منظمة الصحة العالمية: 21 دولة قضت على الملاريا منذ عام 2000، لكن الحاجة ماسة للقاح يغيّر مسار المرض

دعت منظمة الصحة العالمية، في تقرير جديد حول الملاريا، دول العالم والشركاء الصحيين إلى تنشيط العمل لمكافحة الملاريا، وهو مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه، إلا أنه لا يزال يودي بحياة مئات الآلاف من الأشخاص سنويا.

ووفقا لأحدث تقرير يصدر عن منظمة الصحة العالمية بشأن الملاريا هذا العام، ويغطي الاستجابة العالمية خلال عقدين من الزمن، فإن المكاسب التي تحققت في مكافحة المرض مهددة بسبب وجود ثغرات في الوصول، وبسبب جائحة كـوفيد-19، ونقص التمويل.

وفي بيان يستعرض أهم نتائج التقرير، ذكر مدير عام المنظمة، د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أن الوقت قد حان للقادة في جميع أنحاء العالم للارتقاء مرة أخرى إلى مستوى تحدي الملاريا، “تماما كما فعلوا عندما وضعوا الأساس للتقدم المحرز منذ بداية هذا القرن“.

ففي أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وضع قادة البلدان المتأثرة بالملاريا، والعلماء والشركاء الآخرون، الأساس لاستجابة متجددة للمرض، ساهمت في أحد أكبر عوائد الاستثمار في الصحة العالمية.

وأضاف د. تيدروس يقول: “من خلال العمل المشترك، والالتزام بعدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب، يمكننا تحقيق رؤيتنا المشتركة لعالم خال من الملاريا”.

أهم الإنجازات على مدار 20 سنة

بحسب التقرير، قضت 21 دولة على الملاريا منذ عام 2000، وتم اعتماد 10 دول خالية من الملاريا من قبل منظمة الصحة العالمية، وقدمت الصين والسلفادور طلبات لإعلان خلّوهما من الملاريا.

لكن، بحسب المنظمة، فإنه خلال الأعوام الماضية، أصبح التقدم بطيئا. وفقا للتقرير، ارتفع عدد الدول التي فيها أكثر من 100 حالة من ست دول في عام 2000 إلى 27 دولة في عام 2019.

وفيما يتعلق بالتمويل، تم تخصيص 39 مليار دولار للاستجابة العالمية منذ عام 2000. ولكن استُثمرت 3 مليارات دولار منذ عام 2019، وهي أقل بنسبة 45% من الهدف المنشود والبالغ 5.6 مليار دولار. وبحسب التقرير أيضا، خلال 19 عاما، تم توزيع 2.7 مليار من الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات. وارتفعت نسبة المنازل التي لديها ناموسيات معالجة بالمبيدات من ناموسية واحدة على الأقل عام 2000 إلى 68% عام 2019.

وفي مؤتمر افتراضي عُقد لعرض التقرير، قال الدكتور بيدرو ألونسو، مدير البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا في منظمة الصحة: “هذا تقدم هائل، لكنه أقل مما نحتاج لتحقيقه“.

أفريقيا وكوفيد-19

في عام 2000، وقّع قادة أفريقيا إعلان أبوجا وتعهدوا بخفض نسبة الوفيات في القارة بـ 50% على مدار عشر سنوات. وفي الأعوام الماضية، كانت أفريقيا تتحمل العبء الأكبر من المرض، (أكثر من 90% من الحالات في العالم)، ومنذ عام 2000، خفّضت القارة معدل الوفيات بنسبة 44%، وتم منع 1.5 مليار إصابة، و7.6 مليون وفاة.

وقد شكّلت جائحة كوفيد-19 تحديا أمام تقديم الخدمات الصحية المهمة حول العالم. فبحسب التقرير، استمرت معظم حملات الوقاية من الملاريا بدون تأخيرات كبيرة. لكن تخشى المنظمة من أن أي تعطيل لتقديم الخدمات قد يؤدي لخسارة فادحة بالأرواح.

©UNICEF/Wikus De Wet
أسرة في موزامبيق تجلس في ناموسية معالجة بمبيدات الحشرات, by ©UNICEF/Wikus De Wet

وقالت ماتشيديسو مويتي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا، إن كوفيد-19 يهدد  بعرقلة جهود التغلب على الملاريا بشكل أكبر، ولاسيّما علاج المصابين بالمرض. وأضافت: “على الرغم من التأثير المدمّر لكوفيد-19 على الاقتصادات الأفريقية، يحتاج الشركاء الدوليون والبلدان إلى بذل المزيد من الجهود لضمان وجود الموارد لتوسيع برامج مكافحة الملاريا التي تُحدث فرقا كبيرا في حياة الناس“.

وسيستمر توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات حتى نهاية هذا العام كما هو مخطط له. وحتى الأسبوع الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، تم توزيع 105 ملايين ناموسية من بين 222 مليونا كان من المخطط توزيعها في عام 2020.

وقال دكتور ألونسو: “أظهر كوفيد-19 أنه عندما يحتاج العالم إلى الاستجابة لتهديد كبير، فإن الاستثمار كبير. وهو مرض معدٍ ولذلك تم بذل الكثير من الجهود لتطوير لقاح. في حين أن الملاريا، هذه الطفيلية، أكثر تعقيدا من الفيروس، فإن الاستثمار في تطوير أدوات جديدة ولقاح ضئيل“.

السودان الأكثر تأثرا

في منطقة شرق المتوسط، لوحظ تقدم في مجال مكافحة الملاريا، فقد انخفض عدد الحالات الكلي بنسبة 26%، أي من 7 مليون إلى 5 مليون حالة. وانخفض معدل الوفيات بنسبة 16%، من نحو 12 ألفا إلى نحو 10,100.

وفقا للتقرير، يتحمّل السودان أكبر عبء في المنطقة (46% من الحالات)، ويليه اليمن ومن ثمّ الصومال وباكستان وأفغانستان وجيبوتي. وفيما أبلغت السعودية عن 38 حالة في 2019، لم يبلغ العراق عن أية حالات محلية منذ عام 2009، لم توجد في إيران حالات محلية بين عامي 2018 و2019.

ومنذ عام 2014، تباطئ التقدم في المنطقة، وستفوّت منطقة شرق المتوسط الهدف الموضوع لعام 2020 في تخفيض عدد الحالات والوفيات. وعالميا، وفقا لتوقعات المنظمة، فإن هدف عام 2020 للحد من حالات الإصابة بالملاريا لن يتم تحقيقه بنسبة 37%، والوفيات بنسبة 22%.

جهود ضرورية

ترجّح منظمة الصحة العالمية أن يتطلب القضاء على الملاريا في جميع البلدان، وخاصة تلك التي تعاني من عبء المرض، أدوات غير متوفرة اليوم. فالهدف المنشود بلوغه في عام 2030: تخفيض معدلات الوفاة بسبب الملاريا، وتخفيض حالات الإصابة بالملاريا، بنسبة 90% على الأقل.

وأشار دكتور ألونسو إلى أهمية بذل جهود جبّارة في مجالات البحث والتطوير وإيجاد أدوات أفضل، ولقاحات. “دعوني أقول بصراحة: نحتاج إلى لقاح. في هذه المرحلة من الصعب الآن تسطيح المنحنى، ناهيكم عن القضاء على الملاريا“.

وأضاف أن ثمة حاجة لاستهداف أفضل للتدخلات، وأدوات جديدة، وزيادة التمويل لتغيير المسار العالمي للمرض والوصول إلى الأهداف المتفق عليها دوليا، في الوقت الذي تهدد جائحة كوفيد-19 بتراجع أكبر في مكافحة المرض.

قد يعجبك ايضا