هيومن رايتس : السعودية تُعذّب وتُخفي يمنيين
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن القوات العسكرية السعودية والقوات المدعومة منها نفذت انتهاكات خطيرة ضد اليمنيين منذ يونيو/حزيران 2019 في محافظة المهرة، أقصى شرق اليمن. تشمل الانتهاكات الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والاختفاء القسري، والنقل غير القانوني للمحتجزين إلى السعودية.
وقال سكان محافظة المهرة لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات السعودية والمدعومة من السعودية اعتقلت بشكل تعسفي متظاهرين كانوا يحتجون على وجود القوات السعودية، وغيرهم من السكان المحليين غير المرتبطين بالاحتجاجات، في الغيضة عاصمة المهرة. قال محتجزون سابقون إنهم اتُهموا بدعم معارضي السعودية، واستُجوبوا وعُذِّبوا في مرفق احتجاز غير رسمي في مطار المدينة يُشرف فيه ضباط سعوديون على القوات اليمنية الموالية للسعودية. قالت عائلات المحتجزين إن القوات السعودية أخفت قسرا خمسة محتجزين على الأقل لمدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر بينما نقلتهم بشكل غير قانوني إلى السعودية ولم تُقدم معلومات عن مكانهم.
وقال مايكل بَيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها القوات السعودية وحلفاؤها اليمنيون ضد سكان المهرة المحليين هي أمر مرعب آخر يُضاف إلى قائمة الأعمال غير القانونية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن. السعودية تُضّر بسمعتها بشدة لدى اليمنيين عندما تُنفّذ هذه الممارسات التعسفية ولا تُحاسب أحد عليها”.
وقابلت هيومن رايتس ووتش أربعة محتجزين يمنيين سابقين، وإثنين من أفراد عائلات محتجزين، وأربعة أصدقاء لمحتجزين، وسبعة نشطاء يمنيين، وخمسة صحفيين، حول الأحداث الأخيرة في المهرة. راجعت هيومن رايتس ووتش أيضا وثيقة موقّعة من مدير عام الأمن السياسي في المهرة التابع لحكومة هادي حول احتجاز شخص في مطار الغيضة، وفيديو قصير يصف فيه رجل مصاب بكدمات شديدة بأنه تعرّض للتعذيب والاعتقال التعسفي في سجن المطار. قدم نشطاء أسماء وصور لستة محتجزين قالوا إنهم نُقلوا قسرا إلى السعودية.
وثّقت هيومن رايتس ووتش قضايا 16 شخصا احتجزتهم القوات السعودية واليمنية المتحالفة تعسفا في محافظة المهرة بين يونيو/حزيران 2019 وفبراير/شباط 2020. نقلت قوات الأمن السعودية 11 من أصل 16 إلى السعودية. قال أفراد أسرهم إن خمسة منهم نُقلوا في يونيو/حزيران إلى سجن في أبها، عاصمة منطقة عسير، وعلمت الأسر لاحقا بمكان وجودهم. قبل نقلهم، لم تتلقَ العائلات معلومات حول مكان وجودهم لمدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر. قال ناشط من المهرة إن الستة الآخرين كانوا رجالا من شمال اليمن واعتُقلوا أثناء عبورهم الحدود من عُمان عائدين إلى اليمن بعد تلقي العلاج الطبي هناك. أطلق السعوديون سراح الخمسة الآخرين الذين لم ينقلوهم إلى السعودية. قال مصدر لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات العُمانية احتجزت رجلا يمنيا بالقرب من الحدود العُمانية في سبتمبر/أيلول 2019، قبل إطلاق سراحه بعد عشرة أيام من الاحتجاز. لكن في رد مكتوب إلى هيومن رايتس ووتش، نفت الحكومة العُمانية وجود أي قوات عُمانية في اليمن، وقالت إن مزاعم وقوع انتهاكات حقوقية من قبل قواتها في اليمن “لا أساس لها”.
وقال أربعة محتجزين سابقين إن ضباطا سعوديين كانوا حاضرين أثناء احتجازهم واستجوابهم في مرفق المطار. قال ثلاثة إن ضباط يمنيين عذبوهم، بحضور ضباط سعوديين، لإرغامهم على التوقيع على تعهدات بوقف الاحتجاجات ضد أنشطة القوات السعودية وحلفائهم
الاعتقال التعسفي والتعذيب
وقال ثلاثة محتجزين سابقين إن القوات المحلية اليمنية التي يُشرف عليها ضباط سعوديون أساءت إليهم وعذبتهم داخل مرفق احتجاز في مطار الغيضة، حيث تعرّضوا للضرب والصدمات الكهربائية والتهديدات بإيذاء أفراد أسرهم. قال المحتجزون الثلاثة السابقون إنهم اتُهموا بوجود صلات لهم مع “حزب الله” اللبناني وصلات مع قطر، التي تمر بأزمة دبلوماسية طويلة مع السعودية والإمارات منذ يونيو/حزيران 2017. استخُدِمت أسماء مستعارة لجميع الأشخاص الذين أجرينا معهم مقابلات لحمايتهم.
وقال محتجز سابق، “باسم”، وهو صحفي، إن القوات اليمنية المحلية المتحالفة مع السعودية احتجزته في أوائل يوليو/تموز 2019 لمدة شهرين تقريبا في الغيضة. قال إنهم نقلوه إلى مقر البحث الجنائي لبضع ساعات، ثم إلى المطار، وسلموه لقوات الأمن اليمنية وقائدهم سعودي. قال إن خاطفيه اليمنيين و”بموافقة الضباط السعوديين”، أبقوه معصوب العينين وضربوه وعذبوه بالصدمات الكهربائية، وهددوا بنقله إلى سجن في الرياض:.
وقال باسم إن المحققين أخبروه أنه إذا لم يعترف بصلته المزعومة بحزب الله في لبنان وقطر، والحوثيين وأجهزة المخابرات العمانية، سوف يقطعون رأس شقيقه الأصغر، الذي اعتقلوه أيضا. قال باسم إنه نقل فيما بعد إلى عدة مراكز احتجاز: “لم يكن لدي طعام كافٍ، وكانت الزنزانة الأخيرة التي كنت فيها متسخة كمكب للنفايات”. قال إنه تمكّن من الفرار في أواخر أغسطس/آب بعدما حفر نفق تحت جدار الحاوية التي كان محبوسا فيها.
وقال “حسن”، صحفي آخر، إن رجالا يمنيين مسلحين ومُقنَّعين اختطفوه من غرفته بالفندق في الغيضة في منتصف يوليو/تموز 2019 وأخذوه بالسيارة إلى مركز احتجاز البحث الجنائي، ثم إلى سجن المطار، وأخيرا إلى مكان لم يتمكن من تحديده. قال إنه طوال فترة اعتقاله، الذي استمر أكثر من شهر، عذّبه آسروه بالصدمات الكهربائية، وضربوه بشكل متكرر. بعد الإفراج عنه، حاول الحصول على لقطات كاميرا مراقبة من الفندق، لكنه علم من موظفي الاستقبال هناك أن المسلحين الذين اختطفوه قد تخلصوا من الفيديو لمنع التعرف عليهم.
وقال “فاروق”، أحد المتظاهرين الذين انضموا إلى اعتصامات الاحتجاج على الوجود السعودي في المهرة، إن قوات الأمن اليمنية اعتقلته في يونيو/حزيران 2019 أثناء مروره قرب المطار. استُجوِب في مركز الاحتجاز هناك، أولا من قبل القوات اليمنية الموالية للسعودية، ثم من قبل ضابط سعودي. قال:استُجوِبت في غرفة من قبل أحد أفراد الجيش السعودي، وعرفت أنه سعودي من ثيابه العسكرية ولهجته. أخبرني الضابط نفسه أنه سعودي. أخبرني أيضا أن في الغرفة كاميرا تُصوّرني ويمكنهم مشاهدتي مباشرة في الرياض. قال إنهم يعرفون من أكون لأنهم صوّروني في المظاهرات وتعرفوا على وجهي. حاولوا إجباري على التوقيع على تعهد بأنني، وأي شخص من عائلتي مثل أشقائي، لن نشارك في أي أنشطة مناهضة للتحالف. رفضت التوقيع لأنه، كما قلت لهم، كانت مظاهراتنا سلمية. أساء الضابط لي بالكلام. أخذوا هاتفي عند البوابة لذا لم أستطع الاتصال بأسرتي طوال ذلك الوقت لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات.
وأبلغ مصدر مقرب من الجماعات القبلية البارزة في المهرة هيومن رايتس ووتش عن حالة قام فيها حراس عمانيون في منطقة شحن بالمهرة، بالقرب من الحدود العمانية، باعتقال رجل يمني تعسفيا في سبتمبر/أيلول 2019 بعد أن رفض للانضمام إلى الجهود المعادية للسعودية في المهرة. أفرجت السلطات العمانية عنه بعد عشرة أيام. نفت عمان مزاعم عن أي انتهاكات من قبل القوات العمانية في رد مكتوب إلى هيومن رايتس ووتش، ونفت أيضا وجود أي قوات عمانية تعمل في اليمن.
الاختفاء القسري ونقل الأشخاص غير القانوني من اليمن
قال أربعة مسؤولين حكوميين يمنيين، وثلاثة أقارب للمحتجزين، وسبعة نشطاء، إن السعودية احتجزت تعسفا ثم نقلت بشكل غير قانوني خمسة محتجزين يمنيين على الأقل إلى السعودية.
قالت والدة أحد المحتجزين إن الشرطة العسكرية اليمنية اعتقلت ابنها في يونيو/حزيران 2019 في مطار الغيضة عندما ذهب إلى هناك للتسجيل والعثور على عمل كحارس، ونقلوه لاحقا إلى سجن في أبها، عاصمة منطقة عسير في السعودية. قالت إنها لم تعرف عنه شيء لمدة ثلاثة أشهر، واكتشفت مكانه فقط عندما اتصل بها من السعودية وأخبرها بموقعه. لا زال ابنها رهن الاحتجاز دون تهمة.
قالت أمّ أخرى لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن اليمنية احتجزت زوجها وابنيهما في الغيضة في يونيو/حزيران 2019، ثم نقلهم مسؤولون سعوديون إلى سجن في أبها. قالت إنها علِمت بموقع زوجها وأولادها فقط بعد أن اتصلوا بها من سجن أبها بعد خمسة أشهر. لا يزال الثلاثة رهن الاحتجاز دون تهمة.