غير بيدرسون يحث أعضاء مجلس الأمن على “بذل كل ما في وسعهم” لإيجاد حل سياسي في سوريا

أفاد المبعوث الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون بعدم حدوث أي تقدم في مساعي وقف العنف الجاري في شمال غرب سوريا، منذ آخر إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين

وجدد بيدرسون مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الأطراف بضرورة وقف إطلاق النار فورا، والتمسك بالقانون الإنساني الدولي، في ظل التدهور السريع في الوضع الإنساني في شمال غرب البلاد واستمرار مأساة معاناة المدنيين.

وقدم السيد بيدرسون إحاطة إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء حول الوضع في سوريا معربا عن أسفه لاستمرار الأعمال العدائية، بما فيها الغارات الجوية المكثفة جوا وأرضا من كلا الطرفين.

وقال غير بيدرسون إن استمرار الحملة العسكرية تسبب في نزوح نحو 900 ألف مدني منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر 2019، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن مقتل المئات.

وأوضح المبعوث الأممي أن الأعمال العدائية تقترب الآن من المناطق المكتظة بالسكان، مثل مدينة إدلب وباب الهوى، المعبر الحدودي الذي يضم أكبر تجمع للمدنيين النازحين في شمال غرب سوريا، ويعد بمثابة شريان حياة للمدنيين.

ظروف الفارين باتت أسوأ من أي وقت مضى

UN Photo/Manuel Elias
مجلس الأمن ينظر في الوضع في سوريا، ويستمع لإفادة المبعوث الخاص لسوريا غير بيدرسون (على الشاشة) . 19 فبراير 2020

ظروف الفارين من الأعمال العدائية بحثا عن السلامة، باتت قاسية أكثر من أي وقت مضى، خصوصا مع انخفاض درجات الحرارة، حيث يموت الأطفال من البرد، حسب  إحاطة المسؤول الأممي الذي أشار  إلى احتمال حدوث مزيد من النزوح الجماعي.

وقال المبعوث الخاص إن العمليات العسكرية من كل الأطراف، بما في ذلك الأعمال التي تستهدف المجموعات الإرهابية، أو التي تقوم بها هذه المجموعات ، يجب أن تحترم مبدأ التناسب وقوانين وموجبات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين. وقال إنه شدد على ذلك خلال اتصالاته رفيعة المستوى مع مسؤولين كبار في روسيا وتركيا، خلال مؤتمر ميونخ للأمن الأسبوع المنصرم، وكذلك مع مسؤولين إيرانيين في طهران.

ودعا بيدرسون تركيا وروسيا إلى الاضطلاع  بدور أساسي في إيجاد طريقة لخفض التصعيد، بصفتهما راعيتين لترتيبات خفض التصعيد في إدلب، مشيرا إلى أن الوفود الروسية والتركية التقت في أنقرة وموسكو وميونخ خلال الأيام الأخيرة، إضافة إلى اتصالات على المستوى الرئاسي ولكن دون حدوث أي “تفاهم.”

التطورات الأخيرة تذكرنا بأنه ما من حل عسكري للنزاع، وأن العملية السياسية مطلوبة في سبيل المضي نحو حل سياسي

وأشار بيدرسون إلى أن الحالة في جنوب سوريا تبقى مصدر قلق، فقد شهد شمال ريفي حلب تجددا في الأعمال العدائية، لا سيما حول وداخل عفرين، تل رفعت، نبول، الزهرة، حيث أفادت تقارير بحدوث إصابات في صفوف المدنيين. وقد أعرب المبعوث الخاص عن قلقه إزاء بروز تنظيم داعش إلى الواجهة من جديد، مع اعتداءات متكررة في منطقة الشمال الشرقي وفي البادية حول حمص ومناطق أخرى.

بيدرسون: سأبقى على انخراط كامل في الجهود الساعية نحو تحرير العملية السياسية وإطلاق عنانها

وقال بيدرسون إن الاقتصاد السوري لا يزال يواجه تحديات جمة ناتجة عن جملة من العوامل والتطورات. وأضاف:

“التطورات في سوريا تذكرنا بأن سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها تبقى جميعها معرضة لخطر كبير جراء النزاع المستمر، وتذكرنا أيضا بأننا لا زلنا بعيدين عن التوصل إلى سبيل يضمن التطلعات المشروعة للشعب السوري الذي يرنو إلى السلام والأمن ومستقبل أفضل. وتذكرنا أيضا أنه ما من حل عسكري للنزاع، وأن العملية السياسية مطلوبة في سبيل المضي نحو حل سياسي.”

وقال بيدرسون إنه كان يأمل في أن يسهم إطلاق اللجنة الدستورية في فتح الباب أمام المزيد من بناء الثقة وخلق زخم للعملية السياسية وهو ما لم يحدث حتى الآن، على حد تعبيره.

وبينما أكد مواصلته الضغط من أجل الهدوء الفوري، قال بيدرسون إنه سيبقي على انخراط كامل في الجهود الساعية نحو تحرير العملية السياسية وإطلاق عنانها، مشيرا إلى  تواصله مع الأطراف السورية لتضييق الفروقات بشأن جدول أعمال الدورة الثالثة للجنة الدستورية. ودعا بيدسون أعضاء مجلس الأمن إلى بذل كل ما في وسعهم في سبيل إيجاد مسار سياسي للمضي قدما.

شهادة طبيبة أطفال سورية عملت لخمس سنوات في مستشفى تحت الأرض

OCHA/David Swanson
مارك لوكوك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يلتقي بمجموعة من السائقين السوريين في الحدود السورية التركية.

من جانبه، بدأ مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، حديثه في جلسة مجلس الأمن بإحياء ذكرى زميلين من منظمة أوكسفام، قتلا، عصر اليوم الأربعاء، أثناء قيامهما بمهمة إنسانية في محافظة درعا، جنوبي سوريا.

وتطرق السيد لوكوك إلى لقائه أمس بالسيدة أماني بلور، وهي طبيبة أطفال سورية عملت لمدة خمس سنوات في مستشف،  بنيت تحت الأرض لتكون محمية من الغارات الجوية، على امتداد سنوات الحصار الخمس للغوطة الشرقية، وهي الآن موضوع فيلم وثائقي عنوانه “الكهف” تم ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار.

ونقل السيد لوكوك عن الطبيبة بلور قولها:

“إن نفس الأطفال الذين عالجتهم في الغوطة الشرقية تشردوا مجددا في إدلب وهم لا يزالون عرضة للقصف. مازالوا يشعرون بالرعب، ويفتقرون إلى المأوى والتعليم. هذه ليست بحياة.”

وأشار لوكوك إلى تفاقم الأوضاع منذ آخر إحاطة قدمها لمجلس الأمن حول الكارثة الإنسانية في شمال غرب سوريا، في 6 شباط/ فبراير، مشيرا إلى مقتل ما لا يقل عن 100 مدني في الفترة بين 1-16 من الشهر الحالي، في غارات جوية وبرية في الشمال الغربي، قائلا إن % 35 من الضحايا كانوا من الأطفال.

وأوضح لوكوك أن “الازدراء الصارخ بحياة المدنيين وسلامتهم يتنافى مع كافة الالتزامات التي يجب على كافة الأطراف مراعاتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.”

ونقل السيد لوكوك ما قالته ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن “ما من ملاذ آمن” في شمال غرب سوريا، وقال لوكوك إن “تعرض النساء والأطفال للقصف، واعتمادهم على حرق البلاستيك للتدفئة في ظل ظروف البرد القارس هو أمر وحشي يفوق التصور.”

وأضاف لوكوك أن النزوح الجماعي للمدنيين إلى مناطق تزداد صغرا في إدلب وحلب يلقي بأعباء إضافية على المجتمعات المحلية، مشيرا إلى أن معظم الأسواق مغلقة، مع ارتفاع باهظ في أسعار السلع الغذائية، حيث ارتفعت (الأسعار) بنحو 70% في الأشهر الستة الأخيرة.

500 مليون دولار لمساعدة ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص

وأشار لوكوك إلى أنه ومنذ ديسمبر الماضي توقف عن العمل 72 مستشفى أو مركزا للرعاية الصحية الأساسية، وأخرى  للرعاية المتخصصة، بالإضافة إلى العديد من العيادات المتنقلة. وتم كذلك  “تعليق خدمات يقدمها نحو مئتي طبيب، وأكثر من ثلاثمائة ممرضة وأكثر من خمسين قابلة قانونية.”

وقال السيد لوكوك إنه سيصدر خطة مراجعة خلال الأيام المقبلة لطلب نحو 500 مليون دولار تهدف لمساعدة ما لا يقل عن 11. مليون شخص، مشيرا إلى أنه يعمل مع الحكومة التركية لضمان فتح معبر باب الهوى لسبعة أيام في الأسبوع، وذلك لزيادة عدد شاحنات المساعدة التي تعبر إلى سوريا.

قد يعجبك ايضا