الطفلة طرفة .. يبقى الحال على ما هو عليه ” قصة إنسانية ” !

عبد الإله عميران

ذات يوم استيقظنا وليس في بيتنا شيء نأكله، أواني فارغة، وبطون خاوية كان ذلك أصعب يوم في حياتي وعائلتي. ” هذا ما قاله “والد طرفة” في بداية حديثه معنا.
كان عمر الطفلة تسعة أعوام حين اصطحبها والدها إلى مكان رمي القمامة كي يقوموا بتجميع القناني البلاستيكية لبيعها لمعامل إعادة التدوير.
يقول عبد الله والد الطفلة واصفًا ذلك اليوم “تركت ابنتي تذهب إلى جهة ليست ببعيدة عني لتبحث عن القوارير البلاستيكية، وأنا ذهبت إلى الجهة المقابلة، وما هي إلا لحظات حتى سمعت أطفال ينادونني “ياعم ياعم! بنتك تحترق”


ويضيف بعينين مغرورقتين “أتذكر أني نزعت قميصي، وركضت كالمجنون إلى مكان الحريق، وما إن كدت أصل إليها حتى أغمي عليها، وكاد يغمى علي أيضًا، كنت أصرخ تكلمي مع والدك يا طرفة! فأغمضت عينيها ولم ترد”.
ويستطرد: أخذنا صاحب دراجة نارية إلى عيادة طبية قريبة، فلم يستقبلوا الحالة؛ كونها حسب قولهم تحتاج إلى أخصائي جراحة، وتم تحويلنا إلى مستشفى الرازي في أبين، فأعطونا بعض المغذيات والإبر، وسألونا حول ما إذا كنا سندخلها قسم الرقود في المستشفى؟، فأجبتهم ليس لدينا المقدرة على دفع نفقات الرقود وعدنا الى المنزل”.


هنا تتدخل “أم طرفة” قائلة: ” عندما عادوا إلى البيت ورأيت ابنتي محمولة على يدي والدها، وهو يبكي، أغمي عليّ، ظنًا مني أن ابنتي قد ماتت، وبعد أن استيقظت وعلمت أن ابنتي لم تمت وسمعت القصة، بكيت بكاء شديدًا، وطلبت من زوجي أن يذهب لعلاجها فورا”.

يقاطعها الزوج قائلاً: ” كنت أتألم بسبب الحروق التي أصابت قدمي، وأضغط على نفسي أمام ألم ابنتي، فأخذتها مجددًا إلى مستشفى في عدن، واستمرت هناك لأكثر من سبعة أشهر، وفي أحد المرات عانت طرفة من فقر دم حاد فلم يعد جسمها يتقبل الإبر، لدرجة أن أحد الأطباء قال لي فيما معناه، سلم أمرك لله، فابنتك منتهية”.
ويضيف: كنت في حيرة من أمري، حتى وجدت رجلًا طيبًا هناك أعطاني دبة عسل، فعدت بابنتي إلى المنزل، وكنت انتظر موتها، فأعطيها من العسل، وأمسح جسمها بالعسل، فأصبح حالها كما ترون أمامكم، فعدت بها مجددًا إلى المستشفى، فطلب مني مبلغ 2000$ تكاليف العملية، فعدت بها مرة أخرى إلى البيت محبطًا منكسرًا”.
“طرفة تتحدث للمرة الأولى: أريد أن أتعلم”.


كانت طرفة ترقبنا بهدوء وحين سألناها عن حلمها؟ تحدثت للمرة الأولى قائلة: “أريد أن أتعلم!”
ويقول والد طرفة: ” طرفة لم تستطع مواصلة تعليمها بعد أن تعرضت للحادث، وأيضًا لم أستطع أن أترك أخوتها يذهبون إلى المدرسة؛ بسبب حالتنا المادية الصعبة، وبإذن الله سوف أعمل جاهدًا بعد الرحلة العلاجية التي وعدنا بها أحد فاعلي الخير على إعادة طرفة إلى المدرسة وتحقيق حلمها”.
وتقول إحصائيات إن مليوني طفل يمني باتوا يقضون طفولتهم خارج المدارس، وأن 3,7 مليون طفل آخر معرضون لخطر التسرب من التعليم.
وفي حديث لممثلة اليونسيف في اليمن السيدة سارا بيسلو نيانتي، العام 2019م: “لقد تسبب النزاع وتأخر عجلة التنمية والفقر في حرمان ملايين الأطفال في اليمن من حقهم في التعليم، وحرمانهم من أملهم في مستقبل أفضل”.
وتضيف السيدة نيانتي: ” يواجه الأطفال غير الملتحقين بالمدارس مخاطر متزايدة من التعرض لكافة أشكال الاستغلال، بما في ذلك إجبارهم على الانضمام إلى القتال، وعمالة الأطفال…”
طرفة عبدالله واحدة من أطفال آخرين تدفع بهم ظروف الحرب إلى سوق العمل تاركين مقاعد التعليم.

” تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من اليونيسف (منظمة الطفولة)”.

تنشر هذه المادة بمناسبة #اليوم_العالمي_للطفل وفقًا لتفاهم بين الموقع والشبكة ..

قد يعجبك ايضا