” الحسن” رهين المستشفى والوالدين .. لعدم إمتلاكه 263 الف ريال؟!

بين العِبرة والعًبرَة، سقط “الحسن بن علي” ذو العمر الحادي عشرة عامًا، تحت دراجة نارية كادت أن تواري حياته إلى ما وراى الحياة،فبحجم منفعة الدراجات النارية اليوم، إلا أن ضررها أفدح بكثيرٍ من نفعها، فلا أشد خطورة من خطورتها، ولا أيسر من سرعتها وخدمتها، حتى عند الهروب بعد الحادثة.

وفي قسم العظام من الطابق الثالث بمستشفى الشرطة بالعاصمة صنعاء، كان الطفل الحسن يصارع ألم رجله المكسورة، أما والد “الحسن” فقد باع كل ما يملك في سبيل علاج طفله، ولم يتبقى من تكاليف العلاج سوى 263 الف ريال، فذهب الأب ولم يعد بذلك المبلغ، فاضطرت إدارة مستشفى الشرطة إلى حجزه حتى يتم تسديد المبلغ.

الحسن أصبح حائراً في غرفة الحجز المظلمة تلك، ألم يضاف إلى ألم آخر، عند الحديث معه سبقته بالجواب دموع البراءة يقول ” ابي باع كل ما يملك، لا نستطيع تسديد هذا المبلغ” ويلوح بأصابعه الصغيرة “سادفع لهم المبلغ بعد خروجي من المستشفى، سأعمل في أي عمل حتى اقدر ارد لهم المبلغ”

 

الصدمة بعد الصدمة

وبعد الجلوس معه يقول الحسن : “كُنتُ في يوم عيد الأضحى المبارك، كغيري من الأطفال الذين يلهثون فرحًا ومرحًا بين الألعاب النارية ، في قبيلتي الحيمة بالعاصمة صنعاء، وأنا على ذلك الحال تفاجاءت بدراجة نارية ( موتور) قادم أليا، حينها لم أفق إلا في المستشفى بعد غيبوبة طويلة.

يتابع حديثهُ وهو يتأوه من الحسرة قائلًا : “الي صدمني صاحب متر حرااف وأبي حراف والوضع صعب جدًا فقد باع والدي مسدسة الذي لا يملك في حياته غيرة ،خصوصًا بعد انقطاع الرواتب والأزمة الاقتصادية،ما جعل اصحاب المستشفى يحتجزوني لأكثر من شهرين لأني لم أوفيهم فلوسهم التي بقيت عليا وهي ٢٨٦الف ريال” .

وفي الزاوية الموحشة من غرفة المرضى كان هناك العديد من المكسرين والمجرين بقسم العظام يصحبوه من الألم والتعب، كُنا قد اصطحبنا الحسن وهو على سريرة إلى شُرفة المستشفى وهو يتمتم بصوتٍ ذو حشرجة تكاد أن تخلع المسامع فما الصادم أغنى وأيسر من المصدوم .

الفاجعـــــــة

أبي فقير لا يجد شيء ولا حتى ما يُعيل بهِ أمي وأخوني ، ولهذ لم يعد يزورني أو حتى يرسل إليا اي شيء ، لقد تركني ، لقد تركني – ويبكي – لأنهُ لا يملك شيء والعلاج بـ ٢٨٦ الف.

هكذا تركنا الحسن ، فبعد إنفقاق الأب كل ما يملك في سبيل علاج ابنه، وبعد وصول المبلغ المالي للعلاج إلى 286 الف ريال، قرر والد الطفل المغادرة و لم يعد قادراً على زيارة إبنه في المستشفى خوفاً من احتجازه وهو المعيل الوحيد للأسرة، فقررت إدارة المستشفى بإحتجاز الطفل منذ شهرين.

لا الوالدة ولا الوالد ولا العائلة كلا ولا القبيلة قادرة على أنقاذ هذ الطفل الذي لا حول لهُ ولا قوة ، فلم يعد الناس يمتلكون شيء في ظل أزمة أودت إلى قهر الرجولة لدى “أبو الحسن” ليتخذ البيت السجن الوحيد لدموعه التي تبكي الحجر والبشر، ووالدته التي لا تكاد ربما أن تفيق مرة بعد أخرى على فلذة كبدها الذي صار ضحية الأقدار ، كل هذا يقابل من إدارة مستشفى الشرطة بإحتجاز الطفل قسرًا وظلمًا فأين الرحمة وأين الشفقة.

كتبه/ عبد العزيز الشويع

قد يعجبك ايضا