اليمن في مواجهة كورونا .. إمكانيات شحيحة وغياب شبه كلي للمنظمات

يثير فيروس كورونا الجديد – الذي يتمدّد في العالم – مخاوف اليمنيّين، لا سيّما بعد أن حصد العديد من الأرواح وتزايد عدد المصابين بشكل كبير وعجز دول عظمى عن مواجهة هذا الفيروس بالرغم من امتلاكها إمكانيات صحية متطورة وموارد مالية ضخمة، كما أن إعلان تسجيل إصابات في دول عربية مجاورة زاد من قلقهم بشكل كبير، وليس الفيروس بحدّ ذاته ما يقلق اليمنيين ، وإنّما ضعف الإمكانيات الحكومية والمجتمعية لمواجهته في ظلّ تضرّر المنظومة الصحية جراء العدوان السعودي الغاشم وخروج 80% من هذه المنظومة عن الخدمة نتيجة الاستهداف الخبيث والممنهج من قبل هذا العدوان الهمجي للمنظومة الصحية في اليمن .

الثورة / ساري نصر

إجراءات احترازية
اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة عقدت اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور لاتخاذ إجراءات لمواجهة فيروس كورونا وانتشاره من خلال دعوة المواطنين لتخفيف حركة التنقل بين المدن والمحافظات إلا للضرورة، موجهة المستشفيات العامة والخاصة بالعمل على استقبال الحالات والعمليات الطارئة والتشديد على مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل والداخلية لإعداد خطة شاملة للتعامل مع القضايا المنظورة بما يخفف من أعداد المساجين وتقديم موعد الإجازة القضائية، وتنظيم جميع الأسواق بما يحد من الزحام، مكلفة وزارة الأشغال وأمانة العاصمة بالرش والتعقيم في مداخل المدن والحارات، كما ألزمت حكومة الإنقاذ أمانة العاصمة بنظافة الحمامات العامة وتوفير المطهرات والمعقمات، وعلى مالكي المطاعم والفنادق والبنوك توفير المعقمات على المداخل وعند صرافات النقود، كما وجهت بإلزام الباصات ووسائل النقل بتوفير المعقمات والمطهرات للركاب، وكذلك إغلاق محلات الكوافير وتجميل السيدات حتى إشعار آخر.

غياب المنظمات
وبينما يحشد العالم كل الإمكانيات الضخمة لمواجهة هذا الفيروس يعيش اليمن وضعاً صحياً مدمراً نتيجة العدوان ويواجهه خطر هذا الفيروس في ظل إمكانيات شحيحة وغياب شبه كلي للمنظمات التي تدعي أنها تعمل من اجل انقاد الشعب اليمني من خطر هذا الوباء وأبرز ذلك ما زعمته منظمة الصحة العالمية بأنها تعمل بشكل وثيق مع السلطات الصحية في اليمن لتجهيز وحدات العناية المركزة في المستشفيات ومع العاملين الصحيين لتزويدهم بالكيفية التي تمكنهم من التعامل مع الفيروس وأن المنظمة تعمل مع السلطات الصحية في اليمن وخارجه من أجل توفير المزيد من المعدات والمستلزمات المهمة التي تساعد اليمن على مواجهة كورونا، في حين صرَّح الأمين العام للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي عبد المحسن طاووس – في تصريح سابق – أن المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية تتجاهل الوضع المأساوي في اليمن.. وبيَّن أنه لا يوجد أي تدخل من المنظمات الدولية فيما يتعلق بمكافحة كورونا، كما أكد طاووس أن مراكز الحجر الصحي بحاجة إلى خزانات ودورات مياه وحمامات متنقلة وقطَّارات وفلترات لمياه الشرب.. داعياً منظمة اليونيسف والمنظمات الأممية إلى القيام بواجباتها في هذا الجانب، لافتا إلى أن الأماكن المخصصة للحجر بحاجة إلى مستشفيات ميدانية ومستلزمات طبية بشكل عاجل .. مطالبا المنظمات المعنية بتوفير مخيمات طبية ومستلزمات إيوائية وأدوية وتغذية ومعقمات في أماكن الحجر في أسرع وقت.

تدهور القطاع الصحي
العاملون الصحيون في اليمن يعملون في ظروف مستحيلة، ولا توجد مستشفيات كافية، أو أدوية كافية، أو مياه نظيفة كافية.. بهذه الكلمات حذر، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس – المدير العام لمنظمة الصحة العالمية – من خطورة التدهور الشديد الحاصل في المنظومة الصحية، بسبب العدوان المستمر لأكثر من خمس سنوات، كافح فيها النظام الصحي المتهالك لمسايرة الوضع المأساوي في اليمن بعد إغلاق أكثر من نصف المرافق الصحية، بسبب ما لحقها من أضرر ودمار أو نظراً لقلة الموارد المالية، وما تعانيه البلاد من نقصٍ مستمر وواسع النطاق في الأدوية والمستلزمات الطبية، فإذا كان وضع القطاع الصحي في اليمن بهذا السوء قبل انتشار فيروس كورونا المستجٌد، فكيف سيكون الحال بعد ظهوره، وكيف ستتمكن هذه المنظومة الصحية من مواجهة هذا الفيروس عند انتشاره.

تقارير دولية
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 3 مليارات شخص معرضون لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجٌد، بسبب افتقادهم الماء والصابون، نتيجة الفقر واللجوء وغياب النظام الصحي في عدة دول تعاني من الفقر والحروب والنزاعات، كاليمن، التي تعاني فيها معظم المستشفيات والمراكز الصحية من نقص حاد في الأدوية الضرورية والمستلزمات الطبية الأساسية، إضافة إلى نقص كبير في عدد الكوادر الطبية، فقد تسبب العدوان على اليمن في حصول أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أزمة طالت البلد بأكمله.. ووفقاً لتقارير نشرتها منظمات الأمم المتحدة فإن نحو 75 % من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك 11،3 مليون طفل لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة بدونها، وأشارت إلى أن هناك 60 % على الأقل من اليمنيين الآن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن 16 مليون شخص لا يمكنهم الحصول على مياه آمنة للشرب ومرافق صحية مناسبة، ويفتقر كثيرون غيرهم إلى الخدمات الصحية الأساسية، وأكدت أن أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن لا تستطيع العمل بكامل طاقتها، وأن عدداً كبيراً من الموظفين العاملين في الحقل الصحي لم يتقاضوا رواتبهم طوال أشهر.

عوامل أخرى
ليس تدهور القطاع الصحي المتهالك نتيجة العدوان هو المعضلة الوحيدة في مواجهة خطر انتشار كورونا الذي تمكن من إقلاق دول عظمى ذات مقدرات مادية، إذ ستمثل حالة العدوان والحرب القائمة وتردي الوضع الاقتصادي وتهالك القطاع الصحي ووجود أعداد كبيرة من النازحين والأزمة الغذائية وانتشار أوبئة أخرى، ستمثل عوامل مضاعفة لخطورة الوباء الذي قد يتحوّل إلى كارثة غير مسبوقة في التاريخ الحديث لليمن، كما أن تهديد الوباء لليمن يأتي عطفاً على أزمة غذائية عجز العالم عن تقديم المساعدات للقضاء عليها حيث قال: “تأتي تهديدات الأوبئة لليمن عطفاً على أزمة غذائية عجزت المساعدات الخارجية عن تجاوزها” ناهيك عن عدم القدرة على بقاء المواطن في منزله فترة الحجر الصحي في ظل انقطاع المرتبات وأن غالبية الشعب يكاد يكون دخله معدوماً وأغلب دخله يعتمد على الدخل اليومي الذي بالكاد يسد أبسط الاحتياجات الضرورية للمعيشة الصعبة .

قد يعجبك ايضا