فاض الكيل..جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

على خلفية العدوان على اليمن ومقتل الصحافي جمال خاشقجي أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قرار يوقف صفقات بيع أسلحة بقيمة اكثر من 8 مليارات دولار للسعودية والامارات، في خطوة تشكل صفعة للرئيس دونالد ترامب الذي من المرجح أن يستخدم الفيتو ضد القرار.

النواب الاميركيون الذين يشعر الكثير منهم بالغضب تجاه المملكة بسبب دورها في مقتل خاشقجي العام الماضي، أقروا ثلاثة قرارات توقف صفقات أسلحة أثارت الجدل بعد الإعلان عنها بموجب إجراءات طوارئ وبدون عرضها على الكونغرس.

وسبق أن أقرت هذه التشريعات في مجلس الشيوخ، لذا سيتم إرسالها في خطوة لاحقة إلى البيت الأبيض حيث من المتوقع أن يواجهها ترامب بـ”فيتو رئاسي” هو الثالث له منذ توليه منصبه.

ومع أن مجلس النواب وافق على وقف مبيعات الأسلحة بغالبية مريحة، إلا أن القرار كان يحتاج إلى 50 صوتا إضافيا ليحظى بغالبية الثلثين المطلوبة لتخطي “فيتو” ترامب.

وقال مساعدون بمجلس النواب إن الزعماء الديمقراطيين بالمجلس فضلوا البدء بهذه القرارات الثلاثة قبل غيرها لأن ذخائر الأسلحة الموجهة يمكن تسليمها على نحو أسرع، حيث يشتبه بعض النواب أيضا في أنه تم استخدام هذا النوع من الذخائر ضد مدنيين في اليمن.

ويدعم ترامب وإدارته عقد 22 صفقة بيع أسلحة منفصلة مع السعودية والإمارات، التي تصل قيمتها إلى حوالي 8.1 مليارات دولار وتشمل صيانة ودعم الطائرات المقاتلة وذخائر موجهة بدقة، في وقت يتصاعد فيه التوتر في الشرق الأوسط.

وتعرقل القرارات الثلاثة بيع ذخائر أسلحة موجهة من إنتاج شركة “ريثيون” ومعدات متصلة بها للدولتين.

لكن يرى منتقدو ترامب أن مبيعات الأسلحة ستزيد من حدة الحرب المدمرة على اليمن، حيث تقود السعودية تحالفا تدعمه الولايات المتحدة ضد اليمن.

فاض الكيل..جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

وتسببت هذه الحرب بحسب الأمم المتحدة في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقال إليوت إنغل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: “عندما نرى ما يحدث في اليمن، يصبح في غاية الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة أن تتخذ موقفا“.

العديد من أعضاء الكونغرس، بمن فيهم أعضاء في الحزب الجمهوري، أعربوا عن إحباطهم من دعم ترامب للمملكة العربية السعودية. كما زادت مشاعر الإحباط بعد مقتل خاشقجي المقيم بالولايات المتحدة وكاتب المقالات في صحيفة “واشنطن بوست”.

الشهر الماضي قال السناتور ليندسي غراهام إنه يأمل أن يسهم التصويت “في توجيه رسالة إلى السعودية بأنها إذا تصرفت بهذه الطريقة لن يعد هناك مجال لعلاقة استراتيجية“.

وكان السناتور يشير إلى مقتل خاشقجي على ايدي عملاء سعوديين، ما تسبب بأزمة كبيرة في العلاقات بين الرياض والغرب.

جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

فاض كيل الكونغرس من تفاقم الكلفة الإنسانية الكارثية للتدخل العسكري السعودي في حرب اليمن، وأصيب أعضاؤه بالفزع من تفاصيل اغتيال خاشقجي، حتى لا يكاد يمر أسبوع الآن دون أن يحاول المشرعون الأمريكيون تمرير إجراءٍ لكبح جماح المملكة.

لكن في كل منعطف، كان البيت الأبيض يعرقل هذه التحركات أو يتحايل عليها، وعلى طول الخط، وقف الرئيس ترامب بقوة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، حتى حينما وصلت الاتهامات الخطيرة باغتيال معارضين وارتكاب جرائم حرب إلى قلب القصر الملكي.

في المقابل، يبذل المشرعون الأمريكيون -من الحزبين- العديد من الجهود لتقييد مبيعات الأسلحة للمملكة، ومحاسبة بن سلمان، إلى جانب مسؤولين سعوديين آخرين رفيعي المستوى، عن وفاة خاشقجي.

فاض الكيل..جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

وحين فرضت وزارتا الخزانة والخارجية عقوبات على أكثر من 10 مسؤولين سعوديين لعلاقتهم بمقتل خاشقجي، أعلن أعضاء كثيرون في الكونغرس أن هذه الإجراءات لا ترقى إلى مستوى الإجراءات المطلوبة ضد المسؤولين الذين يشغلون أعلى المناصب في الحكومة السعودية.

ولم يستطع ترامب عرقلة قرارٍ ينهي الدعم الأمريكي للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، إلا باستخدام “الفيتو” في أبريل /نيسان الماضي؛ لأن سبعة جمهوريين في مجلس الشيوخ و16 في مجلس النواب انضموا إلى كل الديمقراطيين تقريبًا في كلا المجلسين لدعم التشريع.

حتى حينما استغلت الإدارة الأمريكية سلطات الطوارئ لتجاوز الكونغرس، وبيع أسلحة بمليارات الدولارات إلى الرياض في شهر مايو /أيار، فإنها أثبتت للجميع أنها عاجزة عن إقناع المشرعين بالموافقة على هذه المبيعات، في ظل الاتهامات الخطيرة الموجهة للمملكة.

ورد مجلس الشيوخ بتمرير عدة تدابير لمحاولة منع المبيعات، وهي خطوات لافتة للنظر ليس فقط لأنها جاءت مدعومة من الحزبين، ولكن أيضًا لأنها تأتي في خضم التوتر مع إيران، وهي الذريعة التي يستخدمها ترامب عادة للدفاع عن موقفه تجاه السعودية.

آل سعود في مرمى نيران مرشحي الرئاسة الديمقراطيين

هذا وأعرب العديد من مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع انعقادها في عام 2020 عن استيائهم صراحةً من نهج آل سعود. مثل: جو بايدن، الذي يتصدر المرشحين الديمقراطيين في المنافسة على البيت الأبيض، الذي يؤيد سحب الدعم الأمريكي لحرب اليمن، والمرشح كوري بوكر الذي يطالب بإعادة النظر في العلاقة بأكملها مع الرياض، والمرشحة إليزابيث وارين التي انتقدت دعم ترامب لاستمرار تدفق الأسلحة إلى الرياض لإرضاء مقاولي الدفاع الأمريكيين.

حتى المرشح بيت بوتيجيج، عمدة مدينة ساوث بند بولاية إنديانا، أعلن أنه لم يعد بإمكاننا بيع أعمق قيمنا من أجل الوصول إلى الوقود الأحفوري والصفقات التجارية المربحة. ووصف المرشح بيرني ساندرز -وهو راعي أحد قرارات مجلس الشيوخ بشأن اليمن- محمد بن سلمان بأنه مستبد قاتل، أدخل السعودية إلى محور القوى الاستبدادية.

الناخب الأمريكي غاضب

يحمل ثلثا الأمريكيين آراء سلبية عن السعودية حاليًا، وهي أعلى نسبة سجلها استطلاع غالوب على مدى ثلاثة عقود، فقد قال 4% فقط من المستطلع آراؤهم إنهم مؤيدون للغاية للمملكة العربية السعودية، وقال 25% إنهم مؤيدون في الغالب، بينما صرَّح 45% بأنهم غير مؤيدين في الغالب، وقال 22% إنهم غير مؤيدين تمامًا، فيما امتنع 4% عن الإفصاح عن آرائهم.

فاض الكيل..جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

ولم يكن أعضاء الكونغرس وحدهم من غضبوا لاغتيال خاشقجي، بل رفضت بعض شركات الضغط ومؤسسات الفكر التمويل السعودي احتجاجًا على اغتيال خاشجقي، وهو الحادث الذي يدرك القادة السعوديون أن الأضرار التي لحقت العلاقات السعودية الأمريكية جراءه أسوأ من 11 سبتمبر كما قال فراس مقصد، مدير المؤسسة العربية في واشنطن.

وقاطعت مؤسسات أمريكية كبرى مثل غوغل وأوبر وبلومبرغ وفياكوم وفورد قمة مبادرة مستقبل الاستثمار، والمعروفة باسم دافوس الصحراء، التي استضافتها الرياض يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

الزواج الأمريكي السعودي لن تعود كسابق عهدها

يقول المحللون ان الزواج الأمريكي السعودي قد يتعافى ويستمر، لكن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه أبدًا. لن يكون السعوديون عدوًا للولايات المتحدة، لكن بالتأكيد أنهم فقدوا مكانتهم كدولة حليف.

على جانب آخر قد تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفن آل سعود؛ ذلك أن تقديرات أمريكية وأممية خلصت إلى تورّط ولي العهد شخصيًا في مقتل خاشجقي، الذي كان مقيمًا دائمًا في الولايات المتحدة.

فاض الكيل..جمهوريون وديمقراطيون ضد ابن سلمان

ويمثل هذا الاغتيال خيانة وقحة للتحالف مع واشنطن، وهو يعادل الخيانة الزوجية، على حد قول عضو مجلس النواب رو خانا، المؤيد البارز لإنهاء التدخل العسكري الأمريكي في اليمن.

وهناك قلق بين المراقبين السعوديين من أن المملكة قد راهنت بإفراط على علاقتها الشخصية مع ترامب، وأن الدعم الأمريكي المفتوح لأسرة آل سعود يمكن أن يؤدي إلى خروج حليفهم الوثيق من البيت الأبيض في الانتخابات القادمة، كما يقول فراس مقصد، مدير المؤسسة العربية في واشنطن.

قد يعجبك ايضا