ملف الأسـرى.. تطلعاتٌ وآمال
علي محمد المتميّز
ما خرَجَ به اتّفاقُ السويد في جولة المفاوضات الأخيرة بين الوفد الوطني ووفد مرتزِقة الرياض حَظِيَ باهتمامٍ كبيرٍ وبالغ من مختلف المكوّنات الرسمية والشعبيّة وحتى الدولية؛ كون مِـلَـفّ الأَسْـرَى مِـلَـفّاً إنْسَـانياً يُفترَضُ أن يكونَ خارجَ حسابات الساسة والعسكر الانتهازيين الذين لا يلتفتون إلى هذا المِـلَـفّ الحسّاس والموجع.
تضمّنت مجملُ الاتّفاقيات والمعاهدات الدولية حيّزاً لتناول هذا الموضوع، وكانت اتّفاقياتُ جنيف الأربع وبروتوكولاتُها الملحقةُ بها خيرَ شاهد على إفراد جزءٍ مُهِمٍّ منها للأَسْـرَى وجوانب التعامل معهم والطرق الكفيلة بإنهاء معاناتهم وإرجاعهم إلى بلدانهم ومواطنهم في ظل الحرب وهو موضوع محوري تفرضُه وقائعُ الحرب والصراع في شتى أصقاع الأرض.
وبالرغم من وجود كافةِ العوامل الأَخْلَاقية والإنْسَـانية التي توجبُ على كُلّ مَعْنِيٍّ أن يجعلَ في أولى أولوياته الإسراعَ والمبادرةَ في إنجاز كُلّ الخطوات الكفيلة بإنهاء هذا المِـلَـفّ وإغْلَاقه على قاعدة (لا غالبَ ولا مغلوب).
وخلالَ جولة المفاوضات، قدّم وفدُنا الوطنيُّ ما أمكن من حلولٍ بناءً على هذه القاعدة غير أن الأدواتِ التابعةَ للعدوان ونتيجةً لجُملة من الأسباب أبرزُها أنهم غيرُ مخوَّلين في البتِّ في أي تفصيل، دَعْ عنك البتَّ في قضية أَو مِـلَـفٍّ بأكمله وتحتاج قبل كُلّ شيء إلى إذن مسبق للإقدام على أية خطوة بهذا الصدد، وهذا يضاعفُ ويزيدُ من العقبات أمام إنجاز المهمة، حَيْــثُ تعمد دول العدوان إلى التخفي خلف المرتزِقة في هذا المِـلَـفّ بالرغم من وجود أَسْـرَى لهذه الدول، غير أن حالةَ الإهمال واللامبالاة والفرعنة السياسيّة لحُكّام دول العدوان أوصلتهم إلى حالة مُخيفة من نُكران الجميل حتى لجنودهم وأسراهم، كان آخرها قضية الأسير موسى عواجي الذي تجاهلته حكومته وتجرّدت من كُلّ القيم وتلحق به الضرر نكايةً في الأنصار ومحاولة بائسة لصرف الأنظار عن الموضوع، فجاء رد السيد عبدالملك بمبادرة إنْسَـانية غايةً في السمو والرقي بإطلاقه دون شروط ولوجه الله، وهذا شاهدٌ بارزٌ على منطلقات الطرفين تجاه هذا المِـلَـفّ.
والسؤالُ هنا: هل لدى المرتزِقة ومن يفاوض منهم في هذا المِـلَـفّ إحساسٌ ولو مُجَـرّد إحساس أن دول العدوان تلتفت إلى اسراهم أن كان هذا تعاملهم مع أحد جنودهم والذي أكدت الشواهد أن قيمته عندهم تساوي أضعافاً مضاعفةً من قيمة صرف الريال السعوديّ مقابل الريال اليمني إذَا تم قياس ذلك مجازاً بالمرتزِقة.
وبدلاً عن المناورات السياسيّة والفهلوة المقيتة لدول العدوان وعبر مرتزِقتهم الرخيصين يُفترَضُ بمن يرعَى الاتّفاقَ ويصر على إنجاحه فضْحَ طرف العرقلة والتأخير وعدم اللعب على مشاعر وأحاسيس آلاف الأُسَرِ المنتظِرة على أَحَرَّ من الجمر لعودة أحبائها وأَبْنَائها والمبعوث الأُمَـمي مخيّر بين أن يكونَ له بصمةٌ إنْسَـانية تدفعُه لإنجاز المِـلَـفّ بشتى الوسائل أَو العودة بخيبة أمل مدوية وبكارثة إنْسَـانية له ولمنظمته الأُمَـمية التي يبدو أَنَّهَا تنتهجُ سياسةَ التملُّق والمحاباة لطرف العدوان وهو من لا يرعى الجميل ولا يبالي بما تعهد به أَو وقع عليه.
ودعوتنا المخلصةُ أن تتكلل جهودُ المعنيين من الوفد الوطني بالنجاح والتوفيق، ويكفينا فخراً أن لدى السيد عبدالملك وعلى مدى الحروب الممتدة خلال الفترة الماضية والحالية رصيداً قَلَّ نظيرُه في إطلاق الأَسْـرَى وتقديم المبادرات الأَخْلَاقية والإنْسَـانية التي تسمو على الجراح وتنبئُ عن مكنونِ القِيَمِ والأَخْلَاق التي يتمتعُ بها قائدُ المسيرة وأنصار الله.
وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقِيْن.