صراع مابين الحياة والموت ضد الكوليرا في اليمن
يواصل مرض الكوليرا الانتشار في اليمن متسببا في أكثر من 390000 حالة مرضية مشتبه فيها، وأكثر من 1800 حالة وفاة منذ 27 نيسان/أبريل.
وتستجيب منظمة الصحة العالمية وشركاؤها لفاشية الكوليرا في اليمن، حيث تعمل عن كثب مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والسلطات الصحية المحلية وغيرها لعلاج المرضى ووقف انتشار المرض.
وتمثل كل حالة من الحالات المصابة بالكوليرا شخصاً له أسرة وقصة وآمالٌ وأحلام. ويقضي العاملون الصحيون ساعات طويلة في المراكز التي يُعالَج فيها المرضى بلا أجر في أغلب الأحيان لمصارعة الموت ومساعدة مرضاهم على الشفاء التام.
فاطمة شوعي جالسة بين أمها التي تبلغ من العمر 85 عاماً وابنتها التي تبلغ من العمر 22 عاماً وتتلقيان معاً علاجاً من الكوليرا بمستشفى 22 مايو في صنعاء.
تقول فاطمة: “لا نملك حتى ثمن المواصلات إلى المستشفى. وزوجي عامل نظافة في الشارع، لكنه لم يتقاضَ راتبه منذ ثمانية أشهر، وهو عائلنا الوحيد.” وتضيف قائلة: “أخشى أن ينتقل المرض إلى أفراد الأسرة الآخرين.
الدكتور عادل العلماني رئيس مركز علاج الإسهال في مستشفى السبعين بصنعاء. ويعمل هو وفريقه 18 ساعةً في اليوم في أغلب الأحيان كي يتمكنوا من مواجهة تدفق المرضى.
ولم يحصل أكثر من 30000 عامل صحي يمني على أجورهم منذ أكثر من 10 أشهر. لكن الكثير منهم -مثل الدكتور عادل العلماني- يواصل علاج المرضى وإنقاذ الأرواح.
تغلَّب محمد -الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات- على الكوليرا بعد 3 أيام من العلاج في مركز علاج الإسهال في مستشفى السبعين بصنعاء. وقد فَقدَ محمد أمه وشقيقته عندما انفجرت قنبلة بالقرب من منزلهم في حجة. ومن حينها، فر هو ووالده إلى صنعاء.
يقول والد محمد: “محمد هو كل ما أملكه في هذه الحياة بعد وفاة زوجتي وابنتي. عندما أُصيب بعدوى الكوليرا، شعرتُ بقلق بالغ من أن يلقى مصير أمه وشقيقته.”
عاملة صحية تقدم الرعاية لخديجة عبد الكريم البالغة من العمر 20 عاماً. وقد اضطرت خديجة إلى الفرار من النزاع الدائر في مديرية الوازعية في تعز. وهي تكافح لتغطي نفقاتها بعد نزوحها من بيتها، وهو وضعٌ أدى مرضها إلى تفاقمه.
لقد كانت رحلة طويلة ومؤلمة لعبده النحمي، البالغ من العمر 53 عاماً، بحثاً عن علاج. كان الطريق الممتد من قريته في مديرية بني مطر إلى مدينة صنعاء وعراً، وقد تعطلت السيارة مراراً طوال الطريق. وكان يعاني طوال الوقت من آلام في كُليته، إضافةً إلى الإسهال والقيء الحادينِ.
يقول عبده: “لا يوجد مركز صحي في منطقتنا. وعلينا أن نقضي من ساعتين إلى ثلاث ساعات للوصول إلى مركز صحي مناسب في صنعاء.”
وقد دعمت حتى الآن منظمة الصحة العالمية واليونيسف والشركاء توفير 3000 سرير في 187 مركزاً لعلاج الإسهال و834 زاوية لتعويض السوائل عن طريق الفم تعمل بكامل طاقتها.
تعمل نبيلة وفاطمة وأمل وحياة وهند ممرضات في مركز أزال الصحي في صنعاء، وقد كرسن حياتهن لعلاج من يصل إلى المركز من المرضى المصابين بالجفاف الشديد.
تقول نبيلة العولفي، إحدى الممرضات العاملات في المركز: “نتلقى يوميًّا حالات خطيرة ومعقدة تأتي إلى المركز للعلاج، ولكننا ننجح في إنقاذ حياة العديد منهم. وأحياناً تصل حالة خطيرة ونحن مشغولون بعلاج أخرى.”
“نعم، لا نحصل -نحن الممرضات- على رواتب منتظمة، لكن إنقاذ الأرواح أكبر مكسب لنا.”
وتقدم منظمة الصحة العالمية، مع اليونيسف، أيضاً مستلزمات طبية وتدفع الحوافز وتكاليف السفر والأجور مقابل ساعات العمل الإضافي للعاملين الصحيين لتمكينهم من علاج المرضى.