لماذا لم يهتم المجتمع الدولي بالعدوان على اليمن ؟
تقرير/ محمد علي الديلمي
تشير التقارير الوافدة من وراء المحيط إلى أن المجتمع الدولي لم يٌعر الحرب ,والعدوان المستمر على اليمن من قبل السعودية ودول التحالف معها ,منذ نحو ثلاثة أعوام اهتمام يذكر مقارنة بما يعتمل من حروب في منطقة الشرق الأوسط نتيجة قلة مصالح تلك الدول مع اليمن الفقير مقارنة بدول الخليج ذات الثروة النفطية .
والعدوان علي اليمن كان حسب تقديرات الكثير من المحللين السياسيين المحايدين صنيعة التسلط الأمريكي على العالم, وتخطيط يرعاه المحافظون الجدد وتنفذه من يطلق عليهم بالأغبياء المستنفع بهم من حكام الخليج اللذين لا يستبعد وفق ذلك المخطط أن يكونوا ذاتهم المستهدف الأخير من حروب المنطقة لتشكيل مايسمي بالشق الأوسط الجديد .
وحسب خوان كول أستاذ جامعي للتاريخ في أكاديمية ريتشارد ب. ميتشل ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة ميشيغا “تعتبر حرب اليمن إحدى العوامل المثيرة للقلق التي أدت إلى الأزمة الحالية في مجلس التعاون الخليجي والذي يضم ست دول, ولم توافق قطر قط على التدخل العسكري الواسع النطاق بل حثت على التفاوض مع الحوثيين”.
ويشير خوان في تقريره المنشور “إلى أن قطر لم تلتزم أبدا بتزويد القوات المقاتلة داخل اليمن، حيث لم ترسل سوى قوة رمزية للمساعدة في حراسة الحدود السعودية”.
وعندما قام الملك السعودي الموصوف بالجزار سلمان ,وأقرب ثلاثة حلفاء خليجيين بمقاطعة قطر في يونيو، قام حاكم الإمارة الصغيرة الشيخ تميم آل ثاني بسحب قواته من المنطقة الحدودية السعودية بالكامل.
وهذه الحدود تُعد في بعض الأحيان مسرحا للقتال والغارات، حيث قُتل الآلاف من الجنود السعوديين في هجوم للجيش واللجان الشعبية منذ بداية الحرب .
ولم تكن القوة القطرية أكثر من مجرد قوة رمزية، فالبلد يبلغ عدد سكانها 300 ألف مواطن فقط ولديها جيش صغير و ضعيف التدريب. إلا أن السعودية والإمارات العربية المتحدة أرادتا أكثر من ذلك بكثير لتنفيذ أطماع الراعي الأمريكي في المنطقة .
ورغم كل الماسي الذي تسببها العدوان السعودي الأمريكي على اليمن إلا أن ضمير العالم لم يتفاعل مع المجازر اليومية تجاه المدنيين, كما ألهمت الرسام بابلو بيكاسو لرسم لوحته الجدارية الأكثر شهرة لمرآة ثكلى تحمل طفل ميت وغارقة في الجنون اثر مجزرة مروعة في بدايات الحرب العالمية الاولى.
ويقول خوان ” ما بدر إلى ذهني هو كيف أصبح ضميرنا العالمي خشنا، بالنظر إلى أن مئات من مجازر تحدث في كل شهر في اليمن، ولايبدو أنه حتى مستخدمي موقع رديت Reddit يكترثون لذلك”.
وقام التحالف الذي تقوده “مملكة الشر” في الجزيرة العربية بضرب المرافق المدنية – المدارس والمستشفيات والجسور الرئيسية المستخدمة في النقل الغذائي وفي جميع مناطق شمال اليمن.
وحولت الضربات الجوية، التي يقدم لها الجيش الأميركي المساعدات اللوجستية, والاستراتيجية، صنعاء القديمة، وهي أحد مواقع التراث الإنساني في قائمة اليونسكو وهي تشبه منازل من الزنجبيل التي تميز البلاد، إلى أنقاض.
وفي حين كان نشاط السعوديون بشكل رئيسي من الجو، نظمت حليفتهم الإمارات ، وحدات قتالية من النخبة من جنوب اليمن من فصيل الحراك الانفصالي الذي يلقي بضلاله على الجيش النظامي في الجنوب والشرق والموالي لمنصور هادي.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية قد القي بـ 27 مليون شخص في اليمن إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وقد أجبر نحو 3 ملايين شخص على ترك منازلهم. فغالبية البلاد، 17 مليون نسمة، بالكاد يحصلون على ما يكفي من الغذاء لاستمرارهم على قيد الحياة، و 7 ملايين من هؤلاء عرضة بشكل كبير لخطر الجوع إذا ما حدث خطأ واحد آخر لهم.
وتقدر اليونيسيف أن 10 ملايين طفل محرومون من الرعاية الطبية الأساسية من مياه الشرب والمرافق الصحية والتعليم.
لقد قُتل الآلاف من الأشخاص في هذه الحرب، وفي ربيع هذا العام ظهر فارس جديد من أحد فرسان نهاية العالم على شكل الكوليرا (فرسان رؤيا يوحنا هم أربعة فرسان ذكروا في الإصحاح السادس لسفر رؤيا يوحنا في الكتاب المقدس المسيحي وهم فرسان الصراعات والحرب والمجاعة والموت). حيث أصيب أكثر من مائتي ألف شخص بهذا المرض، كما يتم الإبلاغ كل أسبوع عن خمسة آلاف حالة.
وقد توفي ما يقرب من إلفي شخص بسبب المرض الذي سببه شرب المياه غير النظيفة. وقد انهارت البنية التحتية لتوفير الخدمات الصحية في البلاد، حيث يعاني ثلاثون ألف من العاملين الصحيين الحكوميين من متأخر في أجورهم.
واجتذبت الكارثة الإنسانية بعض التدخل الدولي. وكانت روسيا قد أرسلت مؤخرا طائرات شحن إلى صنعاء محملة بالمساعدات، كما نقلت رعايا روس يرغبون في الفرار من البلاد (مطار العاصمة الدولى مغلق حاليا). ومن خلال إرسال الإمدادات إلى الشمال،
وانتقدت روسيا ضمنا استراتيجية الحرب الشاملة السعودية والتي تهدف إلى إلحاق الأذى بالمدنيين بشدة لدرجة أنهم سيثورون على حكامهم الحوثيين. كما أرسلت تركيا أيضا سفينة مساعدات طبية، ستهبط في عدن في الجنوب، بعد أن واجهت صعوبة في الحصول على إذن من دول مجلس التعاون الخليجي لترسوا هناك.
وتشارك الولايات المتحدة كثيرا في جهود الحرب السعودية، ويبدو أن البنتاغون اشترى خط الدعاية في الرياض بأنها محاولة لاحتواء إيران.
كما تواصل الولايات المتحدة حربها بطائرات بدون طيار ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي لديها أماكن آمنة في بعض المدن اليمنية. لكن الاهتمام الأمريكي بالكارثة التي تلوح في الأفق في اليمن فاتر، وترغب إدارة ترامب في خفض ميزانية المساعدات الإنسانية بشكل كبير.
وحتما إدارة هادي أكثر سعادة بالعيش في رفاهية ممولة من الرياض من العيش في عدن حيث الوضع متقلب هناك.
وليس لديهم سوى القليل في طريق استخدام أموالهم الخاصة لشراء الأسهم ، على الرغم من أن حلفاء هادي يقال أنهم يستفيدون من الاحتكارات على إمدادات الوقود إلى عدن، وهي إحدى المدن القليلة التي يسيطرون عليها اسميا.
واليمنيون هم سادة التعايش مع المصادر المتاحة لهم، فالحرب لم تتمكن سوى قليلا من إحباط قدراتهم على الابتكار. يقول السكان أن مدينة صنعاء، العاصمة، لديها الآن إمدادات الطاقة الخضراء في العالم حيث يتم توليد الكثير من الكهرباء عن طريق الألواح الشمسية.
بل أن البلاد تقريبا فيها كل شيء باستثناء العملات الأجنبية إلا أن شبكات رجال الأعمال اليمنيين تمكنت من الحصول على حوالة فعالة أو نظام تحويل أموال غير رسمي يسمح للعاملين خارج البلاد بإرسال النقود إلى الوطن مقابل رسوم.
وأما الملك العجوز المريض ومن المحتمل أن يتم استبداله قريبا بولي العهد، محمد بن سلمان. ذلك الذي يعتبر محرضا للحروب، كما بينت لنا سياسته الخارجية الحالية ـ بصفته وزيرا للدفاع ونائبا لوزير الدولةـ إزاء اليمن وإيران وقطر.
ولأن الملك الذي يعاني سواء من الخرف بحكم السن أو الزهايمر يقضي الإجازة منذ ما يزيد عن شهر في المغرب، في حين لدى ولي العهد مطلق الحرية في التصرف وإلى أبعد الحدود.
هناك مشاكل عاصفة داخل العائلة المالكة، خصوصا وأنه كان ينبغي أن يحكم المملكة بعد الملك العجوز، ابن شقيق الملك والذي كان يتولى منصب وزير الداخلية حتى 20 يونيو، محمد بن نايف. وهو على نقيض محمد بن سلمان من خلال ممارساته التي تأتي على غرار الثقافة الغربية، فولي العهد الجديد لم يدرس سوى الشريعة الإسلامية فقط في جامعة الملك سعود.
وفي حال تولى هو حكم المملكة، حينها يمكن الافتراض بأن البلاد في ظل صعوبة الإصلاح فيها ستتحول مرة أخرى وبقوة إلى حكم رجال الدين الوهابيين. إذ سيزداد قمع المعارضة (الليبراليين والشيعة…) وبالمثل ستزداد صراعات السياسة الخارجية. ولا شك أن تنصيب مُسعر الحرب المتطرفة العرش سيكون بمثابة القنبلة الموقوتة في الشرق الأوسط.