الحصار والأمراض ثنائية الموت في الدريهمي اليمنية

يعيش المدنيون في مديرية الدريهمي اليمنية منذ قرابة عامين، أسوأ كارثة إنسانية بفعل الحصار الخانق الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي ومرتزقته وارتكابهم أبشع الجرائم بالقتل والتدمير للمساكن والمزارع والمراكز الصحية والنهب والسلب للممتلكات.

فأصبحت الدريهمي أرضاً خصبة للأمراض المعدية والأمراض المزمنة وفي كل يوم يموت العشرات بسبب انتشار أمراض الملاريا والكوليرا وحمى الضنك وسوء التغذية، وتملأ أنّات المرضى أرجاء المدينة التي لم يلتفت لها المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية.

طرقات مغلقة ومحفوفة بالمخاطر جراء الهجمات الصاروخية والمدفعية لقوات العدوان، وخدمات معدومة ونقص حاد في الغذاء والدواء، ومواطنون مبتلون بالأمراض يكافحون من أجل البقاء لا يمكنهم الفرار بسبب عدم وجود ممرات آمنة.

باتت الدريهمي المنطقة السياحية الزاخرة بالمواقع الأثرية ومجالس العلم والأدب، مقبرة جماعية لسكانها، بعد أن كانت متنفساً لأبناء مدينة الحديدة والمناطق المجاورة.

وعلاوة على الحصار يعيش أبناء مدينة الدريهمي حالة من الخوف والهلع نتيجة استهدافها من قبل قوى العدوان بقذائف المدافع والرصاص الحي فلا يكاد يمر يوم إلا وتفتك تلك الأسلحة بأرواح السكان دون تفريق بين صغير أو كبير ، رجل وامرأة أو طفل.

ومع كل هذه المآسي والمعاناة لم تحرك الأمم المتحدة ومنظماتها ساكناً بل استسلمت لمنع قوى العدوان إيصال قوافل المساعدات الإغاثية التي حاولت الوصول إلى المدينة ووقفت عاجزة أمام تعنت وصلف العدوان الذي رافقه عجزها عن اتخاذ موقف مناسب، أو حتى رفع إحاطة لمجلس الأمن بما يحدث على أرض الواقع.

هذه الممارسات البشعة تؤكد وتفضح النوايا الدنيئة لدول العدوان ومرتزقتها، وما تحمله من مشروع هدم للقيم وإذلال المواطنين ومحاولة تركيعهم للاستسلام والتخلي عن مدينتهم.

لم تنقطع أو تتوقف مطالبات الشرفاء من أبناء محافظة الحديدة والمحافظات الأخرى بفك الحصار عن مدينة الدريهمي ورفع معاناة أبناءها من خلال المناشدات والوقفات والمسيرات الجماهيرية، إلا أن ذلك لم يُجدِ نفعاً لدى المنظمة الدولية المفرغة أصلا من دورها ومهامها الإنسانية والمنزوعة الصلاحية .

كل ذلك التخاذل واللا مبالاة من قبل الأمم المتحدة شجع دول العدوان لتنفيذ هجمات وزحوفات واسعة على مدينة الدريهمي.

ولم تشفع للمدينة المحاصرة المناشدات والمطالبات المتكررة ولم يفك حصارها اتفاق ستوكهولم أو حتى على الأقل فتح ممر إنساني تم الاتفاق عليه في الاجتماع السادس للجنة المشتركة على متن السفينة الأممية في عرض البحر.

بل على العكس من ذلك صعدت قوى العدوان وأدواتها أعمالها العسكرية على المدينة واستهداف المواطنين بالقصف الصاروخي والمدفعي.

وفي هذا الصدد أكد عضو الفريق الوطني في لجنة تنسيق إعادة الإنتشار اللواء محمد القادري أن قوى العدوان لا تزال تماطل في فتح ممر إنساني إلى مدينة الدريهمي المحاصرة بالرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع المشترك السادس للجنة تنسيق إعادة الانتشار.

وأشار إلى أن أبناء الدريهمي يعيشون أوضاعاً مأساوية في ظل إصرار قوى العدوان على عدم إيصال المساعدات الإنسانية لهم رغم التنسيق المسبق مع المنظمات الدولية العاملة بالمحافظة.

وأكد القادري، أن الوضع في الدريهمي ينذر بكارثة إنسانية حقيقية ما لم تتدارك الأمم المتحدة خطورة ذلك وتعمل من أجل تنفيذ الاتفاق بكل جوانبه.

حصار الدريهمي المدينة والإنسان، كشف بلا ريب مستوى التعتيم الإعلامي على مأساتها وفشل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في رفع الحصار عنها أو حتى إدخال المساعدات الإغاثية لسكانها أو على الأقل تسليط الضوء على مدينة تحولت إلى مقبرة جماعية لكل من يسكنها.

وكان فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن أعرب في تقريره الأخير عن قلقه إزاء منع الوصول إلى مدينة الدريهمي، لافتاً إلى أنه لم يستطع تحديد العدد الدقيق للأفراد الذين ما زالوا يعيشون في المدينة.

واتهم التقرير التحالف باتخاذ الحصار كعقاب جماعي على المدنيين.. مؤكدا أن القيود المفروضة على الوصول المتمثلة في الحصار وغيره من التدابير التي اتخذتها قوات التحالف وأوضاع الحصار العسكري، أعاقت العمليات الإنسانية بشكل كبير.

ومع استمرار الحصار وتواصل جرائم العدوان بحق المدنيين من أبناء الدريهمي بشكل خاص ومحافظة الحديدة بشكل عام لا شك سيأتي اليوم الذي تنعي فيه منظمة الأمم المتحدة نفسها لكل شعوب العالم، بعد أن أصبحت شريكة رئيسية لدول العدوان في إطالة أمد العدوان والحصار.

قد يعجبك ايضا