تحرير 670 أسيراً ومعتقلاً.. انتصار سياسي وعسكري وإنساني
من على متن طائرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ترجّل أباة الضيم رافعين رؤوسهم يهتفون بشعار الحرية والكرامة، ويلوحون بأيديهم للحشود التي هبت من كل جهة ومنصب وجبهة لاستقبالهم، على أهازيج البرع وسمفونية النشيد الوطني وأنغام الموسيقى العسكرية المرددة “الله أكبر فوق كيد المعتدي”.
لليوم الثاني على التوالي استقبلت قيادات الدولة من سياسيين وعسكريين ومدنيين وحشود غفيرة من المواطنين أسرى الجيش واللجان الشعبية العائدين من سجون تحالف العدوان ومرتزقته في صفقة تبادل ضمت أكثر من ألف أسير ومعتقل، بينهم 670 أسيرا ومعتقلا من أبناء الجيش واللجان والصيادين والمسافرين الذين اتخذ منهم الطرف الآخر وسيلة للمقايضة.
الثورة / عبد القادر عثمان
عن ذلك يقول مدير مكتب رئاسة الجمهورية، أحمد حامد، في حديثه إلى “الثورة”: “كنا نتمنى أن يكون الاتفاق هو اتفاق للأسرى بالمعنى الحقيقي لكن الطرف الآخر عمل على إدراج أسماء لديها ملفات خاصة في قضايا لدى النيابة وملفات أخرى لا علاقة لها بالأسرى وتركوا أسراهم”، ويضيف قائلاٍ: “هم يفكرون تفكيرا آخر، إذ لا قضية لهم ولا يقدرون معاناة أسرهم ولا يوجد لديهم قيادة واحدة تستطيع التعامل معها، بينما نحن جاهزون كما قال السيد القائد ولجنة الأسرى لاتفاق يشمل الكل مقابل الكل”.
انتصار واحتفال
لكن هذا التلاعب من قبل مرتزقة العدوان لم يؤثر في فرحة الحرية التي نثرتها وجوه الأسرى المحررين، إذ يرى مدير مكتب الرئاسة أن نجاح هذه المبادرة “هو نجاح لكل يمني حر وأبي داخل الوطن الواحد ولكافة اليمنيين الذين يجمعهم الهم الواحد والقضية الواحدة والعاطفة الواحدة”، ويشير إلى مشاهد استقبال الشعب للأسرى بالقول: “ترى اليمنيين وهم يستقبلون الأبطال كأنهم أسرة واحدة يستبشرون بعودة من ضحوا في سبيل الدفاع عن عزتنا وكرامتنا، وكان لهم الدور الكبير في هذا وتحملوا من أجل ذلك ظلمة السجون وقسوة السجان وبذاءة لسانه وصمدوا في الجبهات أولا وتحملوا المعاناة في سجون العدو التي يعرف الجميع ما يجري فيها”.
ولفت حامد إلى ما أسماه بالطرف الآخر باعتبارهم “مجموعة من المجرمين الذين تطبعوا بطباع اليهود والنصارى، فليس لديهم أي قيم إسلامية أو مبادئ إنسانية، ولذلك كان ملاحظ على أسرانا عند خروجهم التعب الناتج عن عدم الاهتمام، بينما أسراهم عادوا من لدينا وهم في راحة، وهذا ما نطق به أسراهم أيضاً”، وقال إن “تصريحات أسراهم على الشاشات قالت ذلك، فقد ظل الطيران المعادي يلاحق مرتزقته وهم في السجون، وقد تعبنا ونحن ننقلهم من مكان إلى آخر من أجل سلامتهم، رغم أننا كنا صريحين مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تحديد إحداثياتهم لتجنيبها القصف”.
من معركتنا
من جانبه يرى المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع أن هذا الاتفاق هو إنجاز سياسي وعسكري وإنساني، “نبارك من خلاله لأسر الأسرى الأحرار عودة أبطالهم”، ويقول في حديث على “الثورة”: “على المستوى العسكري غالبية هؤلاء أسروا وهم في جبهات القتال، ولذا فهم جزء لا يتجزأ من المعركة العسكرية”، نافياً “ادعاءات الطرف الآخر من عزم القيادة على إرسالهم غدا أو بعد غد إلى الجبهات.
يؤكد العميد سريع أن “لدينا في الجبهات ما يكفي من الأفراد ولدينا الجهوزية الكاملة لخوض أي معركة بكل ثقة”، ويضيف: “نحن سنرسلهم إلى أسرهم للاهتمام بهم وللقاء أهلهم وأحبتهم، وبعد ذلك هم من سيختارون إلى أين يريدون الذهاب لأنهم أحرار”.. لافتا إلى أن “قادم الأيام سيكون هناك مفاجآت كبيرة للعدو إذا لم يتم الإفراج عن بقية أسرانا”.
بحسب متحدث القوات المسلحة فإن، هناك ما بين 50-60 معتقلا من الصيادين وممن ألقي القبض عليهم من قبل العدو في طريقهم للسفر، أفرج عنهم ضمن أسرانا، وقد قدمهم العدو كأسرى واستغل وجودهم لديه.
أمراض جلدية
470 أسيرا ومعتقلا وصلوا في اليوم الأول لتبادل الأسرى أعقبهم نحو 200 أسير ومعتقل أمس الجمعة، جميعهم أجريت لهم الفحوصات الطبية ويخضعون للإجراءات الاحترازية والرعاية الصحية.
يقول الدكتور طه المتوكل، وزير الصحة العامة والسكان: إن هناك فرق طبية “تستقبل الأسرى الأحرار في صالات مجهزة لاستقبالهم وإجراء الفحوصات اللازمة لهم”.. مؤكداً في حديث إلى “الثورة” أن “نتائج اليوم الأول لم تظهر لديهم أي أعراض أو معلومات في ما يخص الأمراض المزمنة، بفضل الله”.
ويضيف: “حتى اليوم الأمور مطمئنة لبعض الأسرى، الذين لا يزالون تحت الإجراءات الاحترازية، لكنهم يعانون من الكثير من الأمراض الجلدية، والبولية نتيجة معاناتهم داخل السجون وقد نقل منهم من البعض إلى المستشفى نتيجة سوء التغذية وسوء البيئة داخل السجون”.
أسرى للقبور
الأسرى المفرج عنهم أكدوا ما ذهب إليه الوزير المتوكل من تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة والمعيشة في سجون العدوان ومرتزقته.. مؤكدين أن ذلك لم يزدهم سوى قوة وعزيمة على الثبات، بينما يلفت عبد القادر المرتضى، رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى، إلى أن “هناك سبعة أسرى شملتهم الصفقة تم إعدامهم داخل سجون العدو، وقد أكد الطبيب الشرعي تعرضهم للتعذيب”.
يقول المرتضى في حديثه عن الجهود المبذولة في ملف الأسرى إن “اللجنة تنتظر دعوة من الأمم المتحدة لعقد جولة مفاوضات جديدة، نحن جاهزون لها، ومستعدون للدخول في صفقة شاملة تشمل جميع الأسرى والمعتقلين، لكن نظرا للظروف والتعقيدات التي تحصل أثناء المفاوضات لأن الطرف الآخر ليسوا طرفا واحدا، نضطر إلى أن نعقد هذه الصفقات الجزئية، وإلا لكنا أتممنا صفقة شاملة لكافة الأسرى.
ويلفت المرتضى إلى أن “هناك متابعة كبيرة وحثيثة من قيادة الثورة وهناك إصرار من لجنة الأسرى على إنهاء هذا الملف، ولدينا الكثير من أوراق الضغط على الطرف الآخر للدخول في صفقات تؤدي في الأخير إلى الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين إن شاء الله”.
عملية كبرى
بالنسبة للصليب الأحمر تعد هذه أكبر صفقة لتبادل الأسرى تنفذها اللجنة الدولية، تقول يارا خواجة، المتحدثة الرسمية باسم اللجنة في اليمن، إن “هذه العملية كبيرة جداً، فقد تم إطلاق سراح أكثر من ألف شخص خلال يومين، وهذه عملية كبيرة جرى تنفيذها بين خمسة مطارات خارج وداخل اليمن، 11 طائرة أقلعت وحطت لتعيد هؤلاء الأسرى إلى أسرهم”.
تشير خواجة إلى أن اللجنة قامت “بزيارة كل الأشخاص الذين تضمنتهم الكشوفات للتحقق من المعلومات الأساسية لهم أولا، ولمعرفة نيتهم ورغبتهم في أن يكونوا جزءً من عملية التبادل ثانياً، وثالثاً وهو الأهم قمنا بمعاينة وضعهم الصحي لكي تستطيع الطائرات التي تحملهم أن تتعامل مع وضعهم الصحي”، على حد قولها.
وفيما يتعلق بأسرى الطرف الآخر الذين يتم نقلهم إلى مناطق بعيدة عن أهلهم الذين يعيشون في المحافظات الحرة تقول يارا خواجة: “شاهدنا واحدة من الحالات التي كانت على متن الطائرة من الأسرى التابعين للطرف الآخر قد قرر النزول لأن أسرته في صنعاء، وقد سهلت السلطات في صنعاء ذلك الأمر”.
وتشير إلى أن اللجنة ستقوم بالتواصل مع كافة المفرج عنهم والذين نقلوا إلى مناطق بعيدة عن أسرهم وستحاول إيجاد طريقة ما لإيصالهم لأسرهم.