خضرة التي هدم منزلها ثلاث مرات.. وسكان الخان الأحمر الذين ضغط عليهم الاحتلال لتهجيرهم.. وأطفال مدرسة جب الذيب.. بعض ممن عملت مؤسسة “أدوار” على مساعدتهم في فلسطين
الدكتورة سحر يوسف القواسمة، هي المديرة العامة لمؤسسة “أدوار” التي تتخذ من محافظة الخليل بفلسطين مقرا لها. تأسست أدوار منذ عام 2010 للعمل على تغيير النوع الاجتماعي في الواقع الفلسطيني من خلال تمكين النساء والفتيات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما شرحت الدكتورة سحر في حوار خاص مع الزميلة مي يعقوب بمناسبة #اليوم_العالمي_للعمل_الإنساني الذي يركز هذا العام على الدور الهام الذي تلعبه النساء في السياق الإنساني.
أهداف هذه المؤسسة الأهلية غير الربحية هي بناء مجتمع فلسطيني مدني ديمقراطي، يضمن الرفاهية والإنصاف للنساء والفتيات والرجال، بحسب سحر القواسمة، التي أشارت إلى “أهمية العمل الإنساني” و”التنمية” في آن معا، لأن تمكين أفراد المجتمع وخاصة النساء من إعادة بناء حياتهن، بحسب تعبيرها، هو ما يساعد على استقرار المجتمعات وصمود الفلسطينيين في أرضهم، مسترشدة بالمثل القائل:
“لا تطعمنا سمكة بل علمني كيف أصطاد السمك”.
السيدة سحر تحدثت عن بعض المشاريع التي قامت بها مؤسستها على الأرض خاصة عندما دخلت المنطقة جيم في 2011، ولاحظت صعوبة في الحديث عن مواضيع مثل “العنف القائم على نوع الجنس”، والعنف ضد المرأة، والتمكين الاقتصادي، وإعطاء مشاريع إنتاجية مدرة للدخل، فيما يتم هدم بيوت هذه النساء!!
قصة خضرة التي هدم منزلها ثلاث مرات
كانت سحر وفريقها ينزلون إلى الميدان ويقدمون الدعم النفسي والاجتماعي. ولكن كانوا في المقابل يسمعون شكاوى النساء عن هدم بيتوهن، وهدم الثروة الحيوانية والزراعية حول منازلهن، والتي كانت تدر عليهن الدخل بما في ذلك الحليب والجبن واللبن الذي يغذي أولادهن وبناتهن. “هذا ما أحدث تحولا لدى “أدوار” لتضيف العمل الإنساني تحت البرنامج الاجتماعي من منطلق إيمانها أنه
من الصعب أن نتحدث عن تنمية دون أن نشتغل على العمل الإنساني”، كما توضح سحر في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة.
“أدوار” تختلف عن أوتشا في وجهة نظرها ومنجها، تتابع سحر، “فهي لا تفصل العمل الإنساني عن التنمية”.
وخضرة التي هدم بيتها 3 مرات، هي مثال عما تقوم به “أدوار” التي أعطها مشروعا مدرا للدخل من خلال زراعة المحاصيل وتربية الدواجن حول بيتها. مما أحدث تحولا في حياة خضرة. “أدوار” وفرت أيضا لحماة خضرة التي تعاني من مشاكل في أذنيها ولا تستطيع شراء سماعة، سماعات، ساعدتها على إدراك ما يجري من حولها من جديد.
وهكذا عندما لمست “أدوار” في عملها هذه المواقف، دخّلت العمل الإنساني في منهجها وبقوة، تقول سحر. ولكن شعرت “أدوار” بالصدمة عندما أدركت أن هناك منظمات تعمل في مجال العمل الإنساني ولا تدعمها… مما دفع “أدوار” للتوجه إلى القطاع الخاص، فاستطاعت إبرام اتفاقيات بشأن العمل الإنساني.
قصة تهجير سكان الخان الأحمر
الخان الأحمر هي قرية فلسطينية بدوية في محافظة القدس، تقع على الطريق السريع 1 شرق مدينة القدس، وبالقرب من مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، بلغ عدد سكانها عام 2018 حوالي 173 بدوياً من بينهم 92 طفل يعيشون في الخيام والأكواخ من قبيلة الجهالين البدوية، وهي من القرى الفلسطينية المحتلة عام 1967.
تكتسب القرية أهميتها الاستراتيجية لأنها تربط شمال وجنوب الضفة الغريبة، وهي من المناطق الفلسطينية الوحيدة والمتبقية في منطقة “E 1” ومؤخرا قررت محكمة العدل العليا لحكومة الاحتلال إخلاء وطرد سكان القرية.
يعني حتى السندويشات التي كانت توزع لدعم صمود الناس، وكانت توزع على الرجال والناس الجالسة في الخيمة، ولم تكن تصل إلى النساء
“كل البلد حكيت فيها في الإعلام”، قالت سحر عن هذه الحادثة التي أراد بها الاحتلال الإسرائيلي الضغط على سكان الخان الأحمر ليتهجروا من قريتهم، فيأخذوا بيوتهم وأراضيهم.
سحر ذهبت إلى خيمة التضامن التي تقام في فلسطين في هذه المواقف والتي يجلس فيها الرجال دائما. “الكل يعرفني هناك، فأنا مديرة مؤسسة تساعد المحتاجين”، تضيف مديرة “أدوار”، التي كانت تذهب إلى خيمة الرجال قليلا ومن ثم تتوجه إلى خيم النساء وبيوتهن. الحكومة الفلسطينية بعد أن تم تهديد هذه القرية بالتهجير، أصدرت قرارا بتوزيع الماء والطعام على السكان. ولكن النساء قلن لسحر إنهن “لم يحصلن على شيء”!!
“يعني حتى السندويشات التي كانت توزع لدعم صمود الناس، وكانت توزع على الرجال والناس الجالسة في الخيمة، ولم تكن تصل إلى النساء!”، تصرخ سحر.
“أدوار” اتصلت مباشرة بأهل الخير والناس الميسورين. وبما أن كل سكان محافظة الخليل من الإسلام، حسب تعبير سحر، ف “أدوار” توجهت إلى هذه الفئة من منطلق الزكاة وأهميتها وأهمية مساعدة المحتاجين والصدقة وإلى ما هنالك. ووزعت ما يتكرمون به على النساء.
سحر تتعامل أيضا مع الكنائس والمؤسسات المسيحية في القدس. تلك المنظمات الكنسية غير الربحية “تحترمني كثيرا وتقدرني” كما تقول سحر، و”يدعمونني ويرسلون إليّ المساعدات الطبية وأدوات النظافة والإسعافات الأولية والمساعدات الغذائية. وأنا بدوري أقدمها للنساء.”
قصة هدم مدرسة جب الذيب
هدمَ الاحتلال مدرسة جب الذيب التي تقع في المنطقة جيم. هناك تجمعات في هذه المنطقة يصل عدد سكانها إلى 300 نسمة، وأخرى تضم حوالي ألف نسمة، كما أن هناك تجمعات تضم حوالي 7 آلاف، وفقا لسحر. وتعمل “أدوار” في كل هذه التجمعات. لأنها تؤمن بأن سرّ صمود الشعب الفلسطيني هو النساء.
لولا أن نساءنا هن من يرعين الغنم ومن يزرعن ويعملن في المنزل ومن يبنين معنا زريبة الحيوانات، لكُنّا نحن الرجال قد سلمنا أراضينا للمستوطنين
وكمثال على ذلك تسرد لنا سحر ما قالوه لها الرجال أنفسهم في “مسافر يطّا” جنوب محافظة الخليل، وهي منطقة مهمشة تعمل مؤسسة أدوار على مساعدة أهلها:
“لولا أن نساءنا هن من يرعين الغنم وهن من يزرعن ويعملن في المنزل وهن من يبنين معنا زريبة الحيوانات، لكُنّا نحن الرجال قد سلمنا أراضينا للمستوطنين”.
للمرأة الفضل في إنجاز كل هذه الأدوار المعقدة والصعبة. فمن خلال استراتيجيات التكيف والصمود استطاعت المرأة أن تثبت السكان في الأرض، تتابع سحر، “وهذا إيمان “أدوار”، التي تشدد في هذا السياق على أهمية دعم المرأة واستهدافها في البرامج التنموية.
“الكثيرات منهن يقلن لي: “يكفي أنك تأتين إلى هنا وتستمعين إلينا”.. أجلس معهن على الأرض.. على الفرش.. يضعن أحيانا بعض الزبدة والخبز، فآكل معهن، ندردش سويا. فيقلن لي: لا نريد منك شيئا، ولكن يكفي أنك زرتنا واستمعت إلينا.”