رؤية صنعاء وإعلان التحالف،هل ينجح كورونا بوقف الحرب؟!
مرة أخرى تثبت السلطة في صنعاء حرصها على عملية السلام والخيار السياسي لحل الأزمة اليمنية، وهذا ما برهنته الرؤية الجديدة من الطرف الوطني والتي جاءت من حيث التوقيت من منطلق قوة وليس ضعف في ظل التفوق العسكري الذي باتت تتمتع به خلال الفترة الأخيرة قوات الجيش واللجان الشعبية وانتصاراتها النوعية في أكثر من جبهة.
لكن هذه الرؤية الوطنية جاءت برأي القوى السياسية في صنعاء بناءً على دعوة الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش المتعلقة بوقف إطلاق النار في اليمن والتفرغ لمواجهة كورونا، حيث تمحورت هذه الرؤية حول وقف شامل للحرب ووقف إطلاق النار في كافة الجبهات وإنهاء الوجود الأجنبي في جميع أراضي الجمهورية اليمنية وإنهاء أي وجود عسكري يمني في الأراضي السعودية، وكذا إنهاء كامل للحصار الجوي والبحري والبري ثم وضع التدابير والمعالجات الإنسانية والاقتصادية، إضافة إلى تنفيذ إجراءات بناء الثقة وإعادة الإعمار وجبر الضرر ثم بدأ عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة بما يضمن سلامة اليمن ووحدته واستقلاله ويؤسس لحوار سياسي وفقا لمرحلة انتقالية جديدة.
الرؤية هذه ليست الأولى وإنما تأتي امتداداً لمبادرات أخرى سبق وأن اعلنتها صنعاء وهو ما يكشف بالمجمل عن الطرف المستشعر لمسؤليته والحريص على السلام وحقن الدماء، لكن ما يميز هذه الرؤية أنها بدت شاملة من حيث وضع النقاط على الحروف بما قدمت من بنود ومقترحات في كافة الجوانب “عسكرياً وسياسياً وإنسانياً” ووضعت الآليات لكيفية تنفيذها، كما أنها رمت الكرة في ملعب التحالف السعودي الذي يُتهم بالوقوف وراء تعثر كل التحركات السابقة الساعية لإرساء السلام في اليمن وإفشال كافة الاتفاقيات بما فيها اتفاق السويد الذي كان يعول عليه اليمنيون كثيراً في صنع تسوية سياسية تنهي ما يزيد على ٥ سنوات من المعاناة والحرب.
ومع هذه الرؤية والتطور يمكن الحديث عن مؤشرات إيجابية نحو إمكانية وقف العدوان ورفع الحصار، خاصة في ظل الضغط الدولي لضرورة إنهاء الأعمال العسكرية وتركيز الجهود على مواجهة فيروس كورونا، وهو الأمر الذي كما يبدو دفع التحالف السعودي لإعلان خجول بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين قابل للتمديد، وزعم “أن إعلان هذه الهدنة يهدف إلى تهيئة الظروف الملائمة للتوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في اليمن”، في تطور جديد يمكن ربطه بالضغوط الساعية للتوصل إلى تسوية سياسية بعد فشل التحالف عسكرياً وسياسياً وانكشاف أهدافه وعجزه عن تحقيق نواياه.
الأوساط اليمنية لا تؤمل كثيراً على إعلان تحالف العدوان وترى أن هدنته لن تصمد طويلاً كما هو الحال مع هدن سابقة، حيث وأن السعودية أعلنت أكثر من مرة وقف العمليات العسكرية لكنها لم توقف اعتداءاتها على أرض الواقع، وهو الأمر الذي دفع القوى السياسية في صنعاء للتشكيك منذ اللحظات الأولى في جدية هذا القرار واعتبرت الخطوة السعودية مجرد مناورة في ظل عدم تضمنها رفع الحصار لأن استمراره يعني استمراراً للحرب، وأنها تمثل حلولاً ترقيعية وجزئية مرفوضة.
وتعددت التفسيرات حول إعلان الهدنة السعودية، حيث ذهب البعض إلى أن تغير موازين القوة لصالح صنعاء مؤخراً أقلق تحالف العدوان من تحرير بقية المحافظات مع اقتراب المعارك من مأرب، فجاء هذا الإعلان بالهدنة تحت يافطة قضية انسانية وهي مواجهة كورونا، وهو التحالف الذي تسبب عدوانه وحصاره في صنع أكبر كارثة إنسانية في اليمن، بل اثبتت الدلائل -برأي البعض- عن عدة مساع ومحاولات من قبل الرياض وأبوظبي لنقل الفيروس إلى اليمن والعمل على نشر الوباء بأكثر من طريقة وآلية وبشكل متعمد وممنهج، ليتضح جلياً مدى إنسانيته الزائفة التي يتغنى بها الآن.
وفي ضوء هذه المعطيات يبدو أنه من المبكر الحديث عن إيقاف التحالف السعودي لعدوانه على اليمن كون إعلانه خلا من أي بنود جدية ممكن البناء عليها في التوصل إلى حل شامل، لتبقى الآمال حاضرة من خلال أن يستمر الضغط الدولي بشأن ضرورة وقف العدوان والحصار المفروضين على اليمن والتركيز على مواجهة وباء كورونا في ظل الخشية من تفشي هذا الوباء -لا قدر الله- في بلد يعاني منذ ٥ سنوات من أزمات انسانية متعددة ومنظومة صحية متدهورة وفوق ذلك وضع معيشي صعب.
علي الذهب