في اليوم العالمي للعمل الإنساني، من قطاع غزة: بصمات خاصة لمساهمة النساء في الميدان

بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي خصصته المنظمة الأممية هذا العام لإلقاء الضوء على مركزية عمل المرأة، يحتفي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بفعالية مختلفة، يجمع فيها اللحظات اليومية لحياة النساء العاملات في المجال الإنساني، من خلال سلسلة من المقالات المختلطة التي تروي قصصهن وخبراتهن.

 

في حوار خاص مع مديرة برامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة في قطاع غزة، تحدثنا الأستاذة هبة زيان عن الفعالية التي ينظمها الفريق القطري للعمل الإنساني، مجموعة الدعم والمناصرة وبمشاركة عدد من مؤسسات الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني والنساء الفاعلات في الميدان اللاتي يشاركن في تقديم العون والدعم الإنساني بكافة الطرق، للنساء.

 

وتقول الأستاذة هبة زيان إن هذه المناسبة تسلط الضوء بشكل خاص على دور النساء في العمل الإنساني، واللاتي يضطلعن بدور العاملات في الميدان، وكذلك “على النساء اللاتي يستفدن من الدعم الإنساني، خاصة في وقت الطوارئ والأزمات”.  وتضيف السيدة إن “الفعالية هي لتوضيح الدور الإيجابي للنساء في العمل الإنساني الذي لا يقوم فقط على تقديم مساعدات أولية للضحايا وإنما أيضا يقوم على رفع صوت الناس المتأثرين من النزاع إلى صانعي السياسات، لتغيير برامج العمل الإنساني لتكون أكثر استجابة المجتمع، وتحديدا لحاجات النساء”.

 

من ناحية التحديات الخاصة التي تواجه كل العاملين، من النساء والرجال في العمل الإنساني، وفي الأرض الفلسطينية المحتلة تحديدا، تشرح الأستاذة هبة زيان أن دور العاملات في العمل الإنساني يكتسب أهمية خاصة، وذلك لقرب النساء من كافة فئات المجتمع، وقربهن، خاصة في وقت الأزمات، من النساء المتعرضات لها.

 

خصوصا “ممن هجرن أو فقدن المنازل أو الأحبة أو وضعن في ملاجئ وتعرضن أيضا لأزمات أثرت على وضعهن الصحي والنفسي والجسماني”.

 

تحديات أمام المؤسسات النسوية

وتضيف زيان أن “العاملات في المؤسسات النسوية يواجهن تحديا مزدوجا. التحدي الأول هو الحاجة الكبيرة للنساء في الميدان، خاصة وأن النساء في وقت الأزمة يضطلعن بأدوار أكثر، مثل العناية بالأطفال، وبالأسرة، فتصبح المرأة كما هي دائما العمود الفقري لحماية الأسرة من الهشاشة ومن ديناميكيات الأزمة“.

 

العاملات في المؤسسات النسوية يواجهن تحديا مزدوجا: الحاجة الكبيرة للنساء في الميدان،  ومحدودية المصادر — هبة زيان

 

بينما تمثل محدودية المصادر تحديا آخر له تأثير أكبر، فحسب مديرة مكتب برامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة في قطاع غزة، نجد أن “المؤسسات النسوية بطبيعة تكونيها العملي ومناهج عملها لا تملك الكثير من المصادر لمساعدة الأسر مساعدة طارئة وعاجلة” في توفير الدواء، على سبيل المثال، أو المساعدات المرتبطة بالمسكن أو الغذاء وغير ذلك من المساعدات العاجلة.  وتشرح السيدة زيان:

“تجد النساء العاملات في المجال الإنساني أحيانا صعوبة في تزويد الخدمة. لذلك فإن إعطاء دور كبير للمؤسسات والمنظمات النسوية – والتي لديها طواقم نسائية مدربة على قضايا الحماية وقضايا توفير الخدمات عبر القطاعات وقضايا الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني – هو من الأهمية الكبيرة بمكان”.

 

ذلك سيغير، حسب مديرة برامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة في قطاع غزة، من طبيعة العمل الإنساني في حد ذاته، وفي طبيعة العون الطارئ بحيث يصبح أكثر استجابة لحاجات النساء. وتضيف الأستاذة هبة زيان أن “هناك العديد من الأمثلة من برامجنا ومن برامج المؤسسات الأخرى التي أعطتنا الدليل أنه عندما تكون النساء في الميدان، كمستجيبات طارئات أو عاجلات فإن الاستجابة تكون مصممة بطريقة أفضل.”

 

بوضع النساء في قلب العمل الإنساني، حسب الأستاذة هبة زيان، “يكون صوت النساء المتأثرات بالأزمة مسموعا بشكل أفضل، وبالتالي يتم تصميم البرامج بطريقة تلبي هذه الحاجات وتلبي تطلعات النساء والفتيات وتحميهن من الانزلاق نحو هشاشة وحاجة أكبر“.

 

النساء لسن ضحايا، بل هن قادرات على صناعة التغيير

وقد عملت الأستاذة هبة زيان لفترة تتجاوز الخمسة عشر عاما تغطي جوانب عديدة من تنظيم النساء، والمساواة بين الجنسين، وتقول إنها تتمنى أن يتم تصميم وتنفيذ وتخطيط العمل الإنساني ومتابعته وتقديمه بالنظر “من منظور النوع الاجتماعي، ومن منظور يخدم ويحمي مصالح النساء والفتيات ويعمل على تمكين النساء والفتيات، وحمايتهن من العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

 

أتمنى أن نضع دائما النساء والفتيات نصب أعيننا وندرك أنهن لسن ضحايا، بل هن قادرات على صنع التغيير — هبة زيان

 

لكي يصبح العمل الإنساني أكثر استجابة لحاجات النساء والفتيات، تقول الأستاذة هبة زيان “لابد أن يتم دمج منظور النوع الاجتماعي، وإشراك النساء والفتيات بشكل متساو وفاعل، وقائم على الكرامة الإنسانية وعلى مبدأ المساواة بين الجنسين”.  وترى مديرة برامج هيئة الأمم المتحدة بقطاع غزة أن ذلك ضروري جدا “حتى تتم الاستجابة العادلة لحاجة الجنسين وحتى يصبح العمل الإنساني ليس فقط حامٍ للمتضررين من النزاع ولكن ليمهد لفترة ما بعد تقديم العون الإنساني” أي فترة إعادة الاعمار وإعادة التأهيل وبناء المجتمع الذي تسوده علاقات قائمة على المساواة والعدالة بين النساء والرجال”.

 

تقول زيان في ختام الحوار “أنا أتمنى أن نضع دائما النساء والفتيات نصب أعيننا وندرك أنهن لسن ضحايا، بل هن قادرات على صنع التغيير”. وتؤكد أنهن قادرات على قيادة التدخلات وعلى جعل المجتمع أكثر أمنا وسلاما وحفظا لكرامتهن وحقوقهن الأساسية”.

  

قد يعجبك ايضا