ماليزيا.. الجوع والترحيل يهددان أربعة ملايين عامل ولاجئ
Share
رغم أنها نالت إشادات داخلية وخارجية واسعة على نجاحها في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) واجهت ماليزيا سيلا من الانتقادات بشأن ملف اللاجئين والعمال الأجانب.
وحسب رسالة وجهتها 84 منظمة حقوقية إلى رئيس الوزراء محيي الدين ياسين فإن العمالة الوافدة واللاجئين، بمن فيهم من لا دولة ترعاهم مثل الروهينغا، أصبحوا ضحية حملة كراهية واسعة.
وتقدر مصادر غير رسمية عدد العمال الوافدين في ماليزيا بنحو أربعة ملايين معظمهم يصنفون غير نظاميين، ولا تشملهم الحوافز الاقتصادية التي يقدر مجموعها بنحو 70 مليار دولار.
الإقامة وكورونا
وتحول السوق المركزي في حي سيالانغ في كولالمبور إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، حيث تفرض السلطات منذ أسابيع طوقا أمنيا مشددا على الأسواق التي يتركز فيها العمال الأجانب والمجمعات السكنية التي يسكنون فيها، والهدف الذي أعلنت عنه الحكومة هو تعزيز إجراءات تقييد الحركة والتحقق من سلامة العمال من فيروس كورونا المستجد.
وأثارت هذه الإجراءات حالة هلع بين العمال والمهاجرين غير النظاميين. ويقول رحيم موستاجي اللاجئ من ميانمار ويحمل بطاقة لجوء من الأمم المتحدة “لا ينتمي إلى عرقية الروهينغا” إن جميع اللاجئين غير النظاميين اختفوا من الحي خشية اعتقالهم، ويقدِّر عددهم بنحو 15 ألفا.
ويبرر موستاجي -في حديثه للجزيرة نت- تهرب اللاجئين والعمال غير النظاميين من فحص كورونا بأنه يشمل تقديم معلومات خاصة باللاجئين مثل إقاماتهم القانونية وأماكن سكنهم، وهو ما قد يعرض المخالفين لقوانين الهجرة للملاحقة في وقت لاحق، كما أن القانون الماليزي لا يسمح للاجئين بالعمل.
الترحيل والمسؤولية
ويبرر وزير الدفاع إسماعيل صبري اللجوء إلى حملات دهم لمساكن العمال الأجانب بوجود بؤر انتشار للفيروس في أوساطهم، ورفضهم الفحص الاختياري للتحقق من سلامتهم، مما أجبر السلطات على الفحص الإجباري.
لكن الوزير -المكلف بالجانب الأمني من إجراءات مواجهة انتشار كورونا- كرر تأكيده عزم الحكومة ترحيل من تثبت سلامته من الفيروس من العمال غير النظاميين، وتحويل المصابين إلى مراكز الحجر الصحي، أما العمال المسجلون قانونيا فيثور جدل بشأن من يتحمل نفقات الفحص والحجر الصحي.
ويقول صبري إن الحكومة غير ملزمة بأية حقوق للاجئين حيث إنها غير موقعة على الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين، وإن الحكومة لا تتلقى أي مساعدات دولية تخص اللاجئين.
لكن وزير الخارجية السابق حامد البار أكد للجزيرة أن عدم التوقيع على الاتفاقيات لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها الأخلاقية والدولية، ويضرب على ذلك مثال اتفاقيات معاملة الطفل والمرأة التي صادقت عليها ماليزيا ولا تفرق بين لاجئ وغيره.
وفي حديثه للجزيرة نت، عزا البار أزمة العمالة الوافدة التي فجرتها كورونا إلى غياب سياسة حكومية واضحة تجاه اللاجئين، وانسياق الحكومة الحالية وراء حملات شعبوية بهدف الحصول على دعم شعبي.
ووصف البار -وهو المبعوث السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى ميانمار- الحملة التي تشن ضد اللاجئين خاصة الروهينغا، بأنها عنصرية ومنظمة.
وقال أيضا إن العمال الأجانب يعملون غالبا في المجالات الخطرة والصعبة التي لا يعمل فيها الماليزيون، وقال إنه متفاجئ من أن مشاعر الكراهية انتقلت من العامة إلى النخبة.
أسباب وحلول
ويرى خبراء في مجال العمالة الوافدة أن الحكومات السابقة دأبت على إهمال تصحيح الأوضاع القانونية للعمالة غير النظامية، وذلك بهدف التحلل من المسؤوليات التي تفرضها هيئات دولية وحقوقية مثل منظمة العمل الدولية، بهدف خفض تكلفة الإنتاج وتمكين البضائع الماليزية من منافسة مثيلاتها في السوق الدولية.
وتشتمل هذه المسؤوليات على الالتزام بالحد الأدنى للأجور وتأمين صحي للعاملين وحقهم في إجازات مدفوعة الأجر وزيارة أسرهم في بلادهم الأصلية.
ولحل مشكلة العمالة الأجنبية، اقترح البار وقف استقدام العمالة الأجنبية وتصحيح الأوضاع القانونية للعمال غير النظاميين ودمج اللاجئين والعمال الأجانب في المجتمع، بحيث تشملهم البرامج والحوافز الاقتصادية، وتسهيل عودة العمالة الأجنبية الفائضة وغير النظامية إلى بلدانها من خلال التفاهم مع حكوماتهم.
وتقول المنظمات الحقوقية إن الروهينغا ينظرون إلى ماليزيا على أنها الدولة التي تدافع عن حقوقهم في منظمة آسيان، وإن حملة الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي والإجراءات الحكومية المرافقة لها تشكل خيبة أمل لمن صنفتهم الأمم المتحدة بأنهم الأكثر اضطهادا في العالم، مما يستدعي من الحكومة مراجعة شاملة لسياساتها تجاه اللاجئين والعمالة الوافدة.