قمة العمل الدولية: دعوة إلى التضامن العالمي من أجل إعادة بناء اقتصادات أكثر مرونة وشمولية واستدامة

يبحث المشاركون في قمة منظمة العمل الدولية التي تعقد افتراضيا بسبب كوفيد-19 طرق مواجهة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تخلفها جائحة كورونا على العاملين والأسر وأصحاب العمل والمنشآت.

ويشارك أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة ورؤساء عدد من المنظمات الأممية والوكالات الدولية في سلسلة من المناقشات العالمية الافتراضية من سويسرا حول “كوفيد-19 وعالم العمل”، تعقد على مدار ثلاثة أيام (7-9 تموز/يوليو)، وتعتبر هذه القمة الأوسع التي تجمع بين العمال وأرباب العمل والحكومات.

وفي رسالة مسجلة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ألا يمكن لأي دولة أن تحل هذه الأزمة وحدها. وتابع يقول: “نحن في هذا معا، إن الحلول متعددة الأطراف القوية والفعالة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى“، داعيا الدول إلى تشجيع آليات التضامن لضمان استفادة الدول النامية أيضا.

إما أن نربح على جميع الجبهات أو أن نفشل على جميع الجبهات — الأمين العام

ومنذ بداية الجائحة، دعت الأمم المتحدة إلى تقديم دعم عالمي لأكثر الناس والبلدان ضعفا – حزمة إنقاذ تصل إلى 10% على الأقل من الاقتصاد العالمي.

وتبحث القمة الافتراضية طائفة من القضايا، من بينها سبل تعزيز العمالة المنتجة والكاملة في هذه الظروف الجديدة، وما ينبغي القيام به لمعالجة مواطن الضعف الهائلة في عالم العمل التي كشفت عنها الجائحة، وشريحة العمال التي تحتاج إلى دعم خاص، وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يتحد مع هدف مشترك حقيقي ويعيد تكريس نفسه لتنفيذ خطة الأمم المتحدة لعام 2030.

من جانبه، أشار مدير عام منظمة العمل الدولية، غاي رايدر، إلى أهمية الاستمرار في جهود التصدي للجائحة، وأضاف يقول: “ستزودنا هذه الرسائل بتوجيهات وتشجيعات لا تقدر بثمن في جهودنا للتغلب على الجائحة ومعالجة تأثيرها بشكل فعّال وعاجل على عالم العمل“.

ILO/KB Mpofu
رجل يعمل في مصنع لتجميع الأسرّة في بولاوايو بزمبابوي.

فقدان 400 مليون وظيفة

وتبحث القمة السيناريوهات الثلاثة التي وضعتها منظمة العمل الدولية حول إمكانية التعافي في الأشهر الستة المقبلة، ووفق التقديرات، “لا شيء” يرى الوضع الوظيفي العالمي في شكل أفضل مما كان عليه قبل بدء تدابير الإغلاق بسبب كوفيد-19.

وأشار الإصدار الخامس من تقرير “مرصد منظمة العمل الدولية: كوفيد-19 وعالم العمل” والذي يبيّن أن ساعات العمل انخفضت بنسبة 14% خلال الربع الثاني من عام 2020، أي ما يعادل فقدان 400 مليون وظيفة بدوام كامل.

وقال السيّد غوتيريش في كلمته إن عالم العمل هو عالم الناس، والكرامة والفرصة والأمل. وقال: “لقد حطمت جائحة كـوفيد-19 العالم، وأصيب كل عامل وكل عمل وكل ركن من أركان العالم. فهذه الأزمة تكشف عن هشاشة، كثيرا ما كانت منظمة العمل الدولية تدق ناقوس الخطر إزاءها منذ فترة طويلة“.

ووفقا لنماذج التعافي التي وضعتها منظمة العمل الدولية للنصف الثاني من عام 2020، فإن حتى أكثر السناريوهات تفاؤلا يفترض أن الفقدان العالمي لساعات العمل سينخفض بنسبة 1.2% (أي ما يعادل 34 مليون وظيفة بدوام كامل)، مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019.

 

 

وأوضحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أنه مع بدء إعادة الفتح، يجب اختيار نوع التعافي: “أعتقد أنه يجب أن نفكر في بناء انتعاش يمكّن الجميع من الاستفادة من التحوّل. وهذا يعني لمئات الملايين من الناس وظائف جيدة بأجر عادل، ويتطلب بناء جسر للتعافي، وتضامنا اجتماعيا وبيئيا عالميا“، مؤكدة أنه لا يمكن النجاح إلا إذا عمل الجميع معا.

وبحسب الأمين العام، فإن بعض الدول الآن تدخل أسوأ أيام الطوارئ الصحية، في حين تكافح آخرى من أجل فتح اقتصاداتها وتواجه خطر حدوث انعكاس خطير للتقدم.

تأكيد على أهمية الاستجابات

وكانت المنظمة قد عقدت قمتيْن مصغرتيْن يومي الأول والثاني من تموز/يوليو على المستويين العربي والأفريقي، وتمثل هذه القمة العالمية فرصة للحكومات والعمال وممثلي أرباب العمل لتشكيل استجابات من شأنها أن تحفز الاقتصاد والتوظيف، وأن تضع حلولا تدعم الشركات والوظائف اللائقة والدخل.

لنكن واضحين: لا خيار بين الصحة أو الوظائف والاقتصاد، فهي أمور مترابطة — الأمين العام

من جهة أخرى، أعرب مدير عام منظمة التجارة الدولية، روبرتو أزيفيدو، أن الخيارات السياسة والاقتصادية التي تتخذها الحكومات في الداخل وبالتنسيق مع بعضها البعض ستساعد في تشكيل المسار طويل الأمد للانتعاش، وقال: “يمكننا اختيار إعادة بناء اقتصادات أكثر مرونة وأكثر شمولية واستدامة، أو يمكننا المخاطرة بسنوات طويلة من الركود والغضب. لإرساء أسس انتعاش قوي، يجب على السياسات النقدية والمالية والتجارية للدول أن تسير بقوة وفي نفس الاتجاه، ويجب أن تكون مصحوبة بسياسات العمل والاستثمارات الاجتماعية لضمان ألا يتخلف أحد عن التغيير الاقتصادي“.

وبحسب منظمة العمل الدولية، فقد تم إنفاق نحو 10 تريليون دولار حول العالم لدعم العمال وقطاع العمل. وقال السيد غوتيريش: “لنكن واضحين: لا خيار بين الصحة أو الوظائف والاقتصاد، فهي أمور مترابطة. إما أن نربح على جميع الجبهات أو أن نفشل على جميع الجبهات“.

قد يعجبك ايضا