صمت دولي ومحاولات سعودية لتبرئة الوهابية من جريمة نحر الطفل زكريا
رغم مرور اكثر من اسبوع على جريمة نحر الطفل الاحسائي زكريا الجابر على يد وهابي في المدينة المنورة إلا أنّ المنظمات الحقوقية العالمية ووكالات الانباء الدولية التزمت الصمت ازاء هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت امام اعين والدة الطفل في المملكة التي تشكل حاضنة للفكر الوهابي التكفيري.
روايات متعددة قيلت عن حادث نحر الطفل زكريا الجابر فالرواية الاولى تقول :شهدت المدينة المنورة ليلة الخميس الماضي جريمة بشعة قام بها سائق سعودي اربعيني، ووقعت الحادثة في طريق سلطان بن عبدالعزيز حيث استأجرت المرأة سيارة للذهاب لزيارة مرقد النبي محمد ص وعندما صعدت قالت بسم الله الرحمن الرحيم توكلنا على الله، اللهم صل على محمد واله فألتفت لها ذلك السعودي وقال لها انت شيعية فقالت نعم فإستشاط االعين غضبا وبعد فترة اوقف السيارة بالقربب من احد المقاهي واخذ الطفل من امه بالقوة واستنجدت الام بالحضور والمارة وسط صرخات وعويل الا ان الوهابية لاغيرة ولا حمية لهم ولم ينجدها احد وكسر ذلك المجرم لوح زجاجي ونحر الطفل الذي لايتجاوز عمره 6 سنوات من الخلف وفاض الطفل بدمه وانهارت الام بشكل هستيري لايوصف.
فحسب هذه الرواية جريمة قتل الطفل زكريا طائفية ووحشية لا تختلف كثيرا عن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول اكتوبر الماضي. ومن الوارد كثيرا ان تقول السلطات السعودية بأن الفاعل مجهول او مختل عقليا وماشابه، لأن الطفل من الاحساء ومن عائلة موالية لمذهب اهل البيت عليهم السلام.. لكننا نقول اين حقوق الانسان وحقوق الطفولة ومنظمات المجتمع الدولي من ذلك؟
المكان الذي ذبح فيه الطفل زكريا
اما الرواية التي تطرقت اليها الصحف والقنوات السعودية المتلفزة فتحدثت فقط عن رجل مختل عقليا ومريض نفسيا فكتبت صحيفة البيرق السعودية :أقدم رجل في الاربعين من عمره مساء يوم الخميس، على نحر طفل بريء يدعة زكريا بدر علي الجابر يبلغ من العمر 6 سنوات أمام أعين والدته باستخدام زجاج أحد المحلات التجارية، بعد كسر واجهته وسط ذهول عدم تصديق لإمكانية حدوث مثل هذه الجريمة البشعة. والمعلومات الأولية تشير ان الطفل يسكن في قرية الشعبة بالأحساء، وأنه قادم من الأحساء مع أسرته لزيارة المسجد النبوي، جد الطفل المنحور كشف تفاصيل الحَادثة التي أقدم خلالها الجاني الأربعيني على انتزاع الطفل من يد أمه ونحره أمام عينيها في إحد المقاهي الواقعة بحي التلال في المدينة المنورة الوقود على طريق الأمير سلطان بن عبد العزيز بالمدينة المنورة. وقال جد الطفل لأمه ويدعى ناصر الفايز إن الأم تعمل بجدة وكانت برفقة طفلها “زكريا” البالغ من العمر 6 سنوات في زيارة للمدينة المنورة، وخلال تواجدها بالقرب من أحد المقاهي على الطريق قام الجاني وهو أربعيني بانتزاع الطفل من يدها بالقوة، وكسر زجاج أحد المحلات واستخدمه كأداة نحر بها الطفل. وأبان أن الأم حاولت إنقاذ ابنها واستنجدت بالمارة، غير أنها سقطت مغمى عليها بعد أن شاهدت الجاني ينحر ابنها أمام عينيها كما أنها تعاني من مرض في القلب.
واضاف جد الطفل أن أحد رجال الأمن تدخل واشتبك مع الجاني الذي ألحق به عدة إصابات بين المتوسطة والخفيفة موضحا ان أنه بعد ذلك حضر عدد من رجال الأمن وتمكنوا من السيطرة على الجاني والقبض عليه، لافتاً إلى أنه تم نقل الأم وابنها المتوفى إلى المستشفى، مشيراً إلى أنهم لم يعلموا بوفاة الطفل إلا مساء أمس بعد ساعات طويلة من الحَادثة. فيما قامت الأجهزة الأمنية في المدينة المنورة بتطويق موقع الجريمة، وباشرت تحقيقاتها وتحرياتها الأمنية حول الأمر، مبينة أن عدداً من شهود العيان أبلغوا الأمن بأنه أثناء جلوسهم في المقهى فوجئوا بالجاني يأخذ الطفل من يد أمه ويكسر زجاج محل تجاري وينحر به الطفل.
وعنون موقع المواطن السعودي ان مريضا نفسيا نحر طفلا في المدينة المنورة وإستشاري في الطب النفسي يعلق على هذه الحالة مضيفا: كشف عم الطفل زكريا المنحور في المدينة المنورة، عادل جابر، كواليس الحادث الذي راح ضحيته ابن أخيه. وقال في حواره إلى برنامج يا هلا على قناة روتانا خليجية: إن الحادثة وقعت في بقالة داخل المحطة، كانت موجودة فيها والدة الطفل وأخواتها، والجاني جاء وأخذ الطفل من عند البقالة، وكسر الزجاج الخاص بـ”الفاترينا” وحاول شخص من قوات الأمن التدخل لكنه أُصيب في الحادثة.
وتابع: عندما ذهبنا إلى المستشفى عرفنا أن الطفل توفي، وقالوا في واحد مختل عقليًّا نحر الولد في شارع الأمير سلطان، ثم ذهبنا إلى النيابة العامة قابلنا المحقق المختص بالقضية، وأبلغنا أنه استجوب الجاني لكنه لم يقل أي معلومة وما عرفنا شيئًا بعد ذلك، مشددًا على أنه لم يكن هناك سابق معرفة مع الجاني. وأردف عم الطفل زكريا: أن الحالة الصحية لوالدته سيئة جدًّا؛ لأنها مريضة بالقلب، وهي الآن في حالة تشبه الهستيريا، وأبو الطفل يبدو أقوى بعض الشيء عن أمه؛ لأنها شاهدت الحادثة أمام عينها.
ونقلت صحيفة “التواصل” السعودية تعليقات لاستشاري نفسي يدعى جمال الطويرقي على هذه الجريمة حيث قال، أنه المرضى النفسيين يجب أن يتم علاجهم، وتقييم حالاتهم النفسية، وأن لا يطلق سراحهم إلا بعد التأكد من شفائهم وعدم وجود أي خطورة منهم على المجتمع، كما حدث في واقعة نحر طفل بالمدينة المنورة أمام والدته.
وقال الطويرقي في مداخلة هاتفية له في نشرة التاسعة على قناة mbc، أن المريض النفسي إذا كان عنده انفصام حاد يجب أن يُحجز، ولا يتم إطلاق سراحه، حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه مضيفا : أن معظم الناس قالوا إن هذا الإنسان كان لديه تلفظات وسلوكيات منحرفة؛ ولذلك كانوا يتجنبوه، وأتمنى أن هذه الحوادث لا تتكرر”.
لكننا نقول الم يجد هذا المريض النفسي الذي نحر طفلا أمام والدتة في المدينة المنورة سوى هذا الطفل القادم من الأحساء؟ وهل الشهود العيان والمارة الذين لم يتدخلوا لانقاذ الطفل كانوا يعانون من نفس المرض؟
مكان ذبح زكريا ملطخ بدمائه
ووقعت هذه الجريمة في ظل تجاهل تام من قبل منظمات حقوق الانسان ووكالات انباء عالمية مثل رويترز وفرانس برس واسوشيتدبرس التي لم تقم بذكر الخبر في وقت قامت الدنيا ولم تقعد فيه على قتل وتقطيع الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلادة في اسطنبول بتركيا والتمثيل بجثته، حيث يرى مراقبون ان جريمة ذبح الطفل زكريا لا تقل فظاعة ووحشية عن قتل خاشقجي، مشددين على ضرورة التركيز على الفكر الوهابي الذي لا يميز بين صغير او كبير، ومنطقه المتمثل بالذبح والتقطيع، لتضاف هذه الجرائم الى سجل السعودية الاسود التي تديرها الوهابية في الاعدامات وسجن المعارضين والناشطين.
وفي ظل هذا التجاهل حملت منظمة “شيعة رايتس ووتش” المعنية بحقوق المسلمين من اتباع اهل البيت عليهم السلام، مسؤولية ما جرى من هذا العمل البشع الجهات المتطرفة في السعودية والجهات الرسمية الداعمة لها مؤكدة ان “ما جرى يعكس بشكل جلي مدى الاضطهاد والاستهداف الذي يتعرض له المسلمين الشيعة في السعودية بشكل يومي ومنهجي على يد الجماعات الوهابية والسلفية المتطرفة، لا سيما انها تحظى بدعم وتمويل مستمر من اطراف حكومية بشكل مباشر وغير مباشر”.
واضافت المنظمة ان “الجريمة على الرغم من فداحتها الا انها تعتبر نزر يسير مما يتعرض لها الشيعة في السعودية من اعمال قتل واستباحة للأنفس والاموال على خلفية طائفية بغيضة لا تراعي ابسط القيم الانسانية والتعاليم الاسلامية، الى جانب كونها تظهر مدى الحقد الدفين المترتب جراء التحريض الطائفي في نفوس الكثير المريضة والعقول المغسولة”.
واعتبرها الكثيرون الجريمة بانها نموذج صارخ أخر علی إرهاب الوهابية وأن هذه الطائفة المنحرفة ماتزال تسيطر علی المملكة علی الرغم من إدعاء قادتها بأنهم ينهجون منهج الاصلاح.
ونددت شخصيات سياسية ودينية بالجريمة واستنكرت صمت السلطات السعودية ومحاولتها تبرير الجريمة بالزعم ان القاتل كان مختلا عقليا الا ان شهود عيان اكدوا بانه كان بكامل قدراته العقلية وانه ردد كلمات وعبارات طائفية مسيئة ضد مذهب اهل البيت عليهم السلام.
وانتقد الکاتب السياسي، حميد الشاكر تكتم السلطات السعودية، قائلا :”لحد الان لا توجد أي صورة للقاتل، في حال أن هذا القتل عبارة عن فضيحة. كيف يعقل أن يقوم رجل عمره 35 سنة بذبح طفل في السادسة من عمره لم يقترف ذنباً سوی أن أمه من اتباع اهل البيت عليهم السلام. انها دوافع طائفية وأحقاد دينية”.
وصلاة الجنازة تحولت الى مكاشفة بشان الجريمة وحقيقتها والابعاد الطائفية التي ميزتها وانها امتداد لأحقاد تاريخية متأصلة لدی اتباع الوهابية التكفيرية وجرى تشييع الطفل المغدور وسط أجواء من التوتر فيما النظام السعودي مايزال ينتظر المحاسبة الدولية حيال جريمة ذبح الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول.
واخيرا نقول ان على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ادانة هذه الجريمة والضغط على الانظمة العنصرية ومعاقبتها لردعها وانقاذ المجتمعات المضطهدة خصوصا اتباع اهل البيت عليهم السلام التي تتعرض لعمليات ابادة جسدية ومعنوية في الكثير من البلدان.
وعلى السلطات السعودية وقف دعمها وتمويلها للجهات المتطرفة دينياً وفكرياً، ومراجعة المناهج الدراسية التي تحض على الكراهية، الى جانب وقف عمليات الاستهداف الطائفي ضد المواطنين من اتباع اهل البيت عليهم السلام.