‘سُقطرى’ .. مشهد استنزاف الدم بهدف نهب الثروات
علي الذهب
بأخواتها من مناطق الصراع في محافظات الجنوب اليمني تلحق جزيرة سقطرى التي تعيش منذ أيام توتراً عسكرياً ومواجهات دامية بين مسلحي المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً وحكومة عبدربه منصور هادي الموالية للسعودية، لتتسع بذلك دائرة الصراع السعودي الإماراتي في مناطق جنوب وشرق اليمن وتتكشف معها أهداف ما وراء ادعاءات هذه الدولتين ودعمهما للشرعية المزعومة.
في ذروتها تبدو التطورات بمحافظة أرخبيل سقطرى مع اقتحام قوات المجلس الانتقالي مدينة حديبو والسيطرة على المقار الحكومية في هذه المدينة التي تمثل مركز المحافظة وآخر معاقل سلطة هادي فيها وما تلا ذلك من مقاومة لقوات محسوبة على السعودية، ناهيك عن الاشتباكات المتقطعة بالأسلحة الثقيلة والمتعددة والتحشيدات والتعزيزات العسكرية الكثيفة سواء من قبل الطرفين السعودية والامارات في مشهد لم تعشه جزيزة سقطرى طوال سنواتها وهي الجزيرة السياحية ذات الموقع الاستراتيجي والمعروفة بهدوئها وسكانها المسالمين والتي تحولت بين عشية وضحاها إلى بؤرة صراع وساحة للحرب والفوضى وتصفية الحسابات كما هو المشهد منذ فترة طويلة في محافظات عدن وأبين والمهرة وشبوه وغيرهم من مناطق تواجد التحالف السعودي الإماراتي المتهم الأول بتفجير الوضع ونشر الفوضى والدمار في هذه المناطق وتغذية الصراع فيها لكثير من المآرب والأهداف.
التحركات المشبوهة والغامضة للرياض وأبوظبي في الجنوب اليمني ووقوفهما خلف إشعال الصراع وتوسيع دائرته لها تفسيرات متعددة، فالبعض يلخص الأهداف بمحاولة تصفية الكوادر العسكرية الجنوبية من خلال سيناريو استنزاف الدم والبشر وإرهاق القوى الداخلية بما يساعد السعودية والإمارات على تجريف واحتلال الأرض الجنوبية من كل قواها الحية والسيطرة على المواقع الاستراتيجية ويسهل عليهما التقاسم وإدارة الأرض ونهب الثروات وتحقيق المطامع والأجندة، كما أن إرساء سياسة الاقتتال تنضوي في ذات الأهداف حتى وإن بدى هذا التحالف شكلياً أنه جاء لدعم اليمن وإنقاذ الجنوب وإعماره وتهدئة الصراعات من خلال عدة سينايوهات في باطنها الرحمة وظاهرها عكس ذلك بما فيها رعاية ما عُرف باتفاق الرياض الذي فشل منذ لحظاته الأولى.
المشهد في سقطرى الآن هو ذات السيناريو والمشهد المتكرر في عدة مناطق جنوبية منذ سيطرة تحالف العدوان عليها، وما طرأ في الأمر أن التصعيد العسكري الأخير يأتي في إطار تحركات المجلس الانتقالي الموالي للإمارات لتوسيع مساحة سيطرته ونفوذه بعد إعلانه الحكم الذاتي لمحافظات جنوب البلاد، وهو ما يعني أن الأمر تعدى مسألة خطر توسع الصراع العسكري إلى خطر التهديد الحقيقي لمستقبل ومصير الوحدة اليمنية بالمجمل وفك الارتباط بين جنوب اليمن وشمالها، لتتبين أهداف أخرى للسعودية وتحالفها تتمثل في سياسة تفكيك وتمزق البلد الذي ادعت حمايته وإنقاذه.