يبدو أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دخل فعليا في مرحلة العجز الكلي والاحتضار، فاستمرارا لمسيرة 12 عاما من الفشل المتكرر، فشل المجلس الجمعة الماضية في اعتماد مشروع قرار موحد بشأن الأوضاع في اليمن.
وقرر المجلس أن يخرج بقرار معاق لا فائدة منه، صوت عليه عدد أقل من نصف الأعضاء نتيجة لإصرار كل من هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا وكندا على تجاهل قرارات الأمم المتحدة بشأن اليمن. والاستناد إلى تقرير الخبراء المقدم في الدورة 39 للمجلس، وهو تقرير مشوب بالعيوب والملاحظات ومرفوض ما يعني أن القرار المعتمد لا يمكن أن يقدم أو يؤخر شيئا على أرض الواقع، ويعني أيضا أن ما يحدث في المجلس ليس سوى حفلات نفاق سياسية ومضيعة للوقت والجهد، والأسوأ أنه رقص غير إنساني على معاناة الشعب اليمني وحقوقه الشرعية المختطفة من قبل العدوان السعودي.
البيان الغاضب الذي أصدرته تحالف العدوان في اليمن حيال قرار المجلس المعاق، يأتي بمثابة رش الملح على الجرح، إذ أشار إلى الانقسام الواضح في المجلس، والذي أدى لتمرير قرار لم يوافق عليه سوى أقل من نصف الأعضاء، وأن ذلك حدث لأن قرارا بهذا الحجم والأهمية لم يتأسس على موافقةالحكومة اليمن، ولم يحترم الحق السيادي لها في إبداء موافقتها على التعاون مع القرارات الدولية التي تتناول بشكل مباشر أوضاع حقوق الإنسان على أراضيها، وذلك على الرغم من الحرص والتعاون الذي أبداه وفد اليمن ووفود الدول المعنية للوصول إلى صيغة توافقية تعكس وحدة المجتمع الدولي تجاه الوضع في اليمن.
ما ينبغي فهمه أن اعتماد مجلس حقوق الإنسان قرارا غير قابل للتنفيذ يعني أن المجلس لا يرغب في إيجاد حل من الأساس للمشكلة، وإنما إطالة عمر الأزمة للاقتيات عليها، وهذا أمر لا بد أن يدفع الدول الصادقة والحريصة إلى عدم إضاعة جهدها ووقتها وإعلان انسحابها منه عاجلا أو آجلا، فالعبء الذي يشكله وجود مجلس صوري على أعضائه أثقل من عبء تفككه ووفاته، وهذا هو المتوقع كما أسلفت، والذي يذكرنا بمقولة هايلي لحظة انسحاب الأمريكيين:
“نحن نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة، وتخدم مصالحها الخاصة وتحول حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية”!