استمرار الترحيل القسري لأبناء الشمال من المحافظات الجنوبية يؤكد فشل حكومة فنادق الرياض
قوم مليشيات الإمارات بارتكاب العديد من الجرائم اللاإنسانية في المحافظات الجنوبية ضد أبناء الجنوب و الشمال، حيث وصل الوضع هناك إلى أن تلك الجرائم يتم الترويج عنها ليل نهار في وسائل الإعلام، في ظل صمت مطبق للأمم المتحدة والمجتمع الدولي – و يعجز الشخص عن عد تلك الجرائم الوحشية وحصرها- ولكن ظلت جريمة التهجير أو الترحيل القسري لها الأثر الأقوى بين تلك الجرائم الذي تقوم بها تلك العصابات المسماة بقوات المجلس الانتقالي التي تسيطر على أجزاء من المحافظات الجنوبية ضد أبناء الشمال الأكبر والأكثر جرماَ ، وجريمة يعاقب عليها القانون كما تم وصفها بجريمة إبادة جماعية من بعض الحقوقيين في القانون الدولي الإنساني، ناهيك عن نفيهم بقوة السلاح، وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي وتحالف عربي غاشم و آخر ليس له الحق في الكلام، وعلى مرأى ومسمع من حكومة هادي المسماة الشرعية التي تدعي أنها شرعية وتسيطر على القرار السياسي والمالك الوحيد للسطلة في البلاد هناك التي لم تحرك ساكناً.
الثورة / محمد الجبري
يؤكد ضلوع تلك السلطات ومشاركتها في تلك الانتهاكات فهي المسئول الأول والأخير فصمتها اللا مبرر من قبلها يزيد من حدة الاتهام لها وبأنها تنتهج أسلوب تلك العصابات الإجرامية بحق أبناء الشمال منذ البداية فهي المسؤول الأول عن تهجير المدنيين والعسكريين من أبناء الشمال من المحافظات الجنوبية.
ووصف ناشطون ومحللون سياسيون ودبلوماسيون الوضع الإنساني المزدرى في الجنوب والانتهاكات المستمرة ضد أبناء المحافظات الشمالية وحملات التهجير القسري لهم من المحافظات الجنوبية بالجريمة اللاإنسانية حيث تعد جريمة في القانون الدولي.
وأكدت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية على أهمية رصد وتوثيق تلك الانتهاكات بحق الإنسان، وأنها لابد أن تقوم بالدور الذي يجب أن تقوم به، داعية في الوقت نفسه كل المنظمات والمؤسسات الحقوقية بالسير معها في توثيق تلك الجرائم التي تخلو من الرحمة والإنسانية؛ حتى تتم مساءلة ومحاكمة مرتكبيها وفقاً للقانون الدولي ووفقاً للقانون المحلي.
سياسة التهجير وسلخ الهوية
وكشف موقع ميدل إيست آي البريطاني في السابع والعشرين من يوليو من العام الجاري عن عمليات تهجير قسري نفذته قوات المجلس الانتقالي التي سيطرت مؤخراً على جزيرة سقطرى وقامت بحملات تهجير على نطاق واسع ضد أبناء المحافظات الشمالية بإيعاز إماراتي، وقلب للمفاهيم في جزيرة سقطرى فصار اليمني من أبناء الشمال المتواجد في المحافظات الجنوبية بنظر القوات المدعومة إماراتياً غازياً، كما سعت تلك القوات إلى نشر تلك المفاهيم بين سكان الجزيرة.
لم تكن عملية التهجير في سقطرى هي الأولى ولن تكون هي الأخيرة لأبناء الشمال مما يؤكد أن التهجير ليست سياسة آنية بل سياسة مستمرة تساعد الإماراتيين على شق الصف وتمزيق الأواصر المجتمعية والنسيج الاجتماعي بين اليمنيين فالهدف الأول والأخير للإماراتيين والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات هو فصل شمال اليمن عن جنوبه بل تجزئة المجزأ.
وشمل الترحيل الكثير من أبناء الشمال من أرخبيل سقطرى كما تم ترحيل مواطنين جنوبيين من أبين وشبوة تحت مبررات أنهم يدعمون الإصلاح، وهنا نريد أن نؤكد أن ما يحدث في سقطرى هو سلخ سقطرى عن الجنوب، لغاية يراد بها لاحقاً فصلها عن اليمن.
وأصدر الانتقالي بسقطرى مؤخراً العديد من القرارات والتي من ضمنها نظام الإقامة لليمنيين في سقطرى سواء للشماليين أو الجنوبيين، وهذ أمر خطير جداً حيث أنه مؤشر على بداية لسلخ سقطرى من اليمن من ناحية ومن الجنوب من ناحية أخرى.
كما عمل الانتقالي على توطين سقطريين يحملون الجنسية الإماراتية من زمن بعيد وهم حلفاء للإمارات والعمل معهم كأذرع للإمارات، حيث قامت الإمارات بتعيين تلك الشخصيات الموالية لها في مناصب عليا في الجزيرة كمشايخ وفي السلطات العليا للجزيرة؛ لمساعدة الإمارات فيما تقوم به من جرائم دون اعتراض من أحد.
ومن جانب آخر، قامت الإمارات الدويلة التي تعمل لحساب الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين من تسهيل عملية التجنيس للسقطريين السكان الأصليين للجزيرة، وتسفيرهم إلى الإمارات من أجل إعطاءهم مفاهيم مغلوطة عن الوحدة والبحث نحو الاستقلال وهو مما يؤكده وتشير إليه كل تلك التصرفات التي تقوم بها أبو ظبي وولي عهدها محمد بن زايد في اليمن وفي جزيرة سقطرى بالخصوص.
تلك الجرائم تحدث ليل نهار على مرأى ومسمع من العالم والمجتمع الدولي وحكومة الفنادق ولن يمنعنا هنا من القول إن حكومة الرياض هي المتهم الأول والأخير ولا مناص من مساءلتها ومحاكمتها فيما يجري هناك من تغيير ديمغرافي للسكان وزرع الحقد بين أواصر المجتمع الواحد ،فهي المسؤول الأول والأخير، من خلال سكوتها اللامبر الذي يؤكد ضلوعها في ذلك المخطط الخبيث ضد الجمهورية اليمنية وأبنائها.
لم تقتصر حملات الترحيل على جزيرة سقطرى، فالعشرات من أبناء الشمال تم ترحيلهم من محافظة عدن وقد حدث ذلك يوم الخميس الثالث من سبتمبر من هذا العام فتم طرد كل الشماليين المتواجدين في مديريتي الشيخ عثمان والمنصورة والذين كان معظمهم من أصحاب البسطات والعاملين في القطاع الخاص، ولم يشاركوا في الحرب ولم ينخرطوا فيها.
وسبق أن قامت القوات الأمنية للمجلس الانتقالي قبل عام بترحيل شماليين عقب تفجيرات وقعت في مدينة عدن التي تم استهداف مقراً أمنياً فيها ذهب ضحيته العشرات من الجنود.
أغسطس 2019م أبرز حملة تهجير
كما تم ذكره سابقاَ ان حملات التهجير كثيرة ومتفاوتة في الزمن وإلا أنها كانت شبه منظمة، أبرز تلك الحملات وأكبرها كان في شهر أغسطس 2019م حيث استمرت عمليات التهجير والترحيل للشماليين في عدن لأكثر من خمسة أيام متواصلة، فتم ترحيلهم عبر بوابير سميت ببوابير الترحيل الإجباري وتم اقتحام منازلهم ونهب ممتلكاتهم ومنعهم من الدخول إليها حتى للمضطرين للسفر عبر مطار عدن المطار الوحيد العامل في البلاد، خصوصاً أنها حدثت بعد استهداف معسكر الجلاء التي أدت إلى مقتل اللواء اسناد في الحزام الأمني منير الماوري المكنى بأبو اليمامة مع 35 آخرين، وهنا يمكن استنتاج لماذا كانت هذه الحملة الأبرز على الإطلاق.
الوجه القبيح
إن هجوم القوات الموالية للإمارات على أرخبيل سقطرى سابقاً كشف النقاب عن حقيقة السعودية ومواقفها من الأعمال والتصرفات التي تقوم بها مليشيات المجلس الانتقالي ضد أبناء الشمال، فعلى الرغم من وجود قاعدة عسكرية سعودية بالقرب من مقر قوات الأمن الخاصة بالجزيرة إلا أنها ظلت جامدة وساكنة لم تتحرك حتى لإيقاف ما يحدث هناك من جرائم إنسانية ضد أبناء الشمال.
كما لم تكتف كلا الدولتين الاستعماريتين لليمن الإمارات والسعودية بالمشاهدة بل دعمتا الآلاف للخروج إلى الشوارع والتصفيق لهم والاحتفال بتحرير سقطرى من حكومة ما يسمى بالشرعية والشماليين والجنوبيين بعد طردهم منها والاستيلاء عليها.
وفي أواخر ابريل كان أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للجنوب، وكان من وراء ذلك هدفان رئيسان هما الاستيلاء على مناطق جنوبية جديدة وطرد حكومة المرتزقة والشماليين من الجنوب والسطو على الإيرادات المحلية لجزيرة سقطرى والممتلكات الخاصة بأبناء الشمال.
تهم باطلة من أجل التهجير
ومع استمرار عمليات السطو التي يقوم بها المجلس الانتقالي أعلن في جزيرة سقطرى عفواً عاماً يوم الأحد 21 يونيو من هذا العام لكل أبناء الجنوب دون الشمال، بينما كان امر الترحيل خاصاً وملزماً لكل أبناء الشمال فتم ترحيلهم عبر قوارب إلى محافظة المهرة، متهمة إياهم بتهم باطلة بأنهم “مرتزقة ” تارة بأنهم يعملون لصالح هادي وتارة أنهم يعملون لصالح الحوثيين، رغم أن البحث عن الرزق ولقمة العيش وإعالة عوائلهم هو السبب الحقيقي من وراء تواجدهم في الجزيرة.
كما أن الإغراءات السعودية والإماراتية التي اغدقوها على أبناء المحافظة ساعد في انخراط الكثير منهم تحت مزاعم ووعود كاذبة بتطوير الجزيرة وتحسين العيش فيها وبتوفير وظائف لهم إلا أنها في الأخير أدركت أن تلك الاحلام ما هي إلا أضغاث أحلام، كما أنها أصبحت أكبر سجن يحتوي على المعارضين السياسيين لسياسة تحالف العدوان الغاشم من أبناء الجنوب أو القوات الموالية لحكومة الفنادق.
موقف صنعاء من الترحيل التهجير والقسري
كان أول رد لما حدث في عدن لعضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي حيث قال بعد يوم من الترحيل” إن الترحيل المناطقي والسلب والنهب لأبناء المحافظات الشمالية في عدن هو المشروع الحقيقي لدول العدوان” كما وجه بسرعة التدخل لاستقبال شكاوى المهجرين من عدن ومتابعة حقوقهم وإعانتهم.
كما دعا الحوثي ” عقلاء الجنوب ” للتدخل لوقف تلك الجرائم مؤكداً أن التحالف وميلشياته قبل اعتدائهم العنصري على أبناء الشمال كانوا ينكلون بأبناء الجنوب.
وجاءت ردود أفعال أخرى من رأس السلطة في صنعاء بالتنديد لتك الأعمال الإجرامية ومطالبة أبناء الشعب اليمني للاصطفاف صفاً واحداً أمام تلك الانتهاكات التي تحدث تحت العناوين العنصرية والمذهبية والمناطقية، والتي لن تفيد في الأخير إلا العدو الأول أمريكا وبريطانيا والخونة من العرب.
ومع استمرار موجة الترحيل القسري من عدن ومن المحافظات الجنوبية، وفشل ما يسمى حكومة هادي في وقف سياسة التهجير، تتصاعد المطالبات للأمم المتحدة بفتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية، وإعادة النظر في قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وفتح مطار المخا، ووقف احتجاز السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة.
فما هو الهدف من وراء تلك الأفعال التي تقوم بها الإمارات في المحافظات الجنوبية؟ وكيف يستطيع اليمنيون مواجهة التغيير الديموغرافي والخطط الرامية إلى تجزئة وتقسيم البلاد؟