سوق الخميس بصنعاء.. بوابة للاكتفاء الذاتي
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تعيشها الأسر اليمنية جراء استمرار العدوان للعام السادس على التوالي الا أن هناك من الأسر وتحديدا النساء من استطعن تحويل تلك الصعاب الى فرص للنجاح والانتاج بمساهمة منظمات محلية ودولية ومبادرات مجتمعية وبحسب احصائيات دولية فإن كثيرا من الأسر اليمنية أصبحت أسرا منتجة رغم قساوة الحرب , اليمنيون اصبحوا قادرين على الإبداع في هذه الظروف الصعبة ومن هؤلاء النساء اللاتي أقامت مؤخرا معرض دائم لعرض منتجاتهم الإبداعية في الخياطة وصناعة البخور والعطور والإكسسوار وغيرها من المنتجات المختلفة في كثير من مجالات الحياة في سوق الخميس بصنعاء حيث وجدت الأسر المنتجة في سوق الخميس الكائن في ميدان التحرير متنفسا لعرض منتجاتها حيث يشهد المعرض إقبالا كبيرا وغير متوقع من جميع فئات المجتمع وان هذه الجهود تم تنظيمها بواسطة مؤسسة بنيان التنموية للأسر المنتجة بأمانة العاصمة «ملحق الأسرة» زار المعرض وخرج بالحصيلة الآتية:
زهور عبدالله
تعتبر الحرف اليدوية والصناعات التقليدية المعتمدة في صناعتها على الأيدي باستخدام الأدوات البسيطة من أبرز ما قامت به المرأة اليمنية للتغلب على الظروف المعيشية الصعبة والدخول إلى سوق العمل بما تصنع يديها من إبداع وذوق جمالي وعراقة وفرادة حيث دفعت الحرب النساء وخاصة النازحات لاكتساب مهن جديدة ومختلفة كصناعة العطور والبخور والحلويات والمشغولات اليدوية التي تميزت بأصالتها وجودتها.
دعم وتشجيع
اسرار الملحاني إحدى صانعات الحلوى قالت: ان سوق الخميس وفر لها تسويق منتجها حيث أنها تعمل في صناعة الحلويات منذ أربع سنوات لكنها لم تكن تستطيع التسويق والبيع الا بكميات محدودة وقليلة جدا وان عرض الحلويات في هذا السوق وفر لها الكثير من العناء ويهدف إقامة السوق الى الترويج والتسويق وبيع منتجات وصناعات الأسر المنتجة كل يوم خميس من كل أسبوع.
وتقول سارة محمد الشميري احدى الزائرات لسوق الخميس: إن فكرة مشروع إنشاء هذا السوق تمثل دعما رئيسيا للمرأة اليمنية التي حاولت خلال الأعوام الماضية الدخول إلى سوق العمل والانتاج لكنها توقفت بسبب عائق التسويق وعرض المنتجات
وترى سارة أن أسعار وجودة المنتجات ممتازة وتحتوي على العديد من البضائع المحلية المتنوعة وعلى مشغولات من الحرف اليدوية ومنتجات مختلفة مثل أردية النساء وفساتين البنات وشنط وأحذية وأساور ومقابض الشعر إضافة الى البخور والتحف والهدايا وغيرها من المنتجات الحرفية المتميزة ويحتوي على العديد من الأقسام الجميلة والمتنوعة .
منفذ بيعي هام
وتقول احدى بائعات الزيوت والأعشاب الطبيعية بسوق الخميس إنها تقوم ببيع كل الزيوت اليمنية الطبيعية مثل زيت السمسم وزيت الشذاب وغيرها من الزيوت الطبيعية التي لها العديد من الفوائد لعلاج بعض الأمراض مثل ألم الركبتين وآلام المفاصل.
وتضيف: إنها حاصلة على دبلوم دراسة النباتات العطرية وفوائدهن في جامعة القاهرة وأنها تقوم بخلط الأعشاب الطبيعية للتجميل أو العلاج وأنها وجدت في سوق الخميس مكانا لعرض وبيع منتجاتها الطبيعية .
وتؤكد بأن ثوره 21سبتمر أتت لجعل المرأة اليمنية تبرز بأنشطتها المختلفة.
الأسر المنتجة
ويؤكد المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية الدكتور محمد حسن المداني على أهمية سوق الخميس الذي يعتبر منفذ بيع هاماً للأسر المنتجة يقام كل يوم خميس على مدار العام.
وأشار الى أن المؤسسة تسعى الى تحفيز إنتاج الأسر وتحويل مخرجات المزارعين الى مواد مصنعة عبر الأسر المنتجة بهدف تحسين سبل العيش لهذه الأسر ووصولا الى تحقيق اكتفاء ذاتي من المنتجات المحلية وحث الأسر المنتجة على الاهتمام والحرص على عنصر الجودة لضمان منافسة منتجاتهم للمنتجات المستوردة..
مبينا أن السوق يعتبر إحدى وسائل الصمود والتحدي في وجه العدوان لإرسال رسالة للعدوان بأن الشعب اليمني قادر على أن يصنع تنمية ذاتية محلية.
أهمية السوق
وبحسب المشاهد من زيارتنا يحتوي سوق الخميس على عدة اقسام تشمل الملابس والاكسسوارات والحلويات والمعجنات ، المنظفات و الصابون والبخور و العطور، إضافة الى قسم خاص بمنتجات نزيلات الاصلاحية المركزية بالأمانة “السجن المركزي” .
ويقول مدير إدارة التخطيط بمؤسسة بنيان عبدالكريم الديلمي إن هذه السوق ستغطي الكثير من احتياجات المواطنين وأن أهمية هذه السوق يكمن في دعم المنتجات المحلية للأسر اليمنية .
مؤكدا على ضرورة دعم نزيلات الإصلاحية المركزية بكل ما تحتاجه في عملية التصنيع لمنتجاتهن ..
ويشير اقتصاديون الى أهمية دعم مثل هذه المشاريع وتشجيع المنتجات المحلية والأشغال الحرفية المعتمدة على الخامات المحلية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من هذه المنتجات وإلى أهمية دور المنتجات المحلية في إيجاد فرص عمل ودعم الاقتصاد الوطني وبما يعود بالفائدة على الأسر المنتجة.
وان محتويات سوق الخميس للأسر المنتجة، من الأشغال الحرفية واليدوية والملابس والإكسسوارات وصناعة البخور والعطور والمعجنات والحلويات، وأدوات النظافة والتجميل، دليل على أن أبناء اليمن قادرون على الارتقاء بالمنتجات والصناعات المحلية
مشيرين الى اهمية دعم المشاريع التنموية وكذا العمل في إيجاد فرص التدريب والتمكين الاقتصادي وتنمية المهارات وحماية هذه الحرفية من الاندثار وتشجيع الانتاج المحلي خصوصاً في المرحلة الراهنة التي تشهد تطوراً في الصناعات المحلية.
فيما أشارت ضابط مشروع سوق الخميس أروى الضياني إلى أهمية دور المرأة في تعزيز الصمود في مواجهة العدوان من خلال إعداد أجيال متسلحة بالوعي.
وأكدت أن المرأة اليمنية كان لها بصمة واضحة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من الجوانب .. مشيرة إلى أن الظروف الراهنة تستدعي من المرأة الاتجاه نحو الإنتاج المحلي في شتى المجالات .
وأوضحت أن سوق الخميس يشارك فيه أكثر من 50 أسرة تعرض منتجاتها من المعجنات والحلويات والمنظفات والإكسسوارات والبخور والعطور والملابس والأزياء التقليدية والأشغال اليدوية والحرفية وأن دعم وتشجيع الأسر المنتجة يعتبر من أهم المشاريع الخدمية الناجحة ويمثل فرصة لإبراز الصناعات اليدوية.
ويؤكد حمزة الكبسي مدير العلاقات بمؤسسة بنيان التنموية الراعية لفكرة المعرض الدائم للأسر المنتجة أن هذا المعرض خصص لعرض منتجات الأسر المنتجة بكافة أصنافها وأشكالها حيث تعرض فيه أسر الشهداء والأسرى والمفقودين والنازحين والأسر الفقيرة كل ما تنتجه لتجد لنفسها مصدر دخل عبر إنتاج منتجات محلية ذات جودة عالية.
ويقول الباحثون والمختصون في حماية التراث اليمني بأن بقاء معظم هذه الصناعات القديمة متداولة وعلى نطاق واسع في المجتمع اليمني بإمكانه أن يؤسس لمجتمع صناعي حديث ومتطور من شأنه النهوض بالبلد ويوضح الباحثون المختصون في مجال الموروث التقليدي بأن هذا الإرث التاريخي الكبير لا يحتاج الا لشيء من الاهتمام والتشجيع والتبني الرسمي الجاد ليكون نواة لمستقبل أكثر إشراقا.
ويضيفون بأن الصناعات التقليدية المتوارثة منذ القدم ومنها (صناعة الحلي والمجوهرات والفضة التقليدية والمنسوجات اليدوية والمصنوعات الجلدية والأواني الفخارية والحجرية وصناعة الجنابي والدمى والقمريات) وغيرها يمكن أن تشكل في المستقبل موردا مهما للدخل القومي ويشدد المختصون على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتنمية وتطوير هذه الصناعات القديمة ودعم كل مشاريع الشباب من خلال فتح مراكز لتدريب الراغبين للعمل في هذه الصناعات والمهن ووضع ضوابط قانونية تحد من زيادة الاستيراد وما يسببه ذلك من آثار اقتصادية سلبية تهدد مصير الصناعة والحرف التقليدية في البلد.