لماذا تسعى الرياض إلى إسكات الصوت الفلسطيني؟

بدأت السلطات السعودية خلال الأيام القليلة الماضية بجولة جديدة لاعتقال العديد من أبناء الجالية الفلسطينية القاطنين في عدد من المدن والمحافظات السعودية وذلك بسبب دعمهم لجبهة المقاومة في المنطقة وهذا الأمر يدل على أن الرياض تقوم بالعديد من الترتيبات الامنية الإقليمية لاحتضان صفقة القرن المشؤومة وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن السلطات السعودية قامت في وقت سابق باعتقال “محمد الخضري”، الذي كان مسؤولاً عن العلاقات بين حماس والسعودية لمدة 30 عاماً. ولفتت تلك المصادر الاخبارية إلى أنه من بين المعتقلين الجدد عدد من أطفال وأقارب المعتقلين السابقين، وأشارت تلك المصادر إلى أن الأسباب الكامنة وراء اعتقال أولئك الأشخاص لم تكشف عنها السلطات السعودية حتى هذه اللحظة، وذكرت تلك المصادر بأن السلطات السعودية اكتفت بإبلاغ أسر المعتقلين بأن المحكمة الجنائية ستنعقد يوم الـ 8 مارس من هذا العام للبث في قضاياهم.

الجدير بالذكر أن حركة المقاومة الإسلامية حماس نددت مراراً وتكراراً بالاعتقالات التعسفية التي يتعرّض لها الفلسطينيون القاطنون في السعودية، وطالبت بالإطلاق الفوري لسراح المعتقلين وذكرت بأن أنباء الجالية الفلسطينية القاطنة في عدد من المدن والمحافظات السعودية لا ينتمون إلى أي حزب سياسي أو تنظيم فلسطيني وإنما هم مجموعة من العمال الفلسطينيين يقدّمون الكثير من المساعدات المالية والإنسانية للشعب الفلسطيني.

صفقة القرن مع توابل الضغط والتهديد

واجهت صفقة القرن المشؤومة التي أزاح الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” عنها الستار مؤخرا، معارضة واسعة من مختلف الجماعات والفصائل الفلسطينية ولا سيما من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وفي هذا السياق، أدان رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” هذه الخطة المشؤومة ، قائلاً “إنه لن يقبل بهذه الصفقة المهينة”. وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن رئيسة وكالة الاستخبارات الأمريكية “جينا هاسبل”، قامت بإجراء زيارة سرية إلى مدينة “رام الله” وسط الضفة الغربية المحتلة، يوم الخميس الماضي وذلك بعد يومين من اعلان الرئيس الامريكي “دونالد ترامب”، عن خطته لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن” ولفتت تلك المصادر إلى أن هذه الزيارة جاءت بالأساس لمعرفة طبيعة رد فعل السلطة الفلسطينية على إعلان خطة “ترامب” وفرض الكثير من الضغوط على الجماعات والفصائل الفلسطينية لقبول هذه الصفقة المشؤومة وذكرت تلك المصادر أن “هاسبل” اجتمعت مع رئيس المخابرات الفلسطينية “ماجد فرج” ووزير الداخلية الفلسطيني “حسين الشيخ”.

يذكر أن الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” أعلن خلال الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية يوم السبت الماضي، بخصوص “صفقة القرن”، أنه أبلغ الاحتلال الإسرائيلي بقطع كل العلاقات معه ومن ضمنها الأمنية، متحدثاً كذلك عن قطع السلطة الفلسطينية التعامل مع الإدارة الأمريكية على خلفية سياستها تجاه فلسطين. وقال “عباس”: “قالوا لي إن الرئيس ترامب يريد أن يرسل لي الصفقة لأقرأها، فقلت لن أستلمها، ثم طلب ترامب أن أتحدث معه عبر الهاتف، فقلت لن أتكلم، وبعد ذلك قال (ترامب) إنه يريد إرسال رسالة لي، فرفضت استقبالها”. وأضاف: “رفضت استلام الصفقة والتحدث مع ترامب وتسلم أي رسالة منه، لأنه كان سيبني على ذلك للادعاء بأنه تشاور معنا”.

ويمكن رؤية سلسلة أخرى من الضغوط الأمريكية على السلطة الفلسطينية في تصريحات “جيرارد كوشنر” صهر الرئيس الامريكي ومستشاره الشخصي الذي قال بصراحة أنه إذا كانت القيادة الفلسطينية (محمود عباس) لا تجرؤ على الموافقة على هذه الخطة، فلربما سيوافق عليها القادة الفلسطينيون القادمون!. ومن الواضح أن تصريحات “جيرارد كوشنر”، الذي يُقال إنه المصمم الرئيس لما يسمى بصفقة القرن، تشكّل تهديدًا واضحًا لرئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس”.

وعلى الجانب الآخر من التهديدات التي اطلقتها أمريكا ضد السلطة الفلسطينية، هناك أيضا ضغوط سعودية على حركة المقاومة الإسلامية حماس وفي هذا السياق، قالت السعودية، التي تتوق إلى تنفيذ صفقة القرن المشؤومة، على لسان وزير خارجيتها “عادل الجبير”، إن “صفقة القرن لديها نقاط جيدة، ولهذا فإن الرياض سوف تساعد أمريكا لزيادة الضغط على حماس من خلال ممارسة الضغط على العائلات الفلسطينية القاطنة في السعودية، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى حماس أو يدعمونها بطريقة أو بأخرى”.

مستقبل العلاقات بين الرياض وتل أبيب

مع اقتراب بعض الحكومات العربية من إسرائيل ومحاولة تطبيع علاقاتها مع هذا الكيان الغاصب، تعتزم السعودية بذل الكثير من الجهود بقدر ما تستطيع لإقامة علاقات وثيقة وواضحة مع الكيان الصهيوني. في الواقع، لقد بذلت الرياض قصارى جهدها للمضي قدما في هذه الخطة المشؤومة وخلال السنوات الماضية لعبت دوراً بارزاً لتحقيق مشروع “صفقة القرن”، وذلك من خلال زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية باعتبارها أهم فصيل فلسطيني معارض لهذه الخطة المشؤومة.

وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية عن اجتماع عقد بين رئيس الوزراء الاسرائيلي “نتنياهو” وولي عهد السعودية “محمد بن سلمان مباشرة” قبل عدة أيام، ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن هذين الاثنين اجتماعا في منطقة “نيوم” الواقعة على البحر الأحمر وبعض تلك المصادر الاخبارية ذكرت بأن هاتين الشخصيتين سوف تجتمعان قريباً في العاصمة المصرية القاهرة.

الجدير بالذكر أن “بنيامين نتنياهو” يحتاج في وقتنا الحالي إلى ورقة رابحة أكثر من أي وقت مضى للفوز في الانتخابات الاسرائيلية، ويبدو أن الحكومة السعودية قد أعدت العدة لمساعدته ولعبت دوراً مهماً في إعداد الترتيبات الأمنية الإقليمية الجديدة التي قد تساعد “نتنياهو” على تنفيذ صفقة القرن المشؤومة. ولهذا يمكن تفسير الموجة الجديدة من الاعتقالات التي قامت بها السلطات السعودية في حق أبناء الجالية الفلسطينية الداعمين لمحور المقاومة في المنطقة، على أن السعودية تقوم بالكثير من الترتيبات الأمنية الإقليمية لاحتضان صفقة القرن وتنفيذها.

قد يعجبك ايضا