الأمم المتحدة تدعو إلى اتخاذ تدابير ملموسة لتجنب المجاعة التي تهدد العديد من البلدان بما فيها اليمن وجنوب السودان
دق ثلاثة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة ناقوس الخطر يوم الخميس في إحاطتهم أمام أعضاء مجلس الأمن بشأن تزايد انعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة في العديد من البلدان.
وحذر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارك لوكوك، والمدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) شو دونيو، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، من أن عدة دول، بما فيها اليمن وجنوب السودان وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، معرضة لخطر المجاعة بسبب جائحة كوفيد -19.
جاء ذلك في جلسة مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 2417، الذي كان قد تبناه المجلس في أيار/مايو 2018 وطلب فيه من الأمين العام تقديم تقرير سريع إلى المجلس عند ظهور “خطر مجاعة ناجم عن الصراع وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع”.
عدد الجوعى هذا العام قد يصل إلى 270 مليون شخص
وفي كلمته قال السيد لوكوك إن العالم أصبح أفضل بكثير في منع وقوع المجاعة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. وأوضح أنه “قبل جائحة كوفيد-19، التي قد تعكس للأسف المكاسب السابقة، وصلنا إلى النقطة التي كان فيها خطر المجاعات محصوراً في أماكن الصراع.”
يحظر القانون الدولي الإنساني التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وكذلك تدمير الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة. غير أن الكثيرين لا يلتزمون بالقانون–مارك لوكوك
وذكر أن ذلك هو أحد أسباب أهمية القرار 2417 الذي يقر صراحة بالصلات بين النزاع المسلح وانعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة.
ووفقا لتقرير الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية لعام 2019، واجه 135 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد قبل جائحة كوفيد-19.
والآن، من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الحاد هذا العام ليصل إلى 270 مليون شخص.
“يمكننا الآن أن نرى أن جائحة كوفيد-19 تفاقم الجوع بكثير”، خلص لوكوك.
التجويع كأسلوب حرب
وذكر مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية أن القانون الدولي الإنساني هو خط دفاع مهم ضد انعدام الأمن الغذائي في حالات النزاع، مشيرا إلى أنه “يحظر التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وكذلك تدمير الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة”.
غير أن المشكلة هي أن “الكثيرين لا يلتزمون بالقانون”، بحسب لوكوك الذي أكد أنه “يتعين على الأطراف السماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيلها وحماية العاملين في مجال المساعدة وأصولها.”
فقراء الحضر والعمال غير الرسميين والمجتمعات الرعوية
من جانبه أوضح المدير العام للفاو شو دونيو أن هناك العديد من الحالات التي يؤدي فيها الصراع وعدم الاستقرار، اللذان تفاقمهما الآن جائحة كوفيد-19، إلى مزيد من الجوع الخطير وانعدام الأمن الغذائي الحاد.
وقال إن ذلك يتجلى بشكل خاص في المناطق التي تشهد نزاعات وعوامل أخرى مثل الاضطرابات الاقتصادية والطقس القاسي يدفعون الناس بالفعل إلى الفقر والجوع.
وأضاف: “في جميع أنحاء العالم، تشمل الفئات الأكثر تضررا فقراء الحضر والعمال غير الرسميين والمجتمعات الرعوية وكذلك الأشخاص المعرضين أصلا للخطر بشكل خاص – مثل الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى وذوي الإعاقة.”
إنتاج محلي وإرادة سياسية
وتعد هذه المرة الثانية هذا العام التي يتحدث فيها المدير العام للفاو أمام مجلس الأمن بشأن حالات الصراع الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي، حيث كان قد خاطب الهيئة المؤلفة من خمسة عشر عضوا، جنبا إلى جنب مع السيد لوكوك وبيزلي، في شهر نيسان/أبريل الماضي حول حالات الصراع الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي.
وأكد أمام مجلس الأمن: “نحتاج إلى مساعدات أولية وسريعة لوقف الجوع، نحتاج إلى الوقاية والإنتاج محليا، نحتاج إلى إرادة سياسية ونحتاج إلى إجراءات جماعية، حيث تستمر توقعات الأمن الغذائي في عام 2020 في التدهور”.
وتساعد المساعدات الإنسانية على تجنب انعدام الأمن الغذائي. والعاملون في المجال الإنساني ملتزمون بالبقاء وإنجاز مهامهم. لكنهم يواجهون مخاطر غير مقبولة. هذا العام تعرض أكثر من 200 عامل في المجال الإنساني للهجوم. تواجه العمليات الإنسانية هجمات متكررة وأشكال أخرى من العراقيل أمام الحركة والوصول.
اليمنيون سيخسرون حصص الإعاشة بحلول ديسمبر
أما المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، فقال “إن أزمات الجوع العالمية الناجمة عن الصراع والتي تفاقمت الآن بسبب فيروس كورونا تنتقل إلى مرحلة جديدة وخطيرة، خاصة في الدول التي تعاني بالفعل من العنف”.
ومن بين الدول التي تحدث عنها بيزلي، اليمن الذي يعاني من أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وأسوأ كارثة بشرية.
وقال رئيس برنامج الأغذية العالمي إن كوفيد-19 فاقم سنوات من الجوع الناجم عن الصراع.
ويعاني 20 مليون يمني بالفعل من أزمة بسبب الحرب، والاقتصاد المنهار، وانخفاض قيمة العملة، وشل أسعار المواد الغذائية، وتدمير البنية التحتية العامة. يقدر البرنامج أن 3 ملايين آخرين قد يواجهون الجوع الآن بسبب الفيروس.
أوضح بيزلي أنه بسبب نقص التمويل، يتلقى 8.5 مليون مستفيد في اليمن المساعدة الآن كل شهرين فقط. وحذر من أن البرنامج “سيضطر إلى قطع حصص الإعاشة عن الـ 4.5 مليون المتبقية بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر إذا لم يرتفع التمويل. يمكنكم فقط تخيل التأثير الذي سيكون على الشعب اليمني.”
قال بيزلي: “خطر المجاعة يلوح في الأفق مرة أخرى، لذا علينا أن نصعد العمل وألا نتراجع، وبصراحة تامة سيكون عام 2021 عام نجاح أو فشل (عاما حاسما).”