اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي يخفضان المساعدات لليمنيين إلى 50 % بحجة نقص التمويل
في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة لمزيد من المساعدات الدولية لليمن المنكوب جراء العدوان الغاشم عليه والحصار الجائر منذ أكثر من خمس سنوات من قبل تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، ناهيك عن جائحة فيروس كورونا وما خلفه من تداعيات كارثية إضافية على مختلف المستويات الحياتية في البلاد ،…أقدمت العديد المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة على تخفيض المساعدات الإنسانية لليمن بصورة غير مسبوقة ، رغم وصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه «أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض»، وأن الملايين من اليمنيين يقتربون من الموت جوعا..
الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها هذه المنظمات وعلى رأسها اليونسيف وبرنامج الغذاء العالمي ، والصحة العالمية ، وغيرها ستسهم بشكل كبير في زيادة المعاناة الإنسانية لدى السواد الأعظم من اليمنيين الذين يرزحون تحت خط الفقر جراء العدوان والحصار الظالم من قبل تحالف دول العدوان ، ويرى مراقبون أن استمرار قطع أو تخفيض المساعدات الإنسانية عن اليمن في ظل استمرار الحرب الغاشمة ، يهدد الملايين من اليمنيين وخصوصا الأطفال والنساء بالموت جوعا ، وهو ما يعني تجرد الأمم المتحدة ومنظماتها من مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية ، تجاه 30 مليون يمني يواجه أقذر وأسوأ عدوان وأقسى حصار شهده العالم.
توالت المنظمات الدولية تباعا في تخفيض مساعداتها لليمن بحجة تقليص حجم الدعم من قبل المانحين ،في وقت يتطلب المزيد من الدعم والمساعدات من قبل هذه المنظمات وخصوصا مع تفشي جائحة فيروس كورونا ، وأطباق الحصار على اليمنيين بشكل كامل من قبل تحالف العدوان.
أواخر شهر يونيو الماضي أعلنت منظمة اليونسيف عن تخفيض دعمها لمرافق المياه والكهرباء والإصحاح البيئي بنسبة خمسين في المائة في جانب الوقود «الديزل» بدءا من الأول من يوليو الجاري ، بالإضافة إلى تقليص فرق الاستجابة السريعة من 750 فريق عمل إلى 300 فريق عمل.
وعللت اليونسيف هذا الإجراء بالعجز القائم في التمويل من قبل مؤتمر تعهدات المانحين والذي لم يرق إلى ما هو مطلوب لدعم إيصال المساعدات الإنسانية إلى أطفال اليمن ، وأنها أصبحت تواجه الكثير من التحديات نتيجة قلة التمويل.
ولفتت في مذكرة بعثتها لوزيري المياه والبيئة والكهرباء والطاقة إلى عدم رغبة المانحين في تمويل الوقود.
وكان برنامج الغذاء العالمي هو الأخر قرر تخفيض المساعدات الإنسانية المقدمة للمستفيدين في صنعاء وإب وتعز وحجة والمحويت وصعدة والبيضاء والجوف والحديدة وريمة إلى النصف، بدءا من منتصف أبريل الماضي بحيث ستسلم المستفيدين المساعدات الإنسانية كل شهرين، بدلا من كل شهر ، فيما ظل الوضع على حاله في المناطق المحتلة بشكل شهري.معللا ذلك بوجود أزمة في التمويل.
وفيما يقدر خبراء اقتصاديون إجمالي المساعدات التي قدمت لليمن من قبل المانحين ومختلف دول العالم خلال الخمس السنوات الماضية، بأكثر من 25 مليار دولار» كمساعدات إنسانية وإغاثية ، يتساءل الكثيرون: أين ذهبت كل تلك الأموال ،وفيمَ وجهت ؟ ومدى استفادة اليمنيين منها ؟
وبحسب الخبراء والمراقبين فإن معظم تلك المساعدات ذهبت لصالح هذه المنظمات نفسها ،وجزء قليل منها ، وجه كمساعدات إغاثية لليمنيين ، والتي لا ترقى إلى 20 % من الاحتياجات الفعلية ، وفق أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية عبد المحسن طاووس.
ويؤكد المراقبون والمتابعون لهذه المنظمات وأنشطتها في اليمن أن التلاعب والفساد والعبث يستشري في أوساطها بشكل كبير ، حيث تذهب جل الأموال التي خصصت لليمن كمساعدات إنسانية ، إلى جيوب كبار المسؤولين والموظفين العاملين فيها بدءا من مقرها الرئيسي مرورا بمكاتبها الإقليمية وصولا إلى اليمن.
وكشف المراقبون عن أموال مهولة من العملة الصعبة تنفق داخل هذه المنظمات بشكل شهري كمرتبات وحوافز وتنقلات ومخاطر ، تتراوح بين (30-50) ألف دولار شهريا لكبار الموظفين فيها ، أي (360- 600) ألف دولار سنويا ،وقد يفوق الرقم ذلك بكثير ،وخصوصا ما يتعلق بالتنقلات وبدل المخاطر ، فيما يتقاضى صغار العاملون بين (5- 10 ) آلاف دولار شهريا في المتوسط. ما يعني أن مئات الملايين من الدولارات تذهب سنويا لصالح هذه المنظمات التي تمارس عملها بدون شفافية ، ولا تكشف عن تقاريرها المالية السنوية ، وهو ما يؤكد وفق المراقبين مستوى الفساد المستشري داخل هذه المنظمات ، ، فأي منها ، لم تصدر أي تقارير مالية تفصيلية بشأن مصير المبالغ التي تتسلمها على مواقعها الإلكترونية الرسمية، في ذات الوقت الذي تلتزم فروعها ومكاتبها في جميع دول العالم بنشر التقارير للرأي العام أولا بأول».
أوجه الفساد المتعددة للمنظمات
ولا يقتصر فساد هذه المنظمات وعبثها في الجانب المالي فقط ، فالكثير من المعونات والمساعدات التي تقدمها لليمنيين كأغذية تكون رديئة وغير مطابقة للمواصفات القياسية ، وبعضها تظل مخزنة في ظروف تحزين سيئة وتصبح غير صالحة للاستهلاك الآدمي ، ويتم صرفها لليمنيين ، وقد تم ضبط مئات بل آلاف الأطنان منها في مختلف المحافظات على مدى الخمس السنوات الماضية.
وتزايدت مؤخراً الانتقادات الموجهة للمنظمة الدولية ومؤسساتها من جهة وللولايات المتحدة من جهة ثانية بسبب ضغط الأخيرة على المنظمات الدولية تخفيض مساعداتها لليمن وهو القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كنوع من فرض العقوبات على سلطات صنعاء التي رفضت الخضوع لشروط واشنطن بشأن طبيعة تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق السكانية في اليمن وفق توجهاتها هي ، والتي تجلت بوضوح في وكالة التنمية الأمريكية التي تعمل تحت ستار إنساني ، باطنه جانب استخباراتي ، وعسكري ، وهو ما تكشف مؤخرا في البيضاء ، حيث عثرت قوات الجيش واللجان الشعبية على عدد كبير من الأسلحة في مديريتي ردمان وقانية عليها ختم وكالة التنمية الأمريكية.
وكان مجموعة من الناشطين اليمنيين أطلقوا العام الماضي حملة لتقصي مصير تلك المساعدات التي يقدمها المانحون لليمن عبر الأمم المتحدة ومنظماتها.
وتساءل القائمون على الحملة: لماذا لا تنعكس المساعدات على الواقع ولماذا لم يتحسن المستوى المعيشي لليمنيين ولم يتوقف انتشار الأوبئة ولماذا تتفشى المجاعة بشكل متزايد ؟ وماهي الأسباب التي تجعل هذه المنظمات تحجم عن إصدار أي تقارير عن ما تسلمته من أموال طوال سنوات العدوان.
وطالبوا في رسائل وجهوها لهذه المنظمات بنشر تقاريرها وفقا للقوانين والتشريعات المحلية والدولية التي تؤكد على حقوق المواطنين في الحصول على المعلومة».
وتعللت بعض هذه المنظمات وفقا لناشطي الحملة بسوء الوضع وظروف الحرب واتخذتها ذريعة للتستر على نشر التقارير، فيما أرجع البعض منها ذلك إلى وجود اتفاق مع المانحين بعدم نشر التقارير المتعلقة بالجانب المالي والإنفاق.