المرتبات.. ملف يطفو على السطح مجدداً فأين هي؟
المرتبات ملفٌّ يطفو على السطح مجدداً بين متعنّتٍ يعرقلُ ويعطل، ومزايدٍ يحملُ الضحية ويحاولُ إعفاء تحالف العدوان أو في أقل الأحوال يتجاهلُ إجراءاته الظالمة، وثالثٍ متمسكٍ بضرورة حلّ وضمان استمرارية صرف مرتبات كل الموظفين مدنيّين وعسكريين، من إيرادات اليمن السيادية من النفط والغاز، بدلاً من نهبها وتوريدها إلى بنوك الخارج وحسابات سماسرة الداخل من مرتزقة العدوان.
عند هذا الملف توقفت المفاوضاتُ الثنائيةُ اليمنيةُ السعوديةُ بوساطةٍ عمانية، وفق تصريحٍ سابقٍ للرئيس المشاط، ذلك أن السعودية ومن ورائها أمريكا ومعها الإماراتُ وبريطانيا وفرنسا، يريدون استمرار مسلسل النهب لثروْات البلد السيادية من النفط والغاز، فيما حاولت السعوديةُ أن تقدم نفسها راعية سلامٍ، ومملكة خيرٍ بدفع مبلغٍ كما لو كان مكرُمة أو صدقة لتخدير صنعاء، وهو ما رفضته الأخيرةُ، وذلك لم يعد سراً على أحد.
وما بين المقاربات غير العادلة، والعراقل اللامحدودة من قبل تحالف العدوان، يبقى أكثرُ من مليونٍ وثلاثمائة ألف موظفٍ بلا مرتبات، منذُ سنوات. ويُرادُ لهم أن يبقوا كذلك لسنواتٍ إضافية، وهو ما ترفضُه صنعاء، وفرضت لأجله معادلة حماية الثروة، وتسعى لفرض خياراتٍ ضاغطة، لفك يد التحالف أو ربما قطعها عن حقوق الشعب الإنسانية والقانونية، التي لا يُفترضُ أن تخضع للمساومات في بازار السياسة.
حقيقةٌ جليةٌ وواضحةٌ يتجاهلُها البعضُ وينسون أن منابع النفط والغاز وإيراداتهما تحت سيطرة العدوان وأدواته، إيراداتٍ كانت تغطّي قرابة تسعين في المئة من مرتبات موظفي الدولة.
ورغم شح الإيرادات، فإن صنعاء تسعى بين الفينة والأخرى، لتغطية جزءٍ من مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى، إلى جانب تشغيل مؤسسات الدولة والحفاظ عليها، وتوفير الممكن من الخدمات، وتشجيع المبادرات التنموية، ورفد جبهات المواجهة لتحالفٍ إقليميٍّ دوليّ.
ثمة هدفٌ سياسيٌّ يريدُه التحالفُ من وراء استمرار تأزيم هذا الملف، وعدم حسم الملف، فهو مع الوقت يراهنُ على انفجار الشارع في وجه القيادة بصنعاء، غير مدركٍ أن الضغط والعرقلة قد تفجرُ خياراتٍ إضافيةً لا تقفُ عند منابع الثروة في اليمن، بل قد تمتدُّ إلى منابع ومصالح المعطّلين لهذا الملف وغيرها من الملفات الإنسانية، وسبق أن أكد قائدُ الثورة أنه لا استقرار اقتصاديٌّ في دول العدوان من دون السلام في اليمن، والسلامُ يبدأُ من الملفات الإنسانية وفي مقدّمها المرتبات.