الجسر الطبي يعزف الموت البطيء لليمنيين

أرواحاً مزروعة بـ أجسادٍ تفتكها أمراض خبيثة ، أجساد توشك الروح على أن تنوح منها ، وعلى خط المطار تطيرُ الطيور ، وينظروا لها المرضى بـ أعينهم المحاطة بهالات سوداء من شدّة الألم ، ألم كان يأمل منه الأمل ، ويتلاشى الأمل عند اكتمال القمر ، ويظل المرضى في ساحة المطار . ويتمتمون لأنفسهم مانهاية أكذوبة الجسر الطبي؟؟

بعد عام ونصف من عراقيل من قبل دول العدوان والمنظمات الأممية ، يتم نقل 30 مريضاً من أصل 32 ألفاً تقدموا بطلبات السفر ؛ لتلقي العلاج عبر الجسر الطبي ، 220 ألف مريض يعانون من أمراض مستعصية وهم بحاجة ماسّة للسفر ، ونقلهم للخارج عبر “مطار صنعاء الدولي” المحاصر بسبب التقارير الأممية المزيفة والكاذبة.

ومنذ خمسة أعوام، يستمر حصار الشعب اليمني ، وتجرعهم لكؤوس المعاناة التي خلّفها تحالف العدوان والذي انطلق في الـ26 من مارس 2015م، فارضاً حصاراً ممنهج وقاتل وخانق على الأطفال والنساء وحتى كبار السن ، رغم تدميرهم للبُنية التحتية ، وتحولها إلى أسوأ أزمة إنسانية معاصرة في العالم، كما أسمتها الأمم الملتحدة، عبارة تختصر حجم الكارثة المحيطة بـ أبناء الشعب اليمني ولكنها مصائب كبيرة في اليمن، وفوائد جسيمة عند المنظمات العالمية ، شرّعت من خلالها إلى المتاجرة بأرواح الملايين من اليمنيين بتجارتهم الجديدة تحت مسمى “الجسر الطبي” الوسيلة الأخرى للتجارة بمعاناة اليمنيين وأرواحهم.

وأيضاً تعاني اليمن بين حين وآخر، منذ خمسة أعوام ، من اجتياحات لأمراض وأوبئة فتّاكة، كالكوليرا والدفتيريا وإنفلونزا “H1N1” والحصبة والملاريا وحمى الضنك والحميات النزفية والالتهابات الرئوية الحادة والتهاب السحايا الدماغية وجدري الماء والسعال الديكي ، إلى جانب النكاف والليشمانيا وداء الكلب والتهابات الكبد .

وعندها ساهم العدوان بتدمير البنية التحتية للقطاع الصحي ، وإخراجها عن نطاقها في جعل اليمن بيئة خصبة لانتشار الأوبئة ، وتفاقم الأمراض، وضاعف من تلك المعاناة ، نقل البنك المركزي إلى عدن والحصار المطبق المترافق مع العدوان و”إغلاق مطار صنعاء الدولي”.

مع ذلك، فإن عرقلة الأمم المتحدة لحل الأزمة الصحية تُضاف إلى تلك الأسباب، خاصة أن بمقدورها توفير كافة المتطلبات لتسهيل ذلك ، إذ تدرُّ إلى خزائنها مليارات الدولارات من الدول المانحة باسم إغاثة الشعب اليمني، لكنها لم تفعل مساحة كافية، وتقتضي إجراءات الإخلاء الطبي توفر مساحة كافية في الطائرة التي تنقل المرضى مع مرافقيهم، تحسّباً لحدوث أي حالة تتطلب النقل في وضعية الرقود على سرير بدلاً عن المقعد ، ما يتطلب طائرة توافق معايير الإخلاء الطبي ، توفر المساحة اللازمة، كما جاء في اتفاقية الجسر ، غير أن التغيير المفاجئ من قبل الأمم المتحدة استبدل بها طائرات أممية محدودة المساحة في حين أن “الناقل الوطني للجمهورية اليمنية طيران اليمنية أو غيرها من شركات الطيران التجارية المنتشرة حول العالم، يمكن أن توفر طائرات مطابقة للمعايير وتسيّر رحلات وفقاً للمعايير الطبية المتعارف عليها ، في حال عدم توفر طائرات نقل كبيرة تابعة للأمم المتحدة” كما جاء في بيان الوزارة، الذي أكّد التزام الأخيرة بمتطلبات وشروط تنفيذ الجسر من قبل الأمم المتحدة وتغاضيها عن الكثير من العقبات والاشتراطات غير المبررة استشعاراً لأهمية تسهيل إسعاف المرضى من أبناء الشعب اليمني وانقاذ حياتهم.

والعراقيل المتكررة وتبريراتها ، تدل على أن لا نية لدى المنظمة الدولية لحل معاناة اليمنيين ، ما يمكن أن يجعل من الجسر مجرد كذبة لا هدف لها سوى مفاقمة المعاناة، خاصة وأن الكثير من المرضى، يموتون وهم ينتظرون موعد السفر لتلّقي العلاج، فيما تتخذ المنظمات من المعاناة وسيلة لكسب الفائدة وتقديم نفسها على أن العمل الإنساني هدفها السامي، لا سواه.

وفيما أعربت وزارة الصحة عن الأمل في عدم تحول الأمم المتحدة إلى شريك متواطئ مع العدو في قتل المرضى بحرمانهم من حقهم في العلاج باستمرار “اغلاق مطار صنعاء الدولي”، و أنها أصبحت بطريقة أو بأخرى ، شريكة لهم طالما أنها متساهلة بهذا الشكل وتقوم بنقض الاتفاقيات”.

كما يؤكد لنا أن ذلك يعدّ أسلوباً من أساليب المنظمة لمحاولة اخضاع الشعب اليمني، بطلب من دول العدوان، وعلى رأسهم الدول الخليجية، لأنهم لم يستطيعوا اخضاع اليمن عسكرياً، و يحاولون استخدام جميع الأسلحة سواءً كانت أخلاقية أو غير أخلاقية وهي ليست حيادية إنما تتبع دول العدوان.

قد يعجبك ايضا