الحرب تتسبب في رحيل أشهر طبيب للأطفال بالحديدة !!
عاش معظم حياته فيها ، ودرس فيها وحصل على الترتيب الأول على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة لعام 1971م في مدرسة الثورة ليحصل على منحة دراسية خارج الوطن ، درس الطب في ألمانيا وعاد إليها ،،
عشق الحديدة وظل ملازما لخدمتها بعد عودته من دراسة الطب ، مدرسا للطب في المعهد الصحي واستشاريا لطب الأطفال في مستشفى الثورة ومعالجا لمرضى الأطفال في الحديدة ،،
بسبب الحرب في الحديدة وظرف دراسة أولاده خارج الوطن اضطر لمغادرتها وترك عيادته الطبية انتقل للسكن في صنعاء ، ولم ينقل عيادته المشهورة في مطراق الحديدة على أمل العودة إليها في القريب العاجل ،،
التقيت به في صنعاء وسألته عن حال الحديدة : فقال لي : امرأة كبيرة السن بالقرب من العيادة كنت ألقاها من وقت إلى حين في الشارع بالقرب من العيادة وأتفقد حالها فتجيبني : الحمد لله .. قبل مغادرتي الحديدة لقيتها وهي تحمل كيسا من الحصير على مهب في ظهرها فسألتها عن حالها فردت وهي تشير إلى الكيس ” الأجب ” الذي تحمله : ملانه تعبو ! أي التعب ملأ الكيس ولم تعد قادرة على حمله .. تلك هي الحديدة .
كنت كلما ألتقيه نتبادل السلام ب ” ملانه تعبو ” ونبتسم ابتسامة عتب على من أوصل تهامة إلى هذا الوضع المبكي ،،
سكن في صنعاء وقلبه وكل حواسه في تهامة ، يراقب متى ستعود تهامة ومتى سيعود إليها ،،
اليوم بعد الظهر مات الطبيب العاشق للحديدة قبل أن تتعافى الحديدة ، وودعها وودع صنعاء واليمن وكل الدنيا ، وحلق ملاك الرحمة مع الملائكة وذهب معها إلى الله .
كم هي الدنيا حقيرة وتعيسة يا صديقي ،،
وكم نحن تعساء وحقراء حين نلهث وراءها ،،
محمد جميل فارع المذحجي ،،
رحمت ، داويت ، عانيت بصمت ، وذهبت للقاء الله دون أن تخبر أحدا ،،
لروحك السلام والرحمة .