من مذبحة الصالة الكبرى إلى مجزرة وشحة وما بينهما.. حـــــتى لا تدخـــل جرائم التحالف عـــتمة النسيان ( تحليل )

بقلم – عبدالله علي صبري

 

مجددا يرتكب تحالف العدوان السعودي الأمريكي مجزرة بشعة ومروعة بحق النساء والأطفال المدنيين الآمنين في بيوتهم، حين أقدمت غارات طيرانه الجوي على استهداف منزل المواطن نايف مجلي في مديرية وشحة بمحافظة حجة، ما أدى إلى إبادة كل من في المنزل تقريبا من آل مجلي حيث قتل ثمانية منهم وأصيب البقية بجراح خطيرة.

 

وتأتي هذه الجريمة فيما المجتمع الدولي يلزم الصمت المريب، في تواطؤ مكشوف مع تحالف العدوان ومرتزقته الذين يتعاملون مع اليمن كأرض مستباحة، ما دامت تقاوم الهيمنة الأمريكية وترفض الخنوع والعودة إلى “بيت الطاعة” السعودي. وبرغم أن الحرب على اليمن لم تعد منسية كما كانت في بدايتها، إلا أن التغييب المتعمد للمذابح والمجازر التي يرتكبها التحالف في اليمن وعدم تعاطي المنظمات الدولية الحقوقية وما يسمى بالإعلام الحر معها على النحو المطلوب تنذر بانحراف خطير لا ينبغي تجاهله أو السكوت عليه.

 

سجل أسود وتهديد أحمق

 

قبل نحو أسبوعين وفي إطار تداعيات عملية توازن الردع الرابعة التي بددت الهدوء النسبي، وأعلنت عن مرحلة جديدة من التصعيد في مواجهة العدوان والحصار، ظهر الناطق باسم التحالف السعودي مهددا بقطع الأيدي التي تحاول استهداف مناطق في المملكة، زاعما أن “استهداف المنشآت المدنية خط أحمر ولن نسمح به”. ومع أن المالكي وأربابه يعرفون يقينا أن الضربات النوعية للقوة الصاروخية واليمنية والطيران المسير إنما تستهدف المنشآت العسكرية، في ضربات نظيفة تتوخى الدقة الكافية التي جنبت المدنيين في السعودية من آثارها طوال الفترة الماضية، إلا أن توظيف مصطلح ” المدنيين ” في تصريحات المالكي، كانت توحي بأن العدوان يتحضر لمجازر دموية جديدة بحق المدنيين في اليمن، وقد ترجمت هذه التهديدات في المذبحة الأخيرة بحق آل مجلي بمديرية وشحة.

 

على إن ارتكاب هذا النوع من الجرائم ليس جديدا، فقد تعمد التحالف استهداف المدنيين في اليمن منذ بدء العدوان على نحو ممنهج لأكثر من خمس سنوات، ورغم أنه حاول تصوير الضحايا وتقديمهم باعتبارهم ” مجاميع حوثية ” أو ” دروعا بشرية ” يستخدمها الحوثيون بزعمه، إلا أن دماء وأشلاء النساء والأطفال التي تناثرت على شاشات القنوات التلفزيونية، ومنصات التواصل الاجتماعي، قطعت حبل الكذب والتضليل، وأبانت عن نفسيات إجرامية تستمرئ القتل وسفك الدماء ما دامت بمنأى عن الرقيب والحسيب.

 

وقد بلغ العدوان ذروة توحشه حين أقدم في 20 إبريل 2015م، – أي بعد 25 يوما من بدء ما يمسى بعاصفة الحزم- على ارتكاب الجريمة المروعة بحق سكان حي عطان بالعاصمة صنعاء، مستخدما قنبلة فراغية محرمة دوليا، بهدف ترهيب اليمنيين ودفعهم إلى الاستسلام. ومن أجل امتصاص الضجة الدولية جراء هذه العملية غير المسبوقة في حروب المنطقة، أعلن التحالف في اليوم التالي عن انتهاء ” عاصفة الحزم “، التي زعم أنها حققت أهدافها العسكرية بنسبة نجاح عالية، والانتقال إلى مرحلة جيدة تحت مسمى ” إعادة الأمل “.

 

مع ذلك لم تمض سوى فترة قصيرة حتى ارتكب التحالف مذبحة مماثلة وللمرة الثانية في حي نقم بالعاصمة صنعاء، باستخدام قنبلة فراغية محرمة دوليا. ومن قبلها وبعدها ارتكب العدوان عشرات المجازر في صنعاء وصعدة وحجة والمخا، وفي إب والحديدة ومديريات ريف صنعاء، خلفت الآلاف من القتلى والجرحى، وبددت أمن مئات الأسر اليمنية، وفرضت على الآلاف منهم حياة التشرد والنزوح ، وألحقت باليمن ما بات يعرف بأكبر كارثة إنسانية في العالم، لكنها من صنع الإنسان ” المتوحش “، لا بفعل الطبيعة.

 

مجزرة الصالة الكبرى .. إلى أين ؟

 

في الثامن من أكتوبر 2016م، خرج العالم عن صمته وهو يندد بجريمة الصالة الكبرى في اليمن، التي خلفت مئات القتلى والجرحى، بسبب غارة جوية لتحالف العدوان استهدفت أكثر من ألفين شخص حضروا لتعزية آل الرويشان في وفاة أحد أقاربهم. وإذ وجدت السعودية نفسها أمام غضب عالمي، فقد اندفعت إلى تبني استراتيجية تضليلية مخادعة، بهدف التخفيف من وقع المذبحة الدامية، ومحاولة القفز على تداعياتها، بمساعدة من الإدارة الأمريكية التي تبنت استراتيجية موازية ومساعدة للجانب السعودي.

 

بدأت الرياض بإنكار الضلوع في الجريمة، ثم أوعزت إلى تنظيم داعش بتبني جريمة الصالة الكبرى، وفي المقابل أوعزت إلى إعلام المرتزقة في الداخل إلى تبني أخبار وإشاعات تزعم أن تفجير الصالة جاء في إطار تفاقم الخلاف بين أنصار الله وأنصار صالح. إلا أن حجم التنديد العالمي بالمجزرة، وامتلاك اليمن للأدلة الدامغة على ضلوع العدوان فيها…

قد يعجبك ايضا