القاتل الاقتصادي الذي دمر اقتصاديات الشعوب وتسببت في خلق مجاعات كبرى حول العالم

الثورة / ساري نصر
تدأب الإدارات الأمريكية السابقة والحالية على تقديم نفسها كحامية لحقوق الإنسان، والمدافع عن الحريات والسلم العالمي واحترام القوانين الدولية والمحارب الأول للإرهاب، وذلك في سبيل تمويه حقيقة مواقفها الهادفة الى نهب ثروات وخيرات الشعوب المستضعفة والحاقها بعجلة التبعية السياسية والاقتصادية الأمريكية، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الوحيدة في العالم، الأكثر استخداماً لسلاح العقوبات التجارية والاقتصادية لتحقيق مصالحها وإجبار الدول المستهدفة بالعقوبات على انتهاج سلوك يتوافق مع أهداف الهيمنة الأمريكية على الدول والشعوب، وتستغل واشنطن أيضاً الأمم المتحدة لفرض عقوبات دولية أيضاً، كما تقوم بحشد تأييد الدول الغربية الاستعمارية لفرض العقوبات، في حال فشلت في تحقيق إجماع دولي على فرض هذه العقوبات، بالمقابل نجد أن الكيان الإسرائيلي الذي يمارس العدوان والاحتلال ويخرق المواثيق والأعراف الدولية ويرفض تطبيق قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومعاهدات جنيف، نجده لم يتعرض قط لمثل هذه العقوبات.
أهداف خبيثة
وتهدف العقوبات الأمريكية سواء تلك التي فرضتها واشنطن منفردة أم بالاشتراك مع الدول الغربية الاستعمارية أو التي فرضت برغبة أمريكية من خلال مجلس الأمن، تهدف إلى منع أي دولة في العالم وبجميع الوسائل بما فيها القوة الغاشمة من امتلاك القوة اللازمة لحماية نفسها من العدوان وكذلك تهدف إلى حماية الكيان الإسرائيلي وإبقائه متفوقاً لكي يواصل احتلاله وعدوانه، كما ترمي إلى استنزاف ونهب الخيرات الاقتصادية للدول المعاقبة، وإبقاء الدول الحليفة لواشنطن تحت سيطرتها وجرها باستمرار لتأييد المواقف الأمريكية، وأخيراً تهدف إلى السيطرة على منابع النفط ومصادر الطاقة الأخرى واستخدامها كوسيلة ابتزاز ضد الدول المنافسة لها.‏‏
ومن هذا المنطلق كانت العقوبات الأمريكية ذلك السلاح الصامت الذي يقتل ببطء كل من يخرج عن بيت الطاعة الأمريكي لإرضاخه، وتمتطي للوصول إلى مبتغاها شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية للشعوب التي تمعن في ذبحها مرات ومرات على أعتاب تلك الشعارات والعناوين البراقة والرنانة على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي تختطفه تلك القوى المتسلطة والمستبدة التي تحاول إعادة استعمار العالم سياسياً واقتصادياً وثقافياً والذي تحول إلى أداة رخيصة وطيعة في يد تلك القوى من أجل تمرير كل مشاريعها ومخططاتها الاستعمارية التي تستهدف السيطرة على شعوب العالم وسلب إرادتها ونهب ثرواتها وخيراتها.‏‏
نهب ثروات العراق
نشرت صحيفة نيويورك تايمز أخيراً تقريراً عن الثروات التي لا تقدر بثمن والتي استحوذ عليها الجيش الأمريكي أثناء دخوله قصور صدام حسين والوزراء في عهده، بناء على صور التقطها الجنود الأمريكان مع الأموال والذهب الذي وجد في حفر خاصة داخل حدائق القصور، حيث كانت الصور غاية في الاستفزاز، حيث الكراسي الذهبية وتلال المجوهرات والأوراق المالية، وقد أعطت الصحيفة أرقاماً خيالية غير المعلن عنها من وزارة الخزانة الأمريكية، حيث إن الوزارة لم تعلن شيئاً عن قيمة الآثار التي نهبت من مواقع عديدة تم الحفر والتنقيب فيها، لكن الصحيفة حددت رقماً تقريبياً بـ 2 تريليون دولار، والغريب في الأمرـ وبعد مسلسل النهب الذي تعرض له الشعب العراقي منذ الاحتلال الأمريكي ـ أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يتحدث عن احتياطي العراق من البترول، وأن آخر برميل من بترول العالم سيكون من بلاد الرافدين.
اختلاق الأزمات
نهاية حروب النفط عبر سياسة اختلاق الأزمات اللعبة الاقتصادية في اختلاق الأزمات المالية التي تنتهجها أمريكا هي بمثابة حرب اقتصادية غير معلنة على العالم الثالث كانت بدايتها عام 2007 فيما عرف بأزمة الرهن العقاري التي أطاحت بأنظمة مالية عربية وأوروبية دون أن يتأثر النظام المالي الأمريكي وآنذاك غالبية الصحف الأمريكية أعلنت عن انهيار اكبر البنوك الأمريكية مثل: (بنك أوف أمريكا) وغيرها من البنوك الاستثمارية التي أعلنت أنها على حافة الانهيار، وبعد انتهاء أزمة الرهن العقاري لم تسرح إدارة تلك البنوك أي من موظفيها بل كانت تدفع لهم رواتبهم دون أن تتأثر، وبعد مرور عام ونصف على الأزمة أعلنت ذات البنوك عن أرباح غير متوقعة في الربع الأول من عام2009م، سياسة اختلاق الأزمات الاقتصادية . استطاعت أمريكا أن تختلق الأزمات في الشرق الأوسط عبر اسم الثورات للوصول الى أهدافها التي خططت لها منذ احداث سبتمبر عام 2001م بعدما انتهت من نهب ثروات العراق النفطية، السياسة الأمريكية الحالية هي سياسة اقتصادية خبيثة زجت المنطقة في حروب داخلية هدفها الرئيسي هو تدمير العالم العربي، لكي يبقى البترول تحت وصايتها وضمان أمن العدو الإسرائيلي.
قراصنة الاقتصاد
ومن ضمن السياسات الخبيثة الأمريكية لنهب ثروات الشعوب والاستيلاء عليها هو زرع عملاء لها في كل الدول المستهدفة وهو ما أعترف به هوجون بركنز، المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية في كتابه الاغتيال الاقتصادي للأمم – اعترافات قرصان اقتصاد، حيث عرف المؤلف قراصنة الاقتصاد أنهم رجال محترفون يتقاضون أجورًا باهظة، ووظيفتهم هي أن يسلبوا بالغش والخداع ملايين الدولارات من دول عديدة في سائر أنحاء العالم.. يأخذون المال من البنك الدولي – الذي يحكي بركنز قصته وتاريخ رئيسه روبرت ماكنمار في العمل مع الكوربوقراطية – ليصبوه في صناديق الشركات الكبرى وجيوب حفنة من العائلات الحاكمة الثرية، بينما يتم ترك البلاد المنهوبة غارقة في الديون ورهينة لقرارات المؤسسات الاقتصادية التي تتحكم فيها الولايات المتحدة، وظاهريًّا تحقق البلاد فائضًا اقتصاديًّا، وواقعيًّا ترزح في الفقر والديون، وعندما يفشل القراصنة في عملهم تكون الحروب هي البديل كما حدث في العراق، يتخذ قراصنة اليوم – كما يرى بيركنز- أشكالا مختلفة أكثر أناقة وينتشرون في الشركات مثل مونسانتو، وجنرال إلكتريك، ونايكي، وجنرال موتورز، وول مارت وتقريبًا في مكاتب جميع الاحتكارات الكبيرة بالعالم.

قد يعجبك ايضا