فريقهم في طريقه لإدارة المركزي ..هل يُخضع الحوثيون حكومة هادي اقتصادياً؟

المعركة الاقتصادية بين الأطراف اليمنية تبلغ ذرواتها، الحوثيون الذين يطمحون لكسب المعركة على غرار
العسكرية، أوفدوا فريقاً من البنك المركزي في صنعاء برئاسة محافظ البنك، وفي جعبتهم الكثير من القضايا؛ المتوقع إخضاعها للنقاش خلال اجتماع مشترك مع وفد بنك هادي، بإشراف صندوق النقد الدولي خلال الأيام المقبلة في الأردن.

أولها، كما يقول رئيس اللجنة الثورية التابعة للحوثيين، صرف مرتبات الموظفين، فتح الموانئ والمطارات
وإخضاع عائدات المنافذ جميعاً للرقابة المشتركة وتوريدها البنك المركزي، المتوقع خضوعه لإدارة مشتركة، كما تسوّق الأمم المتحدة.

لم يتوقف طموح الجماعة، التي تسوق نفسها لدى اليمنيين شمالاً وجنوباً، وهي تتحدث عن أبسط متطلبات حياتهم عند هذه الأساسيات بل تطمح لأن تخرج المفاوضات المقبلة بآلية تسند لكل طرف صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرته، وفق موازنة مقرة على مستوى الجمهورية، وجميع هذه المقترحات طرحها محمد علي الحوثي في سلسلة تغريدات.

أضف إلى ذلك حديث قادتها عن ضرورة الرقابة على الإيرادات النفطية والإنفاق على مستوى حكومتي الطرفين. هذه التصورات المبدئية تظهر الحوثيين كدولة تهتم بشئون مواطنيها، مقارنة بحكومة هادي التي لا يحمل وفد بنكها في عدن الكثير، وقد يكون مجرد نسخة أخرى من الوفد السياسي الذي ظل مجرد متلقٍ لتوجيهات التحالف خلال المشاورات الماضية.

فالوفد، كما تتحدث تقارير إعلامية، يسعى للاتفاق مع صنعاء حول توريد عائدات الضرائب، وبيع مخزون الخزان النفطي المتنقل في ميناء الحديدة “صافر”، والذي يحوي قرابة مليون برميل نفط، وحتى لو تحققت هذه المطالب فلن يمنح ذلك اليمنيين سوى المزيد من المعاناة.

فحكومة هادي التي وعدت الأمم المتحدة بصرف رواتب الموظفين مقابل نقل البنك المركزي إلى عدن في 2016، لم تصرف فلساً واحداً، وهي الآن تسوّق المزيد من التبريرات لإرهاق اليمنيين ممن يعتمد غالبية أسرهم على المرتبات كمصدر دخل، كما أنها حولت البنك إلى مصدر للإثراء من خلال المضاربة بالعملة، وباعتراف اللجنة الاقتصادية برئاسة حافظ معياد، التي كشفت عن تحقيق المحافظ السابق أرباحاً تجاوزت المليارات في غضون شهر، أضف إلى ذلك تقرير لجنة الخبراء الدوليين التي وسمت نجل هادي ونائب مكتبه للشئون الاقتصادية بأكبر هوامير الفساد في اليمن، من خلال نشر السوق السوداء للمشتقات النفطية في عموم اليمن.

مسرح الفساد في مناطق سيطرة حكومة هادي لا يوصف ولا مجال لسرده؛ فبينما تتقاسم الإمارات والسعودية عائدات النفط والغاز في أكثر المناطق اليمنية إنتاجاً، يحاول هادي ونائبه تقاسم إيرادات مارب وعدن، حتى وصل بهما الأمر للصراع على كشوفات وزارة الدفاع.

كما تحضر هنا شخصيات قبلية وعصابات نهب مركز، فيذكر اسم هاشم الأحمر عند الإشارة إلى منفذ الوديعة الحدودي، الذي كان يدر أكثر من 20 مليار سنوياً، عندما كان في أرذل فتراته، ويرجح أن تكون عائداته التي يرفض الأحمر توريدها إلى فرع عدن قد تضاعفت في ظل إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية الأخرى.

صحيح، تملك حكومة هادي الكثير من الأوراق الاقتصادية التي حاولت اللعب بها خلال الحرب، فمناطق النفط تحت سيطرتها، وغالبية المنافذ البرية والبحرية والجوية أيضا، كما هو الحال بغزواتها لنهب
نظام سويفت الخاص بالتحويلات المالية في بنك التسليف، وإضرارها بالتجار من خلال فرض شروط مجحفة بفتح اعتمادات في عدن، في محاولة لسحب أرصدتهم المالية، كما تقول جمعية البنوك التجارية.

وبغض النظر عن حجم الأضرار الجسيمة التي تسببت بها سياسة حكومة هادي الاقتصادية، والتي أوصلت اليمن إلى حافة المجاعة مع اقتراب 18 مليون إنساناً منها، كما تقول المنظمات الدولية، إلا أنها لم تستطع إركاع الحوثيين على مدى سنوات الحرب الماضية، واليوم تحضر الجماعة لقلب الطاولة وتوجيه الضربة القاضية لحكومة هادي والتحالف معاً، فرغم أنها لا تسيطر إلا على ميناء الحديدة ومطار صنعاء إلا أنها استطاعت حتى الآن فرض شروطها.

 

فالحصار البحري الذي فرضه التحالف على موانئ الحديدة في طريقه للكسر وبضمانات دولية ملزمة للتحالف بالسماح بتدفق المواد الأساسية والمشتقات النفطية التي عانى منها سكان المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء هذه أولا.

 

وثانياً بدأت الأمم المتحدة صرف مرتبات المعلمين وموظفي قطاع الصحة، وهذا بنظر محمد علي الحوثي غير كافٍ ويستلزم صرف كافة مرتبات موظفي الدولة.. سمح الحوثيون في الحديدة لإشراف أممي في الميناء مع أن العائدات ستورد إلى بنك المحافظة، لكن الثمن الذي دفعته حكومة هادي لقاء ذلك باهظاً، وليس الانسحاب وحده من الحديدة من ستقوم به حكومة هادي، فالمؤشرات على الأرض تؤكد أن الحوثيين في طريقهم لإجبارها على توريد كافة إيرادات المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقاسم تلك الموارد بين بنكي صنعاء وعدن، وهذا بحد ذاته انتصار كاسح للحوثيين، الذين حققوا لتوّهم مكسباً سياسياً باستلام الحديدة؛ وعسكرياً باقتحام الضالع والتقدم صوب عدن.

قد يعجبك ايضا