كان التنافس طوال التاريخ محتدماً بين الشعوب والحكومات والقوى العالمية، والكل كان يستغل أي آلة ووسيلة للتغلب على منافسه، فالكوارث الطبيعية قد لعبت دوراً مهماً في تلك التنافسات، ومنها طاعون جستنيان أو وباء جستنيان الذي أدى إلى القضاء على الإمبراطورية الرومانية، أو زلزال لشبونة بعام 1755 إذ أحدث تسونامي في الفكر والمعتقدات وانتهى إلى حدوث تغييرات عظيمة في أوروبا والعالم.
أما بعد التطورات التي حققتها المجتمعات البشرية وبعدما اصبحت التقنية الحديثة بحوزتها، أصبحت حياة الناس والمجتمعات متعددة الجوانب. وعلى إثرها اختلفت سياسة الحكومات والقوى العالمية مقارنة بالفترات السابقة، وبمساعدة تطور العالم والتقنية، تم وضع خطط وسياسات معقدة للتغلب على المنافس وطبقت على أرض الواقع، ففي فترة الحرب الباردة ركزت أمريكا كل استراتيجياتها حول الاقتصاد بغية إخضاع الاتحاد السوفيتي لهيمنتها، وبالفعل نجحت في تحقيق مراميها.
قد كان تفشي الأوبئة إذ تسمى بالحرب البيولوجية، من الآليات التي اُستغلت في ذلك التنافس، إذ ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستيقاظ التنين الصيني، الذي يعد العدة ليصبح قوة عالمية لمنافسة أمريكا، وفي هذه الظروف المعقدة والمصيرية، يلجأ كل من الصين وأمريكا لكل الوسائل للتغلب على الآخر، وربما هذا هو السبب في إخفاء الصين حقيقة كورونا، هذا التغيير الاستراتيجي العالمي يمر بطور الوقوع وسيكون شرق آسيا بمحورية الصين بؤرة التنافس بين الشرق والغرب، على هذا لن يشكل الشرق الأوسط أولوية للإستراتيجية الغربية مستقبلاً، وان الحرب التجارية بين أمريكا الصين يمكن ان تُفسّر في إطار تغيير الإستراتيجية الغربية، على كل فقد أدت كورونا إلى مواجهة الغرب والصين.
سواء كان كورونا من صنع البشر أو حادثة طبيعية، فانه يترك تأثيره في هذا التنافس شئنا ذلك أم أبينا، ان أداء النظام الليبرالي الديمقراطي الغربي والشمولي الشيوعي الصيني في مواجهة كورونا يعد أمراً مهماً وجوهرياً، ذلك ان تنبؤات الخبراء والسياسيين حول كورونا ترك تأثيره الكبير على العالم، وسيؤدي إلى ظهور تغيرات جوهرية، ومنها سيكون الاقتصاد أولوية العالم بأسره، الذي قد استهدفه فيروس كورونا، ان العالم ينتظر ما تقدمه الليبرالية والشيوعية في مواجهة كورونا كي يحدد مصير العالم في فترة ما بعد كورونا.