسدة التي تدخلها المنظمات وكل هذا الفساد بعيداً عن الدور الاستخباراتي الذي تمارسه الكثير من المنظمات والتي نسعى كمؤسسات دولة لمواجهته والتخفيف منه مع مراعاتنا للوضع الإنساني الصعب ومعركتنا مع فساد المنظمات من أكبر المعارك في مواجهة الفساد وندفع ثمن كبيرا فيها ؛حيث تقوم بعض المنظمات بدفع أموال لشراء بعض الأقلام والأبواق لاستهدافنا وتشويهنا كردة فعل على مواجهة فسادهم”.