هايتي: البعثة الأممية تنهي ولايتها اليوم بعد 15 عاما من العمل المتواصل — لتبدأ في البلاد مرحلة جديدة من الشراكة مع الأمم المتحدة
في اليوم الأخير من ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم العدالة في هايتي، أكد وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، جان بيير لاكروا، أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء، على أن الأمم المتحدة ستواصل دعمها للبلاد > غير أن الخروج من الأزمة السياسية الحالية “مسؤولية الهايتيين”.
ومنذ خمسة عشر عاما، نشرت الأمم المتحدة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي (مينوستا)، وهي عملية لحفظ السلام أنشأها مجلس الأمن لدعم استقرار البلد الذي عانى من أزمات سياسية متعاقبة. وفي تشرين الأول / أكتوبر 2017، مهدت مينوستا الطريق لبعثة أممية جديدة تعرف باسم “مينوجوست” والتي تنهي ولايتها اليوم، 15 تشرين الأول / أكتوبر.
“اليوم، في هذا اليوم الأخير من ولاية “مينوجوست”، ومع الهايتيين أنفسهم، نطوي صفحة حفظ السلام في البلاد” لتنتقل إلى مرحلة جديدة وبعثة مختلفة بتفويض جديد، بحسب وكيل الأمين العام الذي قال في كلمته إنه على مدى السنوات الـ 15 الماضية، ضحى 188 من أفراد الجيش والشرطة والمدنيين التابعين للأمم المتحدة بأرواحهم في سبيل الاستقرار في هايتي.
وأشار لاركوا إلى أن الفصل الأخير من ولاية البعثة اتسم “بنجاحات مشتركة مع شعب هايتي، ولكن أيضا بمأساة الزلزال، والفرص الضائعة، والدروس المستفادة عما يجب أن نقوم به على أفضل وجه”.
في هذا اليوم، دعا وكيل الأمين العام إلى “التفكير مليا في جميع هذه الجوانب، التي تشكل الأساس الذي يمكننا من خلاله الدخول في المرحلة التالية من شراكة هايتي مع الأمم المتحدة”.
مسؤولية الخروج من الأزمة الحالية تقع على عاتق الهايتيين
وفي كلمته أمام أعضاء مجلس الأمن الخمس عشرة، قال وكيل الأمين العام إن البلاد تواجه أزمة سياسية كبيرة، تتقاطع مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية، التي بدورها تؤثر على البيئة الأمنية، مما يغذي عدم الاستقرار السياسي ويشكل حلقة مفرغة شهدتها البلاد عدة مرات.
بالنسبة لرئيس عمليات السلام، فإن القدرة والمسؤولية للخروج من الأزمة الحالية في هايتي والتي قد تقوض التقدم المحرز في السنوات الأخيرة، “تقع على عاتق الهايتيين من جميع الأطياف السياسية”، قائلا “إن التزامهم بالحوار السياسي بحسن نية، ورفضهم للعنف، واستعدادهم للبحث عن حلول توافقية هو وحده الذي يمهد الطريق لإيجاد حلول للجذور السياسية والمؤسسية لعدم الاستقرار المتكرر في هايتي”.
انتهاء ولاية “مينوجوست” لا يعني خروج الأمم المتحدة من هايتي
وأمام أعضاء المجلس، أثنى لاكروا على الجهود التي بذلتها الممثلة الخاصة للأمين العام في هايتي، هيلين لاليم، وعناصر البعثة حتى آخر يوم من ولايتها، من أجل مواصلة الحوار- بالتنسيق مع الشركاء الدوليين- مع مجموعة واسعة من المحاورين، بهدف تعزيز الحلول الهايتية للتحديات الحالية. هذا وستبقى لاليم في هايتي إذ اختار الأمين العام أنطونيو غوتيريش إبقاءها كممثلته الخاصة في البلاد وعينها يوم الثلاثاء على رأس مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتي أو ما يعرف ب “بينو” (BINUH).
وفقا للاكروا، يجب أن تستمر الجهود التي تبذل حتى الآن في هايتي عن طريق حفظ السلام في سياق تكوين الأمم المتحدة الجديد في البلد، وبعد تسوية الأزمة الحالية. “سيكون هذا ضروريا للمساعدة في تهيئة الظروف لحوار طويل الأجل، يمكن أن تنشأ منه رؤية وطنية للإصلاحات”، على حد قوله.
وأوضح وكيل الأمين العام أن إغلاق بعثة الأمم المتحدة في هايتي في هذا السياق الصعب “لا يعني خروج الأمم المتحدة من هايتي. بل على العكس، سيؤدي ذلك إلى استمرار دعم الأمم المتحدة لهايتي، بشكل آخر”.
إعادة بلورة الأولويات
واستنادا إلى الإنجازات والدروس المستفادة من بعثتيْ مينوستا ومينوجوست، ومن خلال إصلاحات الأمين العام داخل الأمم المتحدة، فإن عملية حفظ السلام، بحسب لاكروا، هي فرصة لإعادة بلورة أولويات منظومة الأمم المتحدة، لتتمكن من تقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب للشعب الهايتيّ.
التقدم الذي تحقق في هايتي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ليس بضئيل؛ لكن مكاسب الاستقرار لا تزال هشة ويجب أن تكون متجذرة في الديمقراطية والتنمية– وكيل الأمين العام، جان بيير لاكروا
وأوضح وكيل الأمين العام أنه من خلال هذا الانتقال، ستكيف الأمم المتحدة قدرتها مع الاحتياجات على أرض الواقع، من خلال الدور السياسي والمساعي الحميدة التي تدعمها البعثة الجديدة “بينو”، والتي تركز على تعزيز الحلول السياسية، في حين أن يتولى الفريق القطري جميع أنشطة الدعم البرمجي والتقني.
لقد أرشد مبدأ الصلة الوثيقة بين السلام والأمن والتنمية جميع مراحل عمليات التخطيط للانتقال من مهمة السلام إلى المهمة السياسية، وتحديد أولويات الأمم المتحدة الخاصة خلال الفترة المقبلة وتوفير التكامل في تنفيذها. وبالمثل، فإن المؤشرات الجديدة، التي طلبها هذا المجلس والتي وردت في تقرير الأمين العام، تعكس توجها سياسيا أقوى وتشمل أهدافا اجتماعية اقتصادية أساسية لاستقرار هايتي، وفقا لأهداف التنمية المستدامة.
وشدد لاكروا على أن “التقدم الذي تحقق في هايتي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ليس بضئيل؛ لكن مكاسب الاستقرار لا تزال هشة ويجب أن تكون متجذرة في الديمقراطية والتنمية”.
ووفقا لما ذكره وكيل الأمين العام، فإن بدء عمليات “بينو”، يوم الأربعاء سيمثل “تجدد التزام الأمم المتحدة بالاستقرار والازدهار في هايتي”. وفي تلك المناسبة، شجع شعب هايتي على مواصلة العمل عن كثب مع الأمم المتحدة من أجل “الحفاظ على التقدم المحرز وتعزيزه وتحقيق تطلعاته للمستقبل”.