اليمن: فشل جماعي ومسؤولية جماعية
دعا تقرير أممي بشأن اليمن إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف ضد المدنيين، التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وطالب الأطراف باتخاذ إجراءات لحماية المدنيين وضمان العدالة لجميع الضحايا.
جاء ذلك في تقرير فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن*، الذي شكله مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. في التقرير المعنون “اليمن: فشل جماعي، مسؤولية جماعية” وجد الخبراء أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الأعمال العدائية التي يقودها أطراف النزاع، من خلال الغارات الجوية والقصف، ما زالت تؤثر بشكل خطير على المدنيين، وأن جزءاً كبيراً من هذه الهجمات قد يرقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
وخلص فريق الخبراء إلى أن حكومات اليمن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكذلك الحوثيين واللجان الشعبية التابعة لهم، قد استفادوا من “غياب المساءلة” حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وحث التقرير الدول الأخرى على الامتناع عن توفير الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع، وذكّرها بالتزامها باتخاذ جميع التدابير المعقولة لضمان احترام كل أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي.
إعاقة الوصول الإنساني
ويفصل التقرير مجموعة من جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها أطراف النزاع المختلفة خلال السنوات الخمس الماضية عبر الغارات الجوية، والقصف العشوائي، والقناصة، والألغام الأرضية، فضلاً عن القتل والاحتجاز التعسفيين، والتعذيب، والعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس، وإعاقة الوصول إلى المساعدات الإنسانية في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وذكر بيان صحفي صادر عن الفريق أن الخبراء وجدوا أسبابا معقولة للاعتقاد بأن أطراف النزاع المسلح في اليمن مسؤولون عن الحرمان التعسفي من الحق في الحياة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتعذيب، وسوء المعاملة، وتجنيد الأطفال، وانتهاك الحريات الأساسية، وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي ترقى إلى انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، حسب الاقتضاء.
وقال البيان إن العديد من هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى تحميل الأفراد المعنيين، المسؤولية عن جرائم الحرب فيما لو أحيلت الى محكمة مستقلة ومختصة.
وقال كمال الجندوبي رئيس فريق الخبراء: “بعد مرور خمس سنوات على النزاع، لا تزال الانتهاكات ضد المدنيين اليمنيين مستمرة بلا هوادة، مع ضرب عرض الحائط بمحنة الشعب وغياب أي إجراءات دولية لمحاسبة أطراف النزاع. يجب على المجتمع الدولي أن يضاعف جهوده لتحرير الشعب اليمني من الظلم المستمر الذي يعاني منه”.
وعلى الرغم من عدم تعاون التحالف والحكومة اليمنية، كما قال البيان، إلا أن فريق الخبراء تمكن خلال الفترة القصيرة المتاحة هذا العام من إجراء أكثر من 600 مقابلة مع الضحايا والشهود، ومراجعة مواد وثائقية ومفتوحة المصدر، فضلاً عن التحقيق في حالات رمزية لتحديد الأنماط السلوكية التي تشير إلى حصول انتهاكات مزعومة في اليمن منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
قائمة أسماء سرية
وحدد فريق الخبراء، حيثما أمكن، الأفراد المسؤولين على الأرجح عن الجرائم الدولية، وقُدمت قائمة سرية محدثة بأسماء الأفراد إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. وعندما استحال تحديد الأفراد، حدد فريق الخبراء الجماعة المسؤولة.
وأضاف الجندوبي: “لا يمكن التسامح بعد الآن بشأن الإفلات المستشري من العقاب – على الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبها جميع أطراف النزاع. يجب تمكين التحقيقات الحيادية والمستقلة لمحاسبة أولئك الذين لا يحترمون حقوق الشعب اليمني. كما يجب على المجتمع الدولي التوقف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات وعن الوضع الإنساني الذي لم يعد محتملا”.
وعزا فريق الخبراء المسؤولية المباشرة عن الحالة الإنسانية في اليمن إلى أطراف النزاع. حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية الكارثية بسبب أثر الهجمات الشديد والمستمر على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، والمرافق المائية، ونقل الغذاء، والمزارع والأسواق، وكذلك حالات الحظر والحرب الشبيهة بالحصار التي تعوق وصول المساعدات الإنسانية، وغيرها من التدابير المماثلة.
وقال الجندوبي “إن حرمان السكان اليمنيين اللاإنساني من حقوقهم في الأدوية، والماء، والغذاء، يجب أن يتوقف فوراً. ويجب إعطاء الأولوية لبقاء 24 مليون شخص معوزين على قيد الحياة”.
وأعرب فريق الخبراء عن قلقه الشديد من أن يكون أطراف النزاع قد استخدمت الجوع كوسيلة حرب، إذ ساهمت هذه الأعمال في حرمان السكان من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.