مقومات تحقيق التنمية الزراعية في اليمن

 إعداد/ أحمد يحيى الديلمي

     إن اليمن بلدٌ غنيٌ بموارده الطبيعية، وبلدٌ زراعي تتوفر له كل المقومات، والإمكانيات، التي تجعل منه سلة غذاء واعدة، ليس لليمن فحسب، بل ولغير اليمن أيضاً، غير أنه تحول إلى بلدٍ مُستوردٍ للغذاء لسد حاجاته من السلع الضرورية، حيث أهُملت الأراضي الزراعية، ولم يتم إعطاء الزراعة ذلك القدر الكافي من الاهتمام في ظلِّ انتشار زراعة القات، ناهيك عن اتساع نطاق الهجرة من الأرياف إلى المدن، فلم يعد الإنتاج الزراعي قادراً على سد احتياجات المواطنين من الغذاء، في ظلِّ الاعتماد الكبير على الاستيراد.

        وفي هذا السياق، يُشير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى توافر المقومات الأساسية في اليمن، والتي تُمكنه من تحقيق التنمية الزراعية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، لاسيَّما وأن اليمن يمتلك كامل المؤهلات الطبيعية للإنتاج الزراعي، وبما يؤهله لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الغذائية، ومرّد ذلك الأراضي الشاسعة، والصالحة للزراعة، والتي بمقدورها إنتاج كل الحاجات من الغذاء، وتحديداً الحبوب، حيث يقول: “في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة، ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها؟ واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن “.

      وفي هذا الصدد، يُؤكِّد السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي بالقول:  “في بلدِنا اليمن، في إجراءاتٍ أو في مُسوحاتٍ ودراساتٍ سابقةٍ وصلتْ إلى نتيجة أنَّ محافظةَ الجوف ومحافظةَ مأرب ومحافظةَ حضرموت كافيةٌ في توفيرِ ما نحتاجُه من قَمح، دع عنك بقيةَ المحافظات، كلُ المحافظاتِ الجبليةُ صالحةٌ للزراعةِ لمختلف المُنتجاتِ والمحاصيل الزراعية، “تهامة” كذلك تُعتبر سلَّةً غذائيةً لليمن، وذاتَ قدرةٍ كبيرةٍ جداً على إنتاجِ مختلفِ المحاصيل الزراعيةِ المهمة“.

     ويُضيف بالقول: “من المهم أن يحرصَ الناسُ على الحفاظ على المناطق الصالحة للزراعة، تبقى للزراعة، بعض المناطق مثل الحقل في عَمران حقل البَون، مثل مناطق أخرى، الحقل في ذمار، الحقل في صعدة، مناطق خصبة جداً للزراعة…”.

     وفي سياق ذلك، ينبغي تشجيع إجراء الدراسات، والبحوث، التي يُمكن الاستفادة منها، في توسيع زراعة، وإنتاج القمح، والحبوب، وحثّ الجامعات، والمعاهد المُتخصصة، على تبني إجراء هذه الدراسات والبحوث، بحيث يتضمن ذلك، دراسة دقيقة للمناطق التي يُمكن زراعة القمح فيها بكمياتٍ كبيرة، كمحافظات (الجوف، مأرب، وحضرموت)، وغيرها من المناطق في السهول، والوديان، والمرتفعات، في اليمن.

      ووفقاً لدراسةٍ غير منشورةٍ حول الجدوى الفنية (الاستراتيجية –الاقتصادية) لإنتاج القمح، نفذتها وزارة الزراعة عام 2016م، تُعتبر المنطقة الشرقية، والمُرتفعات الجبلية (الشمالية والوسطى) أهم المناطق الواعدة لزراعة القمح في اليمن، وتتمتع المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، وتشمل محافظات (مأرب، وحضرموت، والجوف) بمزايا فريد عن سواها من المناطق اليمنية، مثل وفرة المياه الجوفية، وقابلية إدخال الميكنة في العمليات الزراعية، ممَّا يؤهلها لزيادة إنتاج القمح بعوائد مُجزية إلى (114.000 طن)، أي بأكثر من ضعف مستواه الحالي (107.7 %)، وذلك من دون تغير كبير في المساحة المزروعة.

 وبالتوازي، تتميز بعض مناطق المرتفعات الجبلية، مثل محافظات (إب، ذمار، البيضاء، المحويت)، بتوفر مصادر المياه الجوفية للري، والأمطار الغزيرة في هذه المناطق مثل إب، وتنوع طبوغرافية الأراضي بين قيعان واسعة، ومُدرجات جبلية، إضافة إلى قابلية إنتاج القمح في موسمي الشتاء، والصيف، وتمتعها بإنتاجية عالية يُمكن أن تبلغ (5) طن للهكتار، ويوجد فرصة غير مُستغلة لزيادة إنتاج القمح في المرتفعات الجبلية بحوالي (122.3%) عن مستواه الحالي، بالتزامن مع زيادة المساحة المزروعة بحوالي (27.6 %).

     وإجمالاً، فإنه في حال تطبيق الحزمة المتكاملة لتقنيات الإنتاج الحديثة، يوجد فرصة كامنة (غير مُستغلة) لزيادة انتاج القمح في المناطق الواعدة (المناطق الشرقية والمرتفعات الجبلية) بمعدل (118.2%) عن مستواه الحالي، أو بكمية اضافية قدرت بحوالي (228.559 طن)، وهذا إن تحقق سيسهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في عموم البلاد، وستنخفض فاتورة الواردات، وعجز الميزان التجاري، فضلاً عن توفير كثير من فرص العمل، والدخل للأسر الزراعية.

      وفي سياقٍ متصل، يدحض الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي المزاعم القائلة إن معظم أراضي اليمن جبلية وتؤثر على التنمية الزراعية، حيث يقول: “هذه مناطق جبلية، أراضي محدودة، لو تأتي لتلصقها بعضها لبعض لما ساوت منطقة صغيرة في بلاد تهامة، أو في حضرموت، أو في مأرب، أو في الجوف…”، ليتساءل بعد ذلك بالقولِ: “لماذا لا تزرع تلك الأراضي؟“.

 وتتسم الزراعة في اليمن بالتنوع، وذلك نظراً لما تتمتع به من تفاوت الخصائص المناخية الناتجة عن تفاوت معدلات الأمطار، ودرجات الحرارة، والرطوبة، واختلاف الظروف الطبوغرافية، ممَّا أدى إلى اختلاف الأقاليم النباتية، والذي ساعد على تنوع الإنتاج الزراعي.

ويحتاج تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء إلى تطبيق تنمية زراعية أفقية، والتي تتمثل في الاستفادة من الأراضي الزراعية غير المُستغلة، والصالحة للزراعة، وزيادة المساحة المزروعة، من خلال إضافة الأراضي التي يُمكن استصلاحها، والتي تدهورت نتيجة لأسبابٍ مُتعددة، فضلاً عن ترشيد استهلاك المياه لأغراض الري، بالإضافة إلى تطبيق التنمية الرأسية الزراعية، والمُتمثلة في استخدام الفنون الزراعية المتطورة، والحديثة.

 ولكون القمح سلعةً استراتيجيةً، ترتبط بأمن الوطن، واستقلال القرار الوطني؛ فإن ذلك يستوجب التعاطي مع الفجوة الغذائية في القمح من منظور استراتيجي واسع على المدى القصير، والمتوسط، والبعيد، يركز ليس فقط على التوسع الرأسي في زيادة الإنتاجية، ولكن أيضاً التوسع الأفقي في المساحة المزروعة، مع تقليص إنتاج واستهلاك القات الذي يستهلك حوالي (30%) من المياه المُستخدمة في الزراعة، وتتمدد زراعته كل عام على حساب المحاصيل الأخرى، وإعادة توجيه برامج مساعدات المنظمات الدولية بما يراعي دعم وتحفيز المزارع اليمني، ويضمن تنشيط دوره الإنتاجي، وتعزيز مناعته ضد الأزمات، وتحويله من مُستهلكٍ للمساعدات الغذائية إلى مُنتِجٍ للمحاصيل الضرورية.

 وفي سبيل ذلك، لابُدّ من اتخاذ سياسة تنموية، واقتصادية، واضحة المعالم والخطوات، مع الأخذ في الحسبان أن هناك مناطق تحتوي على الأراضي الزراعية التي تحقق الاكتفاء الذاتي بشكل تلقائي، في حالة الاستغلال الأمثل لها.

 ويُبيِّنُ السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن اليمن بلد زراعي بما تعنيه الكلمة، وأن المحاصيل الزراعية من أحسن المحاصيل في العالم، حيث يقول: “الاستيراد هو المعتمد كل الفترة الماضية، والإنتاج يكاد يكون في نقطة الصفر، مع أننا بلد يمتلك كل المقومات المهمة، بلد زراعي بما تعنيه الكلمة، ومحاصيلنا الزراعية من أحسن المحاصيل في كل العالم، والمزارعون يعانون في كل الفترات الماضية“.

     ويُضيف بالقول: “مع أن لدينا الفرص على المستوى الزراعي على المستوى التجاري، لدينا الكثير من الثروات، شعب كثير العدد، كل الفرص موجودة…”.

     وذكرت دراسة علمية حديثة، أعدها الباحث اليمني محمد سالم المصلي، أن القمح اليمني بمواصفاته، وجودته يعد من أجود أنواع القمح العالمي، وبينت الدراسة أن أصناف القمح اليمني، والتي تميل إلى اللونين الأبيض، والأحمر الفاتح، لها ميزة عالمية، كون وزن كل ألف حبة منها، تتراوح ما بين (34-50 جرام)، وهي ميزة عالمية؛ لأن الأوزان القياسية لهذه الأنواع من القمح، والمعروف بالقمح الصلب يتراوح اوزانها ما بين (20-32 جرام).

وأوضحت الدراسة، أن اليمن تتمتع بخصوبةٍ واسعهٍ لزراعةِ القمح، وخاصة في سيئون، ووادي حضرموت، وذمار، والحديدة، وصنعاء، وشبوة، وأن القمح اليمني يضاهي القمح الإيطالي، والاسترالي، والأمريكي، والفرنسي، من حيث توفر البروتين لقمح السنابل.

وفي سياق حديثه بأن الاستيراد هو المعتمد في الفترة الماضية، وأن الإنتاج يكاد يكون في نقطة الصفر، يُؤكِّد السيد القائد أن اليمن بلدٌ يمتلكُ كل المقومات المهمة، وبلدٌ زراعي بما تعنيه الكلمة، ولديه قوة عامة كثير العدد.

  وبالرغم ممَّا تمتلكه اليمن من مقوماتٍ اقتصاديةٍ وإنتاجيةٍ كبيرة، إلاَّ أن الأرقام والنسب عن حجم الغذاء القادم من الخارج مُهولة تصل إلى أكثر من (80%) من الغذاء يتم استيراده من الخارج، وبمبالغ تصل إلى مئات المليارات كل عام، الأمر الذي يحتم على الجميع الاتجاه نحو الاعتماد على الذات، والرجوع الى زراعة الأراضي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، لاسيَّما مع استمرار العدوان، والحصار الاقتصادي الشامل، الذي يجب تحويله إلى فرصة، لإنعاش القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها التوجه نحو إنعاش الزراعة في مجال الحبوب، التي تعد أهم سلعة غذائية يحتاجها جميع سكان اليمن دون استثناء، خاصة وأن اليمن يمتلك مقومات زراعية، وبشرية كبيرة، ومتوفرة في مجال الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.

     إن الحقيقة التي يجب أن يعرفها كافة أبناء الشعب اليمني، هي أن يعودوا إلى جذورهم، في الاهتمام بالزراعة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال إنتاج حاجة اليمن من الحبوب، من خيرات أرضه الطيبة، فلا يزال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يؤكد في أكثر من خطاب، ومناسبة، على ضرورة التوجه الجاد نحو الزراعة، والإنتاج المحلي من الغذاء، لتقليل الاستيراد الخارجي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، لاسيَّما في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اليمني جراء العدوان، والحصار الاقتصادي.

قد يعجبك ايضا