تقرير أممي حول الصراع في سوريا يسلط الضوء على الاحتجاز اللاإنساني للنساء والأطفال
قال محققون مستقلون، يوم الأربعاء، إن سكان شمال غرب سوريا يواجهون أعمال عنف متصاعدة، ولا يزال عشرات الآلاف من النساء والأطفال يعيشون في “ظروف غير إنسانية” في مخيم بعيد في الجانب الآخر من البلاد.
هذا بحسب لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في سوريا التي وصفت على لسان رئيسها باولو بينيرو، الوضع في مخيم الهول بأنه “مروع” ، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك.
سكان مخيم الهول معرضون لخطر انعدام الجنسية
وقالت اللجنة في تقريرها الأخير عن النزاع السوري إن معظم الأطفال البالغ عددهم حوالي 3500 طفل، المحتجزين هناك، لا يملكون وثائق ولادة.
لا يزال هناك ما يصل إلى 70،000 شخص محتجزين في ظروف مزرية وغير إنسانية في مخيم الهول، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال دون سن الثانية عشرة– السيد باولو بينيرو
وأوضح باولو بينيرو، رئيس اللجنة، أنهم يخاطرون بتركهم عديمي الجنسية لأن الدول الأعضاء تبدو غير راغبة في إعادتهم إلى الوطن، خوفا من ارتباطهم بالتطرف.
وقال: “لا يزال هناك ما يصل إلى 70،000 شخص محتجزين في ظروف مزرية وغير إنسانية في مخيم الهول، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال دون سن الثانية عشرة”.
ووجه نداء متحمساً نيابة عنهم قائلا: “إن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما – هم أطفال ومراهقون – ونعتقد أنه أمر غريب جدا … هل نعرف مكان هؤلاء الأطفال؟ كلا، لا نعرف؛ ربما يمكنكم أن تسألوا الدول الأعضاء أين هؤلاء الأشخاص ولماذا يعتبرون إرهابيين إذا كانوا يبلغون من العمر أكثر من 12 عاما. ترى اللجنة أن هذا الأمر مروع تماما”.
- إقرأ أيضا–هاني مجلي: حكومات الرعايا الأجانب المقيمين في مخيم الهول بسوريا ترفض عودتهم تخوفا من علاقتهم بداعش
ووفقا لتقرير اللجنة، فإن الاستجابة الإنسانية للاحتياجات في مخيم الهول “لا تزال غير كافية على الإطلاق”، في ظل تسجيل مئات الوفيات التي يمكن الوقاية منها.
وقال المحققون إن 390 طفلا على الأقل ماتوا بسبب سوء التغذية أو بسبب عدم معالجة جروحهم.
بالإضافة إلى ذلك، لا يتم توفير الدعم النفسي الذي تمس الحاجة إليه إلا على أساس محدود للنساء والأطفال الإيزيديين، الذين فروا من مذابح داعش في العراق المجاور عام 2014.
“ضغط هائل” لتقديم الخدمات
وعطفا على النتائج التي توصلت إليها اللجنة، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) إنه يشاطر أعضاء اللجنة مخاوفهم، مضيفا أن أكثر من 30 شريكا في المجال الإنساني يواجهون “ضغوطا هائلة” لتقديم الخدمات في مخيم الهول.
وأوضح المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يانس ليركيه أن “الأشخاص الذين فروا إلى المخيم عانوا تحت حكم داعش لسنوات، ووصل الكثيرون إلى المخيم في حالة صحية سيئة” مشيرا إلى أنه مع توسع المخيم من 10،000 شخص “إلى أكثر من 70،000 في غضون أشهر” كثفت المنظمات الإنسانية استجابتها” في محاولة لتغطية احتياجات السكان.
في حين أن الاحتياجات في الهول لا تزال مرتفعة، تحسنت الخدمات تدريجيا، لا سيما فيما يتعلق بالصحة، بوجود ثلاثة مستشفيات ميدانية جديدة في المخيم.
مديرو المخيم “غير مهتمين بمستقبل الأطفال”
مؤكدة على نداء السيد بينيرو من أجل المساعدة الدولية، أصرت عضوة اللجنة كارين أبوزيد على أن الأمر لا يتعلق بإلقاء اللوم على أحد الجانبين أو آخر.
المسؤولون عن هذه المخيمات لديهم موارد محدودة . ويتم تعيينهم في أماكن لا يوجد فيها أشخاص جيدون مسؤولون، أو أشخاص مهتمون حقا بمستقبل الأطفال– السيدة كارين أبو زيد
وأوضحت قائلة إن “المسؤولين عن هذه المخيمات لديهم موارد محدودة أيضا. أقصد أنه يتم تعيينهم في أماكن لا يوجد فيها أشخاص جيدون مسؤولون، أو أشخاص مهتمون حقا بمستقبل هؤلاء الأطفال، أو أي شخص آخر في هذه المخيمات، بمن فيهم النساء”.
وسلط السيد بينيرو الضوء على اتفاقية حقوق الطفل، التي تدعو الدول صراحة إلى حماية الأطفال وتسجيلهم فور ولادتهم، وأكد أن هناك “مسؤولية مشتركة بين عدة دول أعضاء” فيما يتعلق بحالة المخيم. “أعتقد أنه سيكون من الظلم إلقاء اللوم على أولئك الذين يحتجزون هؤلاء الناس هناك”.
وفيما أطلع الصحفيين حول النزاع في أماكن أخرى من البلاد، بما في ذلك إدلب ودير الزور، أصر السيد بينيرو على أن المدنيين ما زالوا يتحملون وطأة الأعمال العدائية.
أكثر من 13 مليون نازح بسبب الصراع
أكثر من ثماني سنوات من الحرب شردت الآن 13 مليون شخص، وفقا لتقرير لجنة التحقيق المستقلة، وسط أعمال عنف شملت القوات المدعومة من الحكومة ومقاتلي هيئة تحرير الشام والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وكذلك القوات الديمقراطية السورية.
في إدلب، “هاجم إرهابيو هيئة تحرير الشام المواقع العسكرية للقوات الموالية للحكومة وأطلقوا صواريخ بشكل عشوائي على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة”، كما ذكر بينيرو الذي أشار إلى “مقتل وتشويه العشرات من المدنيين في ريف حلب وحماة وأماكن أخرى”.
وأشار أيضا إلى أن ذلك حصل على الرغم من الاتفاق بين روسيا وتركيا في أيلول/سبتمبر 2018 لإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب.
في محاولة للإطاحة بمقاتلي هيئة تحرير الشام، أضاف السيد بينيرو، “تصاعدت بشكل كبير الهجمات الجوية والبرية التي تشنها القوات الموالية للحكومة للإطاحة بهؤلاء المتشددين والجماعات المسلحة التابعة لهم من إدلب وشمال حماة واللاذقية وغرب حلب” في شباط/فبراير، مضيفا أن تدمير البنية التحتية الضرورية لبقاء السكان المدنيين، أدى إلى فرار ما يقرب من نصف مليون مدني.
العنف الذي يستهدف الإرهابيين “يصيب المستشفيات والأسواق والمدارس”
وفقا لتقرير اللجنة، دمر هذا العنف البنية التحتية “الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، بما في ذلك المستشفيات والأسواق والمرافق التعليمية والموارد الزراعية، وإجبار مئات الآلاف على الفرار”.
ويسلط تقرير اللجنة المكون من 21 صفحة الضوء أيضا على الأعمال القتالية في الشرق التي شملت “عمليات واسعة النطاق” من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والقوات الديمقراطية السورية والتي تسببت في “دمار واسع النطاق” للمدن والقرى في هجين والباغوز وما حولها في دير الزور.
في المناطق التي استردتها الحكومة – مثل درعا في الجنوب ودوما بالقرب من دمشق – تم إلقاء القبض على المدنيين، بمن فيهم العائدون حديثا، واحتجازهم تعسفا، حسبما يؤكد التقرير. ويضيف التقرير أن مئات الآلاف من المدنيين في كلا الموقعين يفتقرون أيضا إلى إمكانية الحصول على المياه والكهرباء والتعليم.