مبادرة شبابية تُنقذ حِرفة صناعة الأنسجة الحوَكية من الإندثار بالحديدة.
أنور الطيب
” لا مستحيل مع الإرادة “هكذا بدأ الشاب أيمن العربي ( 35 عاماً )حديثه معنا وهو صاحب فكرة إنشاء مشغل لحياكة الأنسجة التهامية الحَوَكية الأصيلة و إحياء تراثها من جديد .
يقول أيمن لموقع الحديدة نيوز ” كنت أبحث لشراء لحاف وفرش لمنزلي من هذه النوعية الحَوَكية
إلا أنها منقرضة تماماً من الأسواق كونها كانت تُصنع في منطقتَي منظر والدريهمي وبسبب الحرب التي فرّقت أهاليها وازدياد معاناتهم لم يستطيعوا مزاولتها في أماكن نزوحهم لعدم توفر الإمكانيات المادية وبالتالي اندثرت فتبادر لذهني فكرة إنشاء مشغل للحياكة وتوفير فرص عمل للنازحين من تلك المنطقتين..
عرض الشاب أيمن الفكرة على نبيل بكيره وصديقه محمد بدر مساوى وبدورهم رحبوا بها وتعاونوا بمجهود ذاتي، وبدأو بتوفير الأدوات و المعدات وكل ما يحتاجه المشغل وتم افتتاح معملين تحت سقف المشغل وحاليا هم بصدد إنشاء معملين آخرين بحيث يتم إنتاج ثمان قطع يومياً “.
الحاج / شعيب مرعي (82 عاماً ) أحد النازحين العاملين بهذه الحرفة يقول” بعد أن نزحت من منطقتِي( منظر ) لم أستطع القيام بأي عمل آخر لأنّي تعوّدت على شغل الحياكة ، وعندما أقام الشباب هذه المبادرة عرضوا عليَّ العمل في المشغل ؛ فوجدتُها فرصة لتوفير الدخل لأسرتي بدلاً من الاتكال على ماتقدمه المنظمات – ما بين أشهر – من مساعدات إغاثية .
(عصام الرسمي ) أحد الزبائن الذين وجدناهم أثناء زيارتنا للمشغل
يقول” كنت أعتقد أن هذه الحرفة لن تعود مجدداً للواجهة
وعندما مررت من أمام المشغل تفاجأت حقيقةً بوجود مشغل للحياكة في مدينة الحديدة
ولأني كنت أبحث عن لحافات ومعاوز حوَكية طلبتُ قطعتين ، وسأطلب المزيد لاحقاً، ولَدَيّ أصدقاء كثيرون يودون شراء مثل هذه المنتجات سآتي بهم لهذا المشغل”
وحول الصعوبات التي واجهت شباب المبادرة يقول أيمن ” لاقينا صعوبة في إيجاد الأدوات التي نشتغل عليها في المشغل ، فحاولنا إيجاد بدائل مشابهة تحمل نفس الميزات القديمة ، وأكبر عائق واجهناه ومازال يواجهنا هو غلاء سعر الخيوط وانعدام بعض الألوان ،ويوجد مورِّد واحد فقط في اليمن لهذه الخيوط ويتحكّم بأسعارها دون أن ينافسه أحد عليها ، و تُكلِّف القطعة الواحدة من 18 إلى 20 ألف ريال دون قيمة الأجور والأرباح ،
ولدينا استعداد – حالياً – لبيعها بنفس التكلفة، والنظر للربح لاحقاً بعد أن يزداد الطلب ؛
لأن الغرض من إنشائنا للمشغل هو إحياء هذه الحِرفة المنقرضة وتوفير فرصة عمل للنازحين ” .
لاقت المبادرة الشبابية إعجاباً وتشجيعاً كبيراً في الأوساط التهامية كونها تهدف للحفاظ على مهنة تعد من المهن التراثية الشعبية القديمة التي اشتهرت بها محافظة الحديدة وعدد من مديرياتها كالدريهمي وبيت الفقية والمراوعة وزبيد وغيرها من المديريات
لقد حققت هذه المبادرة أهدافاً إنسانية نبيلة بتوفير فرص عمل للنازحين. بعدما خسروا وفقدوا أعمالهم ومعاملهم ومساكنهم وكل شيء في مناطقهم ، إضافةً لإحياء حياكة الأنسجة الحوكية التهامية الأصيلة والتراثية لبساً وفرشاً .