الاحتلال يهدِّد السلم الاجتماعي ويروِّج لمشاريع الإرهاب
قصص انتهاك لا تقل بشاعة عما ترويها السينما العالمية الخيالية أبطالها من المحتلين والمرتزقة وضحاياها مدنيون أبرياء.. جرائم متعددة خلَّفت مئات القتلى من مختلف الأطياف والشرائح في عدد من المحافظات المحتلة معظمهم مدنيون أبرياء ومنذ أن وطأت أقدام المحتلين ومرتزقتهم أراضي هذه المحافظات كشفت مدى الانفلات الأمني وحجم الجماعات الإرهابية التي تغذيها قوى الاحتلال التي لا تزال تعمل بكل قوتها لضرب السلم الاجتماعي وترويج مشروع الإرهاب فيها.. ومنذ اكثر من خمسة أعوام ونصف العام لاتزال عدن بالتحديد تعاني انفلاتاً أمنياً تسبب في إزهاق أرواح كثيرين من أبناء المدينة من المواطنين المدنيين فضلاً عن الخوف وانعدام الأمن الذي تسبب في ظهور جرائم كالاغتصاب والاختطاف والنهب والتي تعدت أعدادها المئات وتزايدت وتيرتها مؤخرا منها جريمتا اختطاف فتاتين وقتل طبيب أسنان كذلك قتل شاب من محافظة تعز، حيث عثر مواطنون على جثته في احد الشوارع في حي البساتين ..كما أن جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية بدأت تطفو على السطح في عدن وأخبارها لا تفارق وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ليس هذا فحسب فعدن اليوم تشهد أعمال قتل دامية في ظل فوضى حمل السلاح وتعدد الجماعات الإرهابية المدعومة من دول الاحتلال.. نستعرض من خلال هذه الصفحة قصصا واقعية يرويها عدد من أهالي عدن والمحافظات المحتلة الأخرى عن جرائم يشيب لها الولدان وتوضح حالهم في ظل الاحتلال السعودي الإماراتي
الثورة/ حاشد مزقر
من بين مدونات المعاناة الدائمة اختار نزار عبدالعليم قدره المليء بالأوجاع بعد أن وجد صفحات أقداره خالية من أي راحة ..كان نزار يعمل في مهنة حرة في مدينة عدن ومن خلال هذه المهنة كان يؤمن لقمة العيش الضرورية لأطفاله الخمسة القصَّر أغلبهم فيحاول صناعة البسمة على وجوههم التي فقدوها منذ أن وطأت أقدام الاحتلال مدينتهم ولو تطلب الأمر حرمان نفسه من تلك الابتسامة فهو يفضل في كل الأحوال سعادة أولاده على سعادته، ورغم المهنة القاسية التي يعمل فيها إلا انه لم يفلح في الحفاظ عليها في تلك المحافظة، فالموت الذي يتهدده في كل لحظة بأيادي الغزاة وعناصر تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة التابعة للعملاء والمرتزقة وتحالف العدوان اجبره على الرحيل بعد أن قتل أحد أقاربه على قارعة الطريق على يد عصابة ترتدي أزياء الأجهزة الأمنية وكما يقول: هذه الجماعات لا تتوقف عن إراقة دماء المواطنين البسطاء ..رحل محمد إلى محافظة تعز بعد مقتل ابن عمه مباشرة بحثا عن الأمان والعمل في آن واحد لكنه وجدها هي الأخرى تعيش في براثن الجماعات المتعطشة لسفك الدماء، ليعيش فصلا جديد من المعاناة بكل تفاصيلها المؤلمة.
اختطافات مستمرة
لازالت جريمة اختطاف الشابة عبير بدر فرج سعيد تلقي بظلالها، فلم يمض اكثر من أسبوع منذ اختطافها من الشارع العام في المنصورة حتى أقدمت مجموعة مسلحة في اختطاف الشابة تهاني سعد، وحتى اللحظة لاتزال مختفية تماما كما هو مصير سابقاتها ما دفع اسراً كثيرة في عدن لتوجيه رسالة لأبناء عدن لمساعدتهم في العثور على بناتهم المختطفات ومعرفة مصير كل واحدة منهن، واعتبر الكثير من السكان المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة ونفوذ تحالف السعودية والإمارات أن التهديدات الأمنية الأساسية في مناطقهم تتمثل في غياب الدولة ووجود الميليشيات المدعومة من الدول ذاتها، فيما أرجع مراقبون ارتفاع معدل الجرائم في المحافظات الجنوبية إلى الانفلات الأمني الذي ساهم في انتشار عصابات مسلحة تقوم بتنفيذ جرائمص القتل والسطو والنهب والاغتصاب، وغيرها من الانتهاكات التي فاقمت معاناة المواطنين، مُحمِّلين حكومة شرعية الفنادق والانتقالي المدعوم إماراتيا ومرتزقة السعودية المسؤولية الكاملة عن انتشار الفوضى والعنف في محافظات الجنوب منذ أكثر من خمس سنوات.
كما شهدت عدن خلال الأسبوع الأخير حوادث قتل ونهب كان ضحيتها مهندسون وأطباء منهم الدكتور نشأت عفيف علي ثابت طبيب أسنان ومحاسب في مصنع الأسمنت – عدن والذي تم قتله من قبل عصابة تنتمي لأمن عدن ولم يكتفوا بقتله بل قاموا بسرقة سيارته هونداي توسان موديل 2015 وكل ما كان بحوزته وغيرها الكثير من الجرائم المتعددة التي خلَّفت مئات القتلى من مختلف الأطياف والشرائح معظمهم مدنيون أبرياء، ومنذ أن وطأت أقدام المحتلين ومرتزقتهم ارض الباسلة عدن اتضح مدى الانفلات الأمني وحجم الجماعات الإرهابية التي تغذيها قوى الاحتلال التي لا تزال تعمل بكل قوتها لضرب السلم الاجتماعي وترويج مشروع الإرهاب.
الهلع والخوف
إدريس حسن تجرع مرارة الخوف والهلع طيلة أيام مكوثه في عدن منذ أن وطأتها أقدام المحتلين والجماعات الإرهابية المتعددة، وحتى اليوم الذي قرر فيه الرحيل عنها بحثا عن الأمن والاستقرار ليستقر به المقام في العاصمة صنعاء بعد ثلاثة أعوام من الذعر والإرهاب ..يقول معاذ : أنا من أبناء محافظة عدن عشت فيها كل أيام عمري ومن قبلي عاش فيها آبائي وأجدادي، ولأني اعشق تراب مدينتي رفضت فكرة الهروب بنفسي وأسرتي خلال فترة ثلاثة أعوام منذ احتلالها، حيث فضلت المغامرة بالبقاء فيها ولو كلفنا ذلك حياتنا فبعد أن دخل تحالف العدوان ومعهم المرتزقة توقعنا انتهاء المعارك واستتباب الأمن لكن تلك التوقعات أصحب هباء منثورا إذ لم نلمس الأمن الذي كنا نعيشه سابقا، فالتفجيرات الإرهابية تحصد أرواح الأبرياء باستمرار والمجموعات المسلحة تهدد حياة المواطنين وتهدر دماءهم، فأدركنا بذلك أن الغازي والمحتل لا يأتي إلا بالدمار والخراب لذلك قررت الذهاب إلى صنعاء بعد أن عشت أنا وأسرتي أياماً عصيبة في عدن، حيث كان لكل يوم فصل من فصول الألم والمعاناة والخوف وبعد وصولي صنعاء فقدت أربعة من أقاربي قضوا جميعهم قتلا بالرصاص في عدن وهم ممن رفضوا مغادرتها خوفا من أن يتم نهب ممتلكاتهم من قبل المرتزقة والجماعات الإرهابية إلا أن ثمن ذلك الإصرار كان قتلهم بدم برد ولأتفه الأسباب.. -وكما يقول- هذه الجماعات لا تتوقف عن إراقة دماء المواطنين البسطاء.
في دار سعد قصة انتهاك أخرى لا تقل بشاعة عن سابقاتها ولكن هذه المرة كان الهدف مجموعة من النساء، حيث تعرضن لكمين من قبل عصابة مسلحة أجبرتهن على تسليم ما بحوزتهن حتى هواتفهن المحمولة، وبعد توسلهن لأكثر من نصف ساعة لهذه العصابة سمح لهن بالرحيل بأنفسهن ..فكري- أحد أقارب هؤلاء النساء والذي يسكن في دار سعد- وصفهن بالمحظوظات ولولا عناية الله لحدث ما لا يحمد عقباه، وكما يقول كان بالقرب من هذه الحادثة بعض المواطنين وظلوا فقط يرقبون دون تدخل كي لا يتعرضوا للقتل و لذات المصير وهو يصف الحادثة كان فكري ممتعضا من الوضع الذي آلت إليه عدن وليس أمامه خيار سوى أن يدعو الله أن تعود عدن آمنة ويتم القضاء على قوى الإجرام من المحتلين والجماعات الإرهابية التي عبثت وتعبث بدماء الناس وممتلكاتهم وأعراضهم .
عصابات تمارس أبشع الجرائم في تعز
قال عدد من ممثلي المنظمات العاملة في الشأن الإنساني في محافظة تعز إن عصابات تمارس أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الأطفال في المدينة، وذكر احد الإعلاميين- في لقاء جمع عشرين صحفياً في المحافظة – قيام عصابات مسلحة في مدينة تعز باغتصاب الأطفال- بعد أخذهم بالقوة من المدارس.. وأضاف “ لقد سمعنا قصتين أصبنا جميعاً بالخرس بعد سماعهما، فلم أفق من صدمتي إلا في نهاية اللقاء ولست قادراً على تصديق ما يحدث، تبدو لي القصتان أشبه بفانتازيا هوليود” وقال: عصابات مسلحة تأتي إلى إحدى المدارس- لا داعي لذكر اسمها- لأخذ الأطفال لاغتصابهم، ولا يستطيع مدير المدرسة، أو المدرسون منعهم ويأتي هذا في الوقت الذي تعيش فيه مدينة تعز وكافة المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة المرتزقة وضعاً مأساوياً وانفلاتاً أمنياً، بسبب انتشار مخيف لعصابات ومليشيات مسلحة موالية لحزب الإصلاح (إخوان اليمن) والإمارات الذين يحكمون قبضتهم على كل مفاصل المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية في المحافظة وبدعم من قيادات في الجيش.. وحول القصة الثانية، قال الإعلامي: “كانت مختلفة، لكنها في النهاية مأساة كبيرة.. وتابع: هناك مناطق في أرياف تعز- ونحن في العام 2020م،- تعيش بلا دورات مياه، ليست هنا الكارثة بل في أن مياه الشرب تقع في أحواض أو خزانات مفتوحة يملؤها المطر بعد أن يسوق إليها كل مخلفاتهم العضوية، ومخلفات البهائم أيضاً، بمعنى أن الماء الذي يشربونه هو خليط من مياه المطر وغائطهم وروث بهائمهم.. ”وأضاف “شعرت بالصدمة وأنا استمع إلى قصص معاناة طرحها ممثلو منظمات في هذا اللقاء”.
كما تعاني محافظة تعز من انفلات أمني تسبب في إزهاق أرواح كثيرين من أبناء المحافظة من المواطنين المدنيين، فضلاً عن الخوف وانعدام الأمن الذي تسبب في ظهور جرائم كالاغتصاب والاختطاف والنهب والتي تعدت أعدادها المئات، منها جريمة قتل مرشد سالم من أبناء تعز، ففي صباح أول أيام شهر سبتمبر المنصرم وتحديدا في شارع جمال حدثت اشتباكات عنيفة للغاية بين جماعتين مسلحتين كل واحدة تريد أن يكون لها حظ الأسد من رضا المحتلين.. الاشتباكات لم تنته بسلام فهذه العصابات تهوى سفك الدماء في كل واقعة خبيثة تقوم بها، حيث انتهت الاشتباكات بإحراق قلب كل فرد في أسرة مرشد لتمتلئ قلوبهم بالحزن والمصيبة عندما أردته هذه العصابات قتيلا وأمام أعين أسرته.
جُملة من الجرائم والانتهاكات الدولية
وثق تقرير حقوقي- صدر مؤخراً- جملة من الجرائم والانتهاكات الدولية التي ارتكبها تحالف العدوان ومرتزقتهم بحق أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة وذلك خلال الفترة من يناير ٢٠١٩م وحتى سبتمبر ٢٠٢٠م والتي تم رصدها وتوثيقها وتنوعت بين عمليات الاغتيالات وجرائم إعدام وذبح وتفجيرات واغتصاب واختطاف وتعذيب وتهجير قسري.
واستعرض التقرير -الذي أعده مركز كرامة للحقوق والتنمية- أبرز الجرائم والانتهاكات وفي مقدمتها جرائم الاغتيالات التي بلغت ٦٧٩ جريمة احتلت فيها محافظة عدن المرتبة الأولى بــ ٢٤٧ ثم حضرموت بــ ١٤١ ثم أبين بــ ١١٩ ثم شبوة بــ ٥١ ثم الضالع بــ ٣٨ تليها لحج بــ ٢٨ ثم سقطرى بــ ١٢ وبعدها المهرة بـ 6 عمليات.
ولفت التقرير إلى أن جرائم الإعدام والذبح بلغت ١٦ جريمة، فيما وصل عدد جرائم القتل المباشر التي قامت بها مليشيات الاحتلال بحق المواطنين إلى ٩٤ جريمة قتل ، وأوضح التقرير أن حالات القتل التي حدثت أثناء الاشتباكات بين المليشيات المسلحة لم تدخل ضمن هذه الإحصائيات وكشف التقرير عن رصد ٣٦ جثة منها ١٦ تم التعرف على هويتها، أما بالنسبة لجرائم التفجيرات فبلغت سبع عمليات ثلاث منها بسيارات مفخخة واثنتين بانتحاري واثنتين بدراجة نارية راح ضحية عمليتين فقط أكثر من 56 قتيلاً و61 جريح نتيجة تفجير السيارات المفخخة.
وحول جرائم الاغتصاب وثق التقرير ٣٠ جريمة اغتصاب منها ١٤ جريمة طالت النساء و١٦ طالت الأطفال.
فيما سجل المركز أكثر من ٢٨٣ عملية اختطاف وإخفاء قسري قامت بها مليشيات الانتقالي وحزب الإصلاح، و10 حالات انتحار لمواطنين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية هناك وعدم صرف الرواتب لمجندين يتبعون الاحتلال ولفت التقرير إلى حملات التهجير التي قامت بها مليشيات الانتقالي، حيث هجرت آلاف المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية، إضافة إلى نهب ومصادرة ممتلكاتهم، كما سلط التقرير الضوء على عمليات التعذيب في سجون الاحتلال والانتقالي والإصلاح ، حيث رصد وفاة 10 حالات بسبب التعذيب وهي التي أعلن عنها أهالي الضحايا، منوها بوجود عشرات الحالات الأخرى التي لم يتم الكشف عنها بسبب التكتم الإعلامي الذي تمارسه دول الاحتلال ومليشياتها على السجون السرية، وتطرق التقرير إلى إنشاء السجون السرية وسوء المعاملة التي يتعرض لها المواطنون في مخالفة واضحة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.